٢٧‏/١٢‏/٢٠٠٨

انتبهوا.. سمير طحان


"على اعتبار أن مكتبتي معرضة للغزوات الثقافية من قبل أصدقائي على الدوام فإن ما يتبقى دائماً منها هو تلك الكتب الكاسدة التي لم يقبل أحد حتى بسرقتها، لم يتنازل أحد وطلب استعارتها، باستثناء كتاب واحد ضخم طلب مني العديد استعارته ولكني لسبب غامض كنت أرفض، هو كتاب ( مجمع العمرين) للشاعر والكاتب السوري الحلبي سمير طحان، كان هناك وعد لنفسي بقراءة هذا الكتاب في يوم من الأيام،

كان الفضول ينتابني لأعرف مالذي يكتبه هذا الرجل المبعَد بقدرة قادر عن الأوساط الثقافية، ما حدا بيجيب سيرته.. لا بحق ولا بباطل، ويعني وإذا أجت سيرته بتنقضى مع اللي عم يحكوا بكلمتين تلاتة، أو بحديث قصير عن حادثة بتر يديه وفقدانه للبصر بسبب انفجار لغم كان يركبه على الجبهة في يوم من أيام 1970وخلص.. بس .. انتهى الموضوع، ولم يكن لدي ما أضيفه حقاً سوى إحترامي الشديد لقوة ضربات قلب هذا الرجل، بل إنني كنتُ في بداية الثمانينات في حالة جفاء تجاهه بسبب طنطنة الإعلام بالحديث عن سيدة أحبت هذا الرجل الأديب المحتاج إلى رعاية خاصة بسبب وضعه الجسدي الخاص، بل ووجد الإعلام في زواجها منه قمة التضحية، المهم مالكم بالطويلة فإن المخلوقة ما طلعت ملاك، وطلعت كل مقالات الصحفيين عنها علاك بعلاك، فلقد شفطت كل ما يملك سمير من بيت في حلب وشاليه عالبحر والأهم من ذلك أخذت معها مخطوطات لسمير نتمنى أن تعيدها ومسامحة بالبيت والشاليه يا أختي، اختفت..واختفى اسم سمير طحان أيضاً بعد أن كان نجماً أدبياً نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، بقيتُ اسمع أغانيه التي يلحنها سمير كويفاتي وتغنيها ميادة بسيليس، وكنت قد قرأت تجاربه الشعرية الخاصة، وبعض الحكايات الشعبية الحلبية التي كان يحررها، لكن وقبل كم يوم أحسستُ بحاجة إلى قراءة كتاب ما، مو شعر ولا قصة ولا رواية ولا فلسفة ولا صحافة حتى..ما بعرف شو بدي أقرا، أمسكتُ بكتاب مجمع العمرين على مضض بغاية تصفحه، وفتنا بالحيط يا شباب وما طلعنا منه ألا وأنا وخالص من الكتاب، 670 صفحة بالتمام والكمال من التمتع بفن الكتابة.. نص مفتوح على كل الإحتمالات.. رواية حديثة تماماً.. سيرة موضوعية كما سماها.. وهذه عكس السيرة الذاتية، وفي الرواية كل ما شاهد سمير وأحس، كل ما تعلَّم وعلَّم، مكتبة في كتاب كما قال ناقد فرنسي عنه، فيه الشعر..فيه القصة..فيه السيناريو السينمائي واللقطة التلفزيونية والوقفة الفوتوغرافية والألوان التشكيلية، فيه الحداثة إلى أبعد مراميها..والتراث إلى أعمق أغواره..وتتعلم وتتعرف على بلدك سوريا كما لم تتعرف عليها من قبل، وتتمتع بالتراث الشفوي الحلبي أيما متعة، فسمير ليس كاتباً روائياً عظيماً فحسب، وليس من كتّاب السيرة رفيعي المستوى كبروست أو أنطون دو سانت أكزوبري فقط، بل هو باحث إجتماعي وعالم شعبي شاءت له الظروف أن يبقى حياً فشكر الله على هذه النعمة بالكتابة، كتابته فعل شكر عميق للحياة التي يعيشها، لا فعل تذمر وشكوى، فعل إرتقاء إجتماعي بنَّاء لا فعل إنتقامي هدّام، في كل صفحة هناك درر شفوية شعبية مصاغة بمهارة شديدة وحساسية خاصة، واللغة.. لا تحدث..شيء يشبه السحر لروعتها وسلاستها وغناها وعراقتها وجدتها وحداثتها، ولن أحدثكم أكثر عن هذا الكتاب الصادر عن دار كنعان بدمشق، لكنني سأحدث أولي الأمر في حلب عاصمة للثقافة الإسلامية، وفي دمشق عاصمة للثقافة العربية، لماذا لم تنتبهوا إلى كنوز سمير طحان؟!! وأسأل من جديد هل هناك من أمل في مؤسسة لحفظ التراث ونشره اسمها سمير طحان؟!!! قولوا انشالله!!"

٢٥‏/١٢‏/٢٠٠٨

أدونيا والجمهور والمعهد السينمائي


"والجمهور العربي يا حبيبي من المحيط إلى الخليج، وحسب إحصائيات ودوريات وكبسات واستفتاءات شركة ما بعرف شو اسمها اختار باب الحارة 3، كأفضل عمل!!!!!، إي والله بدها تعجب، بس شو بدك هيك بده الجمهور، عايز كده، أنت أخو مراقه شي؟! الجماعة طاير عقلهم بباب الحارة، رغم اغتيال أبي عصام، كما قالت الفنانة صاحبة الجمهور الكبير سلمى المصري، وهي تقدم الجائزة لابن عمها العكيد الرائد هشام .. سامر المصري، والذي أهدى الجائزة إلى روح أبي عصام المتجلية على هيئة عباس النوري في الحفل، وصفق الجمهور،

ثم انتظر مسلسل التشويق في توزيع الجوائز، فكان صعباً علينا أن نتوقع الفائز لقوة المنافسة بين المرشحين، حتى فاز بجائزة أحسن ديكور الفنان التشكيلي هجار عيسى عن لمساته السحرية على سحارة الحصرم الشامي، فقلبها إلى كريستال، وشكر هجار شيخ المخرج هيثم حقي على اختياره لتصميم مناظر هذا العمل، الذي كتبه الكاتب المقاتل فؤاد حميرة، وأخرجه المخرج الجلف سيف سبيعي، ودوكره الفنان العصبي هجار، فكمل النقل بجائزة الزعرور الذهبي لأحسن ديكور، وصعد نزار واوية ووالده أحمد ابراهيم أحمد المعروف بأبي القاسم لاستلام جائزة أحسن تصوير وإضاءة، وأقول والده لأنهما ظهرا كذلك لأقوياء النظر وللابسي الكزالك، فظهر الفخر والاعتزاز بالولد على محيّا أبي القاسم، وهو يرى نزار حاملاً الجائزة كما لوأنه يحمل كأس العالم بكرة القدم، وظهر الأدب على هيئة الفتى نزار، عندما قال كلمته باختصار شديد (شكراً)، تاركاً المجال للوالد كي يطنب في التفصيلات .. فكانا في قمة التآلف والإنسجام ، الاحترام، هذا غير أنو أبو القاسم حب يطنبر نزار شوي وينفخه عالمسرح مشان يشتغل معه بمسلسله القادم .. حاكم مبروك .. الوالد .. أبو القاسم ما غيره .. صار مخرج، وزلغط المهرجان من ركن الدين إلى السبع بحرات، وكسرنا ورا أبي القاسم سبع جرات، مشان ما يرجع عالإضاءة بحياته، ويعيش عيشة المخرجين المريحة، ويترك كار الكهربجية الهفتان، على اعتبار أنو فاز بالذهب وختم الكار، ويا كريم ويا جبار على أفضل نص، واستلمه عن الكاتب فادي قوشقجي الزير سلوم حداد عن مسلسل ليس سراباً، وكانت المنافسة قوية من أسمهان وزهرة النرجس وأولاد القيمرية، وكانت صعبة التوقعات بهاللحظات، تماماً متل ما صعبت لاختيار أفضل إخراج، وكان بالميزان بوب الملقب برامي حنا، وبيبو الملقب بالمثنى الصبح، بس اللجنة اختارت برشا برشا التونسي المكنّى بشوقي الماجري عن مسلسل أسمهان، فكان ما كان من أمر شوقي الذي شكر سورية، لأنها تعاملت معه كسوري، بل وفضلته لجائزة أحسن إخراج، فكان الكريم مكرَّماً، وضجت الصاله بالعواطف والوطنيات، ثم توقفت القلوب للحظات لنتعرف على أفضل عمل متكامل، وتنافست خلال دقيقتين المسلسلات، ففتنا بالحيط لتقارب المستويات، وفاز بيبو من جديد عن مسلسله المفضل على قلوب عائلتي الصغيرة (ليس سراباً)، وصفقتُ من كل قلبي لبيبو، وقلتُ هاردلاك لبوب، وتذكرتُ كم أن هذا الشاب كافح في هذه الحياة، وكيف درس الإخراج في أكاديمية هيثم حقي الحرة، وتابع الماجستير عند حاتم علي كمسؤول ملابس، وبعدها كسكريبت، ثم تدرج في المناصب فأصبح مساعداً للإخراج، وظبطت أموره فأصبح مخرجاً منفذاً، ثم دارت به الأيام فصار مخرجاً مساعداً، يعني فهمان، وبعد أن صار عوده قاسياً ولحمه مراً دخل إلى السوق كمخرج ونال الإعجاب والتقدير، وفاز عمله بالجائزة الكبرى، ويا حسرتي على شبابنا الموهوب اللي ما كان يفتحوا لهم معهد سينمائي تلفزيوني بهالبلد.. وهيثم حقي موجود!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!"

٢٣‏/١٢‏/٢٠٠٨

أدونيا .. المودّة المستحيلة


"بدا في هذه الدورة، أنَّ تعبيرات النجوم المتخاصمين الودية تجاه بعضهم البعض لم تكن شكلية، فالجوُّ العام الذي شكَّلته هذه الجائزة سواء بالتنظيم أم بالتقديم، فرض احترام الآخر.. بل وربما بثَّ طاقة المودة المستحيلة، فأنت تعرف أنَّ فلان ما بيحاكي فلان لو طبقت السما على الأرض، لكنك تجده في أدونيا، وهو دايس على بساطها الأحمر ودوداً لطيفاً ومحترفاً.. ودخلنا يا معلم عالفورسيزنز حيث الاحتفال،

وبلشت طقطقة الصور للنجوم والمقابلات على الأبواب، وجلسنا على الطاولات بعد أن أخذنا كرتاً عليه رقم طاولتنا، فوجدنا بتم القاعة بنات ظريفات لطيفات قُمْنَ بتوصيلنا إلى أماكننا بدون ما يشغِّلن العداد، وقام هذا العام الفنان أيمن رضا بتقديم الحفل الذي كان لي أن كتبت له تقديماته، وكنت قد سألت أيمن عن الموضوع الذي يفضِّل أن نحكي فيه هذا العام بعد أن حكينا مع باسم ياخور العام الماضي عن سيرياوود والبيوت الشهيرة التي يتمُّ التصوير فيها من بيت أبو شاهر لبيت أبو سعيد فأجابني أيمن فوراً بأنه يحب أن يحكي عن الكومبارس، وبدأ وبدأت بالكتابة معه: دايماً بيقولوا لي شو بحب أحكي بنهاية اللقاء، يعني بس ينتهي اللقاء بيقولوا لي شو بحب أحكي، يعني بيسمحوا لي طول اللقاء أحكي الأشياء اللي ما بحب أحكيها، وبنهاية اللقاء بيسألوني شو بتحب تحكي أستاذ.
وقال كمان: بالمناسبة بينادوني أستاذ.. بس ببداية كل لقاء بيسألوني ليش مالك دارس معهد أستاذ؟!.. بروح برد: والله تالله ومحمد رسول اللهِ أني دارس معهد وخريج ومعي ليسانس متلي متل زميلي بنفس السؤال الأستاذ المجاهد أندريه سكاف.. بس مشكلتنا أنا وأندريه أنو شكلنا هيك.. شعبي.. بلدي.. ما في هيئة نجومية.. يعني كومبارس. وبعد ذلك تحدث أيمن عن الكومبارس. الكومبارس السوري الذي حدثتكم عنه من يومين، وعن أم سمير وأكاديميتها للثروة البشرية. ثم قدم الفنانين الذين سيقدمون الجوائز، فقال عن قيس الشيخ نجيب: خاص بس مو معقد، هادي بس جواته في بركان، حليوة بس فهمان، نجم بس طبيعي، محبوب بس في بإيده كتاب. وقال عن كاريس بشار: بس تبعت لها شركة الإنتاج نص لتقراه مشان تشارك فيه بيتعاوذوا بالشيطان، لأنها بتقرا كل شاردة وواردة، وما بتوافق على حيالله، وإذا وافقت بتقعد بتناقش بالشخصية عن جد، وبتعل له قلبه للمخرج قبل التصوير، بس بالتصوير غزالة. جائزة أفضل نص تقدمها لكم الفنانة المحبوبة كاريس بشار. وقال عن لورا أبو أسعد: فنانة ألها الفضل بإدخال الدب التركي لكرم الدراما العربية.. هي اللي جابت نور ويحيى ومهند ولميس ونطقتهم بالعربي، من المفروض تكون عم بتقدم جائزة بمهرجان أنطاليا بتركيا مو هون نظراً للخدمات الجليلة اللي قدمتها للدراما التركية، بس على اعتبار أنو الدم بيحن فإنَّ جائزة أفضل ممثل دور تاني ستقدِّمها لكم الفنانة المميزة لورا أبو أسعد. ولم ينته الحفل ولنا فيه كلام، لكن اليوم أخدنا أيمن رضا ..أبو همام."

٢٢‏/١٢‏/٢٠٠٨

الغش الحلال


"لا أعرفُ وقتاً أصبح فيه الغش حلالاً أكثر من وقتنا هذا، فهو لم يعد منتشراً بشكل كبير فحسب، لا .. لقد أضحى قانوناً يعزف عليه كل الذين بطَّخوا في منافسات الحياة ليخلصوا حالهم حتى ولو على حساب إسقاط المنافس في حفرة أو جورة أو بئر عميق، وفي كرة القدم بدا لفريق ريال مدريد الملكي أنَّ الحل هو قتل ميسي الموهوب، فكان ذلك لهم عبر ممارسة ضربه على عينك

يا حكم حتى يكره ميسي الكرة، كرَّهوه الطابة وهو الذي سرُّهُ أنه يحب الطابة، وغشوا الحكم، وغشوا جمهورهم، وغشوا أنفسهم، لكنهم في النهاية خسروا، وفي الثانية الأخيرة عاد ميسي إلى معشوقته وأحرز الهدف الثاني عليهم وليخسأ الخاسئون، روح.....لكن كيف أصبح الخطأ مشروعاً في كرة القدم، لأن الخطأ مشروع في الحياة، لكن تعمد الخطأ هو الممنوع، هو الغش، هو الحرام، فكيف أصبح الغش في هذه الأيام حلالاً، الحكام يطردون المخطئين بعد تكرار الخطأ وتنبيههم ثم إنذارهم، ويطردون الغشاشين بالتأكيد فوراً، لكن تعال والقطه، تعال واقتنع أنو الزلمة مو غلطان طبيعي من تبع النوايا الحسنة، هذا إذا لم نتحدث عن حالات التواطؤ عندما يكون الحكم بحد ذاته غشاشاً من أجل حفنة من الدولارات،
والكل بات يمرِّق الغش والغشاشين مع أن الطرد هو نصيبهم من جنة الألعاب، لا مكان للمخادع في أية لعبة من الألعاب التي نعرفها في الحياة، لكن دائماً ترى المخادعين يلعبون واسم الله عليهم، بل ويشار إليهم بالبنان إذا كان عندهم شي صاحب بيشتغل بالصحافة والإعلام، وبالطبع ستراهم يمشون مختالين متباهين خبباً في أروقة أوساطهم مرموقين محسودين من قبل أمثالهم من الغشاشين الذين مالهم بالطيب نصيب حالياً، لكن الأيام جاية.. في أمل، فلكل مجتهد نصيب.. حتى لو غشاً، وحلال عالشاطر.. حتى لو حراماً، ويعتقد المخادعون أنهم أذكياء، وأنهم محترفون، وأن حفرهم التي حفروها لأشقائهم لن يقعوا فيها، وذلك لأنهم بلا مبادئ، لا يصدقون الكلام المبين، ولا يسمعون قول الأولين، لا يحترمون أهاليهم الذين ربوهم فظهروا أمام الناس بلا تربية، ولا يقيمون اعتباراً للناس وللمجتمعات التي يعيشون فيها فيظهرون بمظهر عديمي الأخلاق الوقحين غير المبالين، ولمَ لا.. فهذا وقتهم، وهذه أيامهم كما يقولون، ويا فرعون مين فرعَنك؟!.. فرعَنَك أبو ملعون، والغش حرام، حتى لو ركبوا له ستوبات من ورا، وأضواء من قدَّامْ، والغشاش مبهدَل وبشع، حتى لو زينوه وكشكشوه وشلبنوه وسشوروه وعالراس حطوه، بيضل بعيرعنكم بعير، حتى لو ركَّبوه على الحمير، ومشّوه عالحصير، ومسّكوه الأمور، وقالوا له يا قمّور، لأنو وقت الجد لن ينفع البعير كل هذا المكياج المخادع، وستظهر للناس تلك الحردبة التي يقولون لها سنام، فإذا استطاع إخفاءها ما عليك سوى برمي كومة شعير أمامه وستراه كيف سيطخّي ويأكل ويأكل ويأكل حتى تظهر حردبته للعيان وتصرخ: ولك بس يا فجعان.. فضحتنا. لا.. لا يمكن للغش أن يصير حلالاً حتى لو كان سلاح العاجزين غير الموهوبين التافهين..لأنه ببساطة..حرام."

١٩‏/١٢‏/٢٠٠٨

على وجه صديقتك



ولا تطلب ورقة
اكتبْ على كفّكَ
على وجه صديقتكَ
على الجدارْ
.
على بنطال امرأة بجانبكَ
اكتب على أي شيء
كأنما الصينيون لم يخترعوا الورقْ
لم تعد هناك فائدة
ترجى من هذا القلب
فهو لم يعد يشعر بالحزن
ولا بالفرح
لم يعد يدق بقوة
من أجل حب مفاجئ
ولم يعد يخمد وينطفئ
عند كل خيبة
لا فائدة ترجى من هذا القلب
سوى أنه يضخُّ الدماء
إلى هذا الجسد البائس
الذي لا يريد أن يعيش

أكتبُ شيئاً ما
عن امرأة قابلتُها البارحة
أكتبُ وقد فرحتُ لأنني نسيتكِ
أكتبُ وأنا أتجاهلُ
أن هذا القلم اللعين
لن يكتب عن سواكِ
بين خيوط المطر
وأمام الرياح الباردة
سأظل أتذكر
وبندم لا يوصف
أنكِ خرجتِ من المنزل
بثياب خفيفة جداً
أحبكَ
ولكن لا أستطيع أن أراك
أحبكَ
ولكني لا أريد أن تزعل أمي
أنت تعرف.. إنها أمي
أحبكَ.. أحبكَ
ولكن أرجوك لا تكلمني هاتفياً
كل الطيور التي أحببتُها
هوَتْ
وكان صوت ارتطامها بالأرض يقتلني
إلهي.. لا تجعلني طيراً
لا تجعلني من يعلو عن الأرض
وهو يعرف بأنه يوماً ما.. سيقعْ
كنت بحاجة لأسألَكْ عن هاد الشي اللي كتير بيشبهكْ
وبعد ما رحتْ وتركتني وحدي.. شفتُه
كتير بيشبهك.. روحه متل روحك
مشان هيك حسيته ميّت متلك
وخفت أني أضل عم حبّه وبعدين ما أشوفه قدامي
كتير هلأ بحاجة لألَكْ وبحاجة لألُه
بحاجة لألُه لأنو بيشبهكْ
وبحاجة لألَكْ مشان تخلّصني منّه

إنني نادم
دائماً
كل يوم
كلما تذكرتُ البارحة
على كل الأحجار
سأرى حروف اسمكِ
وعلى كل الوجوه
سأرى ملامحكِ
بعدكِ
سأحب الجدران والأشجار وإشارات المرور
بعدكِ
سأحب أي شيء
لا يخفقُ له قلبٌ
وساعة يشاءُ
يتوقف عن الخفقانْ

تحت شجرة الورد
سأدمي أصابعي
وأنا أقطف الورد لكِ
تحت شجرة الورد
سألمُّ باقة كبيرة
وأرميها أمام باب بيتكِ.. الخالي
تحت سقف واطئ
كنا ثلاثة
أنتِ وهو .. وأنا
كان يتمسك بي أن أبقى
وكنتُ أعرف أنكِ تريدين مني المضي
كنتُ أعرف بأنكِ تحبينه
وكان يعرف بأن حبي لكِ
أرسخ من صخور عاشت مئات السنين
نظر إلي وقال: بأنه لا يحبكِ
ولا يريدكِ
كنت تبكين
وكنت أتفتتُ
مثل صخور تئن تحت المطارق
منذ مئات السنين

١٨‏/١٢‏/٢٠٠٨

قنادر اليأس.. أحذية الإحباط



الصحفي الشاب الشهير منتظر الزيدي في السجن، وهو يعاني، يعاني من آلام مبرحة بعد الاعتداءات الجسدية التي مارسها حراس العراق الجدد على جسده، فهناك كسور.. وهناك ضربات على العين، وضربات على الراس، لا نعرف ما الذي تعطَّل من جسده وما الذي بقي على حاله، بينما تعقد الندوات لشرح ماهية الانتصار، وفي نهاية الأمر يصبح كل شي عالعين والراس بمعية القندرة تبع منتظر، بل وأصبحت كل القنادر على العين والراس بسببها، لكن شو مشان الشاب منتظر؟!.. شو مشان المئتي مليون فيلسوف في شؤون القنادر، شو مشان الندوات التي تُعقَد حول القندرة، شو مشان تحويل هذا الفعل اليائس المُحبط إلى انتصار، وهل نظلم الفتى إذا قلنا إنه فعل فعله هذا في حالة يأس وإحباط وتشاؤم ندر أن تجتمع في إنسان عبر التاريخ إلا الإنسان العربي الآن؟!.. ألا يشبه ما فعله الشاعر الراحل خليل حاوي عند حصار بيروت عام 1982 وسط صمت عربي مهين فانتحر احتجاجاً وياساً وإحباطاً، فكان احتجاجاً نبيلاً مهيباً حزيناً، لكنه كان تتويجاً للحظات مريرة من اليأس والإحباط، أولا يشبه ذلك لاعب الكرة المخلص الذي يرى فريقه غير مبال بالهزيمة الكبيرة، ويرى في نفس الوقت أنه لا يستطيع أن يقلب النتيجة وحده، فراح سالخ الحكم قتلة من كعب الدست قبل انتهاء المباراة كنوع من أنواع فشة الخلق له ولجماهير فريقه المهللة والفرحة والسعيدة، مع أنَّ النتيجة بقيت على حالها كما قلنا في مقالنا الأول عن حادثة القندرة 100 صفر لصالح بوش، أم أنه لا يشبه مسرح فشة الخلق أو التنفيس في أحواله النظيفة والراقية عندما يخرج الجمهور سعيداً بالانتصار على الحكومة لكن على المسرح، تحت الأضواء الزاهية والفلاشات اللمّاعة، أما في الظلام فكل ما كان بقي على ما كان، لا الحكومة تغيَّرت، ولا الشعب غيَّر شي، كل شيء على ما هو تمام، والقتلى هم هم في العراق وفلسطين، وهذه نظرية من نظرياتنا العجيبة، أن نخاف من التغيير، نخاف من التطوير، نرضى بالنصيب، ونرتاح للحبيب، حتى لو كان النصيب حرباً دائرة منذ عدة أعوام، فما في خيالنا دائماً هو أنَّ القادم أعظم، وألله ينجينا من الآت على قولة مارسيل خليفة. الصحفي منتظر أحبَّ أن يفشّ خلق بلاد العرب أوطاني بطريقته الخاصة، ولقد فعلها، فش لي خلقي، ريَّحني، وقلتُ في نفسي إنك بتستاهل يا بوش، لكنني قلتُ في نفسي أيضاً ترى ما هي درجة اليأس التي وصلتَ إليها يا منتظر حتى فعلتَ هذا وأنت تعرف أنهم سيكسرون لك يديك وأصابعك، وسينتقمون لمعلمهم الذي عينهم من قدميك، وسيعذبونك ويشتمونك، ويهينوك وما أنت بمُهان، وقلتُ في نفسي أيضاً ترى ما الذي تقوله بينك وبين نفسك وأنت ترى المنافقين من المثقفين العرب وهو يترنَّمون من الطرب، ماذا ستقول في نفسك لأنك لن تستطيع يا منتظر أن تقولها في العلن وأنت تراهم يعقدون الندوات عن حذائك، بينما بصوت راجف وعينين واسعتين واثقتين كان شقيقك الصغير ينتظرك، يخاف عليك، يحبك، يفتخر بك بجد، لكنه لا يريد شيئاً سوى أن يعيدوك إليه، لم يقلها.. فلقد منعه كبرياؤه من ذلك، عرف أنَّ القدر جعلك الشخص المنتظر لفش خلق كل هالأمة المُرهَقة المُتعَبة اليائسة المُحبطة، لكنه لم يعرف أنهم بدل أن يخافوا عليك مثله سيعقدون الدبكات ويقيمون الاحتفالات ليسجِّلوا في دفاترهم.. دفاتر المثقفين التافهين السخفاء، الانتصار.. ويا عيني على هيك انتصار.. نعم..عرف شقيقك أنَّ كل هذا قدر.. وسلَّم أمره للقدر. يا لبؤس المثقفين العرب وهم يتشاجرون كي يفوزوا بمنصب الناطق الرسمي باسم حذائك!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

٢٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

افتح يا سمسم


"لا توجد مهنة أريح من مهنة كاتب عندنا، فطالما أنَّ أحداً لا يقرأ فالكل يستطيع أن يكتب، لا رأي لا قراء، لا رأي لجمهور، لا رأي لمتابعين، لا رأي لحاقن، لأنو مافي لا قراء ولا جمهور ولا متابعين والكل رايقين لذلك ما في حاقنين، مهنة بلا جمهور، هكذا تشاهدها هنا، أما ببلاد برّة فتُفاجأ عندما ينتفض محدثكَ حالما يعرف أنك كاتب، ويرفع

القبعة، ويبدي آيات الاحترام، تُفاجأ لأنك في بلادك تصادف في اليوم الواحد أكثر من عشرة كتّاب جدد يُضافون إلى قائمة الكتّاب القدُم، والسبب هو غياب القارئ، فلا تحتاج وقتها -عزيزي الكاتب- إلى مبررات لوجودك، ولا إلى شهادات سوى من هالكم صحفي اللي صاروا صحفيين متل ما أنت صرت كاتب، وبعد ذلك تنتقل إلى حقل المراسلين، فيسلخك أحدهم خبراً فتصبح ليس كاتباً على الحلّ، لا.. تصبح كاتباً مهمّاً، تعود إلى البيت مرتاحاً، وقد قنصتَ القنيص اليوم، وغزوتك نجحت، والفلوس في مجاريك هدرت، والموائد أمامك عمرت، والخلان حواليك، والصبيان حولك وحواليك، أما النسوان فحدِّث ولا حرج.. صحيح أنهن من نوع قطط التكية حصراً حواليك، بس هيك الظروف، ستايلَكْ قديم شوي ما بيجذب نسوان أحسن، يا أخي ليس بالإمكان أفضل مما كان، ارضَ بالنصيب، وارتاح للحبيب، حتى لوكان مو كتير حبيب، وعالقلب مو قريب، ومثلك مو من جماعة نيوتن، يعني بدون جاذبية، كتلة مصبوبة على شكل متابِعة ثقافية، أو كاتبة ألمعية، أو صحفية (حسناء) حتى لو ما كانت حسناء، بس عندك كله حسناء، وكله صابون، وكله يساعد على تنظيف المجاري الحسية والشعورية المسدودة منذ أن قررتَ أن تُمسك القلم لأنو ما حدا عن ذلك مسكَكْ، والقلم.. وما أدراكَ ما القلم، فهل تعرفتَ عزيزي على أهل القلم، وهل صادفتَ شخصاً من حملة القلم، وهل رأيتَ كيف يصبح الشاعر شاعراً والكاتب كاتباً بجرة قلم، هل رأيت مائدة عليها بضع شعراء يتحدثون، وبعد يومين تشاهدهم على صفحة واحدة في الجريدة يبيضون، وبعدها تجدهم من على منبر واحد عليكَ يتهاطلون، ومن شاشة واحدة يطلون، وبأسنان موحدة يبتسمون، ينكشونها بالقلم آخر الليل، لأن أقلامهم خُلقتْ لقطع اللحمة.. ومن ثم للتمتع بنكشها بين الأسنان، هل صادفتَ قلماً لا يعمل قبل الظهر سكين لحمة وبعد الظهر نكاشة أسنان؟!

خبرني عالسريع.. لأنو ألك جائزة طقم نكاشات أسنان بدون حبر، الكلام ألك يا أنيس فاسمع يا بدر.. وافتح يا سمسم أبوابك نحنُ الكتّاب."

٢٤‏/١٠‏/٢٠٠٨

عند هطول الأمطار


"عند هطول الأمطار
وهبوب العواصف
أحتاج كأس حليبك
وعندما تغلق في وجهي الأبواب
أحتاج نافذتك المكسَّرة
.

وفي ساعات الخسارة
وفداحة الزمان
أحتاج يدك على كتفي
عند الجوع والعطش
أحتاج كأسك ولقمتك
وعند البكاء
أحتاج ـ على وجنتيّ ـ أصابعك.
في الضيق
أحتاج رحابتك
وعند الخيانة... تسامحك
وفي لحظات التكسّر
أحتاج صبرك
وأنت تلمُّ شظاياي
ودقتك... وأنت ترممني
أحتاجك بقوة
في كل مكان
وكل زمان
أيها الصديق
********************
لا تصعد الى منزلي
وإذا صعدتَ
لا تطرق الباب
وإذا طرقتَ
لا تدخل
وإذا دخلتَ
لا تعانقني... وتطعنني بعد ذلك
اطعنّي أولاً في صدري
وعانقني بعد ذلك
كما لو أنك... تندم
*********************
سنذهب إلى آلاسكا
وننام في أكواخ الأسكيمو الجليدية
سنمضي عمرنا
في أنفاق الديزني لاند
ونطير في الدواخات الهوائية
سنقرأ قصص تان تان
وأشعب وجحا الأممي
سنخرج إلى الشوارع سعداء
دون كلام مؤذ سمعناه من أحد
وسننام في دور السينما والأفلام (الهامة) تُعرضْ
سنركبُ على دراجة هوائية معاً
يوماً ما.. سنفعل كل هذه الأشياء... يا ابنتي.
***********************
لن أسامحك أيها المليونير
لأنك كنت مفلساً ذلك اليوم
وأنت يا مقهاي اليومي
لأنك كنت مغلقاً ذلك اليوم
لن أسامحك أيتها العاهرة القبيحة
لأنك كنتِ برفقة زبونٍ ذلك اليوم
*************************
وأنتَ... أنتَ يا صديقي الوحيد
لن أسامحكَ... لأنك متَّ ذلك اليوم.
******************
يا ابنتي
لوحاتكِ السعيدة
أعياد ميلاد
وقوالب كاتو
صحون حلوى وشموع
زينة وأضواء مبهجة
وأب وأم وأطفال سعداء
لماذا ترسمين كل هذه الأشياء
يا ابنتي..
**************************
فرحي طفلٌ يحبو ويتعثر
يداه هشتان
وساقاه لا تستطيعان حمله
فرحي طفلٌ لا يستطيع الخروج من البيت
قدماه صغيرتان
لا تصلان إلى الأرض
وقامته بطول الطاولة
فرحي طفلٌ
يزحفُ على الأرصفة
فأراه وحدي من خلف زجاج المقهى
فرحي طفلٌ
لا تلمحه أضواء السيارات
ولا تسمع المدينة أنينه
فرحي طفلٌ
تدوسه أقدام المارة ذاتهم
وهم يرمون عليّ التحية من
خلف الزجاج"

٢٣‏/١٠‏/٢٠٠٨

إلى عائلتي


"إلى أبي وأمي وإخوتي.. وإخوتي الذين ليسوا من أبي.. لأنّه فتتكم بالحديث أنو أبي متزوِّج وحدة فوق أمي وفي له منها أولاد، غير أنه كان متزوجاً من قبل بروسيا أيام الدراسة بس طلَّق، بس كمان له أولاد بروسيا، ولأني متحرر ومنفتح وطيب فإنني مضطر إلى إهداء هذا المشروع إلى كل عائلتي، بمن فيهم زوجتَا الوالد؛ البعيدة الله يسعدها ويبعدها، والقريبة الله لا يوفقها، لأنه بعد ما تزوَّجها أبي فجأة صار اسم أمي (القديمة)

بعد ما كانت ماما ماما يا أنغاما، ومع ذلك فإنني أهدي مشروعي إلى عائلتي، وبالطبع إلى عماتي وأعمامي وأولادهم وأولادهنَّ، وزوجاتهم وأزواجهنَّ، وخاصة زوجة ابن خالي الألمانية وبطريقنا اسمه جاءت سيرة الألمان فمو حلوة نتجاهلهم لذلك نهدي الشعب الألماني بشقيه الديمقراطي الشرقي والغربي الرأسمالي مشروعنا هذا أيضاً، وإلى ابن ابن عمي الأمريكي، هو الولد من هون أبوه ابن عمي وامرأته بنت عمتي، بس لما حبلت أخدها هي والداية تبعها مشان تولد بأمريكا، قال شو؟!.. بدو الولد تطلع جنسيته أمريكية، وعلى اعتبار أنه قرايبي خلق أمريكي فأنا أهدي هذا المشروع إلى الشعب الأمريكي كله، كرمال عين تكرم مرج عيون، بالإضافة إلى أنني أهدي الشعب الروسي الشقيق كله هذا المشروع كون أخوتي روس.. ولي هون كمان روس.. بس هدوليك روس روس، أما يلي هون فروس من تبع التيوس، وأهدي هذا المشروع بلا شك إلى ابن خالتي المقيم في فنزويلا، وإلى زوجته الفنزويلية طبعاً، وبالتأكيد إلى الشعب الفنزويلي الصديق، وإلى أولادهما الذين يقضون عشرة شهور في فنزويلا يا سنَدي وشهرين إجازة في السويداء يا قبّاري، وإلى بنت أختي المتزوجة من شب إنكليزي حباب ولطفلهما الاسكتلندي لأنه ولد في غلاسكو بالإضافة إلى أن حماتها اسكتلندية وبالتأكيد فإننا نهدي مشروعنا إلى الشعب الاسكتلندي اللطيف إلى درجة أن مشروبهم الشعبي هو الويسكي، قال شعبي قال، وطبعاً أهدي شعبي هذا المشروع، وباقي الشعب البريطاني من انكليز وآيرش واسكوتش وويلزيين، ونهدي الفرنسيين وذلك لأنني شخصياً تزوجت من فرنسية ولكنها طلقتني لأني ما قلت لها بونجور، كما أهدي إلى أصدقائي وخاصة الذين يشجعون مثلي فريق برشلونة، وبالتأكيد فإنني أهدي مشروعي إلى الشعب الكتلوني المكافح والشعب الإسباني المناطح والشعب الإيطالي المتسامح وباقي شعوب أوروبا من المحيط إلى الخليج، وعلى سيرة الخليج أهدي بنت عمة أبي المتزوجة من سعودي وإلى أولادهما وباقي الشعب السعودي ونميز في الذكر هنا الفنان طلال مداح وأغنيته (مقادير)، وبالتأكيد فإنني أهدي مشروعي إلى زوج بنت عمة أبي المقيمة في اليمن وزوجها اليمني الموحد الذي عندما تزوجته كان يمنياً جنوبياً عالحلّ، وسبحان مغير الأحوال وموحد الأقوال، وإلى باقي شعوب الخليج وخاصة إلى ابنة خالة جدتي من طرف والدي من طرف والدته وزوجها الهندي الذي يعمل في دبي وإلى أولادها الهنود وخاصة ابنها حمدو الذي فتح المطعم الهندي الأول بدمشق وإلى باقي الشعب الهندي والآسيوي والأمريكي اللاتيني والأمريكي يلي مو لاتيني.
ولن أنسى ابنة عمة خالتي المتزوجة من جزائري تعرفت إليه بالجامعة لما كانوا طلاباً، وراحوا سكنوا بالجزائر بعدين وإلى أولادهما وعزائي بوفاة ثلاثة من أبنائها في حوادث تفجير متفرقة فإلى روحهم الطاهرة في بلد المليون ونصف المليون شهيد وإلى شعب الجزائر بالتأكيد وإلى باقي القارة الأفريقية، وإلى ابنة عم ابن خالتي المتزوجة من عراقي مقيم في استراليا ويعمل مخرجاً مسرحياً أو سينمائياً على ما أعتقد وإلى كل الشعب العراقي بفنانيه ورساميه وشعرائه ومخرجيه وممثليه ونقاده وروائييه والأقلية العادية فيه، وإلى القارة الأسترالية بما أن أولادهم استراليون، وإلى الأخوة والرفاق الفلسطينيين.. وشكراً.
مشروع حلقة بحث للطالب عبدو عبيد العبود من المدرسة الصناعية المختلطة ـ دوام مسائي ـ حول طرق تركيب مسجلة سي دي في حافلة طريزينا معدَّلة 2007."

٢٢‏/١٠‏/٢٠٠٨

طنجرة وغطاها


"جلستْ الطنجرة مستريحة من عناء النار التي تشوي الأساس وتحرقه بعد أن تم إطفاؤها بالماء وجليها بالصابون وعمل مساج لها بالليفة بعد عملية القحط القاسية التي سبقتها بالسيفة، جلسَتْ والحزن بيديها تتأملُّ غطاءها الحبيب، وما إن رأى الغطاء محبوبته الطنجرة في لقاء غير جهنمي هذه المرة حتى انفرجت أساريره المصنوعة من الألمنيوم لدرجة الانطعاج، وقال لها متقرِّباً ومتشاطراً ومتذاكياً ومتملعناً ومتمسكناً وباقي عدة التطبيق الشعورية:

- تاخدي كتشَب؟!
- لأ شكراً .. أنا بعكسَكْ بحب المايونيز.
- بحبّ البرغل.
- أنا بحب الرز.
- بحبّ الشقف.
- أنا بعكسك.. بحبّ الكباب.
- بحبّ السكّر.
- أنا بحبّ الملح.
- بحبّ من العصير بس البرتقال.
- أنا بعكسَكْ تمام.. بحبّ كل شي في عصير من عدا البرتقال.
- بحبّ الفوتبول.
- ما بطيقه .. بحب التنس.
- بحبّ ريال مدريد
- أعععععععع.. أنا بحبّ برشلونة.
- بحبّ الاتحاد.
- أنا بعكسَكْ بحبّ الحرية.
- بحبّ البساطة.
- ما بطيق البطاطا.. أنا بحب الفخامة.
- على فكرة بحبّ الفحّامة.
- وليييي.. لأ أنا بعكسَكْ بحبّ أبو رمانة.
- أنا بحبّ الرمان.
- أكله صعب وبيوجع الأسنان.. أنا بعكسَكْ بحبّ الأنجاص.
- بحبّ اللون الأحمر.
- فاقع كتير .. أنا بعكسَكْ بحبّ الأخضر.. هادي.
- بحبّ الأسود.
- معتم.. أنا بعكسَكْ بحبّ الأبيض.
- بصراحة .. وحتى لو كنتِ بعكسي بكل شي بس أنا من بين كل البنات بحبِّكْ أنتِ.
- أنا بعكسَكْ .. من بين كل الشباب بحبَّكْ أنتَ."

٢١‏/١٠‏/٢٠٠٨

كاشف ومكشوف

لم يطل بنا الزمن الذي أصبحنا فيه كلنا نملك جهاز الكاشف على تليفوناتنا الأرضية، وهذا التليفون الأرضي نوع من أنواع الاتصال يمكن أن يتحوَّل بين لحظة وضحاها إلى نوع من أنواع الإزعاج وهزِّ البدن وعضِّ الأصابع وشدِّ الشعر وأكل أطراف الشفايف وقرض الأظافر وأكل الهوى، ونوع من أنواع الهوى، لكن الهوى الثقيل الغليظ الذي يدخل عبر الجدران ليرغم الناس على الاعتراف بوجوده حتى لو كان من نوع الأكل هوى، فكانت تلك المكالمات المزعجة من ذلك المجهول الغريب الذي خيَّم كظلٍّ عليك وعلى عائلتك فأصبحتم متعايشين معه لأيام وشهور بل وقلْ لسنوات، أولم يمر في حياتك ذلك الشخص ذات يوم؟!!! ألا تتذكَّر كيف كنتم تقفزون من أماكنكم منزعجين بعد كل اتصال غليظ منه، وكيف كنت تبهدله وتهينه، وكيف كان ببرود يتلقف إهاناتك، وكان يقبل كل ما تقولونه له، وكان يضحك من كل ما توجهونه له، لكنه فقط كان يرفض الكشف عن هويته، لأنَّ في غموضه قوته، في تستُّره جبروته، في انكماشه وانعزاله واختبائه حمايته لنفسه، إلى أن تعوَّدتَ عليه، وعلى فصوله، وتعوَّدت عائلتك عليه، فصرتَ تفصل الفيش قبل النوم، وألغيت التليفون من حياتك وأنت نائم، لأنَّه لا أحد سوى الطوارئ أبعدها الله عنك، وسوى الغليظ، فإذا كانت واقفة على سماع أمر طارئ وهو دائماً سيئ لدينا، لأنَّ المتصل سيكون واحداً من أصدقائك المقطوعين أو المذهولين في هذه اللحظة بسبب حدَثٍ جلل ما، وكلهم من النوع الملهوف المحتاج إلى عملية إغاثة، المغيثون لا يتَّصلون في منتصفات الليالي، عليك أنت أن تتَّصل بهم أصلاً، والأفضل في نصاص الليالي، لا توجد لدينا مفاجآت سارة أصلاً تصلنا عبر تليفون في نصاص الليالي، لذلك ألله أغنانا عن الطوارئ، بتتأجل لبكرة، بلاها هالقومة من الفرشة بعز دين الغفوة الفجرية لإغاثة الملهوف ونجدة المقطوع، وفي الصباح ما إن تستيقظ وتضع فيش التليفون متلهفاً للتواصل مع البشرية حتى يرنّ فترفع السماعة فإذا به الغليظ، لقد بدأ ينظِّم وقته على أوقات نومكم، وبات لا يسهر كي يوقظكم، بل أصبح إنساناً نظامياً ينام الساعة الواحدة بالليل ويستيقظ في الصباح الماكر ويشرب الحليب وينظِّف أسنانه مع أنها لن تظهر لكم على التليفون وهو يضحك، وستتحدَّث معه إذا كنت رايقاً وتتغالظ مع غلاظاته، أو تغلق فور سماع صوته بحركة أوتوماتيكية، فيعيد الكرة، وتغلق في كل مرة، وببرود تتصرَّف، حتى بهدوء يتقردف، وعن نفَسِكَ يترجل، بعد أن امتطى صهوتها لأعوام، لكن الكاشف جاء ودمَّره، هزمه، وإلى التخفي المتعب شلَفَهُ، وإلى الكولبات رماه، حتى الكولبات ملّت منه وأغلقت أبوابها، بل إنها اختفت لأنها لم تعد من الضرورات على ما يعتقد المسؤولون عن مدينتنا، وبات المزعج الخفي الذي يبعبص في حياة الآخرين رمزاً من رموز الماضي، بفضل الكاشف العجيب، لكن الكاشف لم يعد مهماً الآن، لأنَّ التغالظ وإزعاج الآخرين بات يُلعب هاليومين عالمكشوف، حتى الكاشف ما عاد يخوِّف، لأنَّ عِرق الحياء قد طقّ.

٢٠‏/١٠‏/٢٠٠٨

وراء كل رجل

ما في شك أنَّ وراء كلِّ رجل عظيم امرأة أعظم، لكن ما في شك أيضاً أنَّ وراء كل رجل عظيم امرأة أجمل، وما في شك كمان أنَّ وراء كل رجل بهيم امرأة أبهم، وإذا ما كان في امرأة وراء هالبهيم فلا شك في أنَّ هناك وراءه من يدفشه، وهذا الدفّيش ليس بالضرورة أن يكون بهيماً، لكنه بالضرورة سيكون ابن حرام، وعلى مبدأ ادفشه وشوف ما أجحشه يمكنك مشاهدة البهائم تسرح وتمرح في البرية الشاسعة أمامك،

فتقول لنفسك: أنت الشاب اللطيف الحائز على الكفاءات والمشمول برعاية الرب وعطاءاته من الموهبة والذكاء، أنو شو جاب هالبهيم على هالمرعى، أنت قلتها بنفسك.. مرعى.. وبالتالي فلا مكان لك لأنك ذكي وشاطر، معقولة على آخر الزمان نرمي الفهمانين بهالمراعي ليرعوا بجنب البهايم، لأ مو معقول، بس إذا بدك بنعينك حارس على الحشيش بتسقيه وبتقصقصه وبترتبه مشان تضل هالبهايم عم ترعى، بصراحة صرنا خايفين يخلص الحشيش ويقوم يموت الكديش، وأنت بتعرف أنو نحنا عم ننظم سباق الكدش في مطلع العام الحالي، سباق في قوة التحمُّل .. للجمهور طبعاً، بقى برضانا عليك يل بني يا أيها الفتى الباحث عن عمل هيا.. اسقِ العطاش.. بخبخ المياه العذبة على العشب الأخضر كي ينمو أكثر وأكثر، وكي تأكل البهائم أكثر، وتجترَّ أكثر، وتعلك أكثر، ولا مانع من أن تترنَّم بأغنية رشرش حبك يا جميل وأنت ترشرش الماء، وبعد أن تدخل غمار العمل، ويصبح المرعى غير شكل، بينما البهائم التي ترعى لا توجِّه لك كلمة شكر واحدة على بخبختك ورشرشتك، ولا حتى رفع قبعة، ولا تحية بالإبهام أنو كل شي تمام، مستحيل، فالبهيم لا يستخدم علم الإشارات ولا يستقبلها أصلاً، فهو من الإشارة لا يفهم، وقد كتب بهمانوف الأول مشدِّداً أنَّ البهيم من الإشارة لا يفهمُ، وهو بهذا يغلق كل محاولة متمردة للبهائم في فهم شي إشارة، حتى إشارة المرور لا يفهم البهائم عليها، فتراهم يتجاوزون ويطحشون حتى اخترعوا لهم عصاية عمو الشرطي التي تتضمَّن ما فوق الإشارات من مخالفات وبهدلات وشفط ديّات وخوّات وإكراميات، فلا تحاول يا ابني، فتغيير الحال من المحال، ولكنك مازلت تملك الإصرار، وتريد أن تعرف من أين يأتي البهيم كي تسدَّ الطريق وتكتفي بهالكم واحد اللي عندك بالمرعى، حاكم عم يجوك أفواج أفواج على مبدأ أكل ومرعى وقلة صنعة، وبالنسبة للصنعة فلا تُحدِّث بأمرها، فالبهيم مستحيل يتقن صنعة، حتى وقت اللي بيجتر وبيعلك ما بيعرف يجتر.. بينشِّز بالعلاك.. ومع ذلك تريد أن تعرف المنبع، من أين يأتون.. يتكاثرون.. يتدفَّقون.. وبثقة بالنفس يختالون وخبباً يمشون.. وبغرور وصلف مع الناس يتصرَّفون.. ولأنوفهم يرفعون.. وللبوزات يسحبون.. يا للسر الذي لن تستطيع مسكه، ويا للغز الذي لن تستطيع حله، لذلك فالأسهل أن تقول طالما أنَّ وراء كل رجل عظيم امرأة أعظم، إنَّ وراء كل رجل بهيم امرأة أبهم.. أو دفّيش.. وادفشه وشوف ما أحلاه..بلبل.. تقبرني على هالصوت شو حسون!!!!! .

١٨‏/١٠‏/٢٠٠٨

لا تتذكري شيئاً


"لستُ سوى خراب، اتفاق شخص على شخص، بقايا سعادة تمر في البال، ولا شيء سوى المارة وصوتهم للحظة العبور من أمام الباب، صوت الضوء وبرد، أتذكر يدكِ وأحزر ما الذي كان يدور في بالك وأنت تخربين القصة هكذا..
!!

أحسدكِ على الشام
أحسد الشام عليكِ
فنامي أيتها المرأة نامي
ولا تحكي لأحد ما فعلنا
ولا تتذكري شيئاً

**
لأجل من سأقف في الظهيرة الحارة، لأجل من سأرحب بالذباب والرطوبة والضيوف العابرين، بالماء البارد والأجساد المستلقية على الاسمنت العاري، بالخناجر العالية والأواني الصدئة في الباحات. بالنصال الدامية وصوت السيارات العابرة وطنين الدراجات النارية من بعيد، بطلقات حرس الحدود في عز الظهيرة، بالرطوبة وصرير الأبواب، بالرجال المكشوفين تحت الظهيرة، بالرجال المقتولين في غفلة من الشمس.
**

بعد الحب
ما جدوى ما بيننا
فلست سوى جسرٍ يقودكِ إلى الهاوية
وروحي أشد ظلاماً
أقول الآن:
أستطيع أن أطرد الجميع من بالي وأطردكِ
ولكنك تستطيعين البقاء أكثر
أرجوك.. تستطيعين
**

تغلقين الأبواب عني وتوصدينها علي كي أسفك خوفي وأدلق فيك وحدتي، تتكونين من الخوف والكتمان وما على السرير سوى احتمال الخطيئة المدهشة، كذلك الموت، غمد أنثوي ونعاس ذكر يسقط فيه، كذلك.. امرأة تداري نعاسها ورجل يداري الأرق، أما قلتُ.. تمايلي علي، لميني من أنحائك عاشقاً يحتذي بحروبه القليلة..

**

ردي لي الأغاني والقصائد ومشاوير المساء واللقاءات الخفية، ردي لي سُكَّرَ القبلة الأولى وبحة صوتي، ردي لي عيوني العالقة فيك وعرقي الذي يسيل من مساماتك، لوركا لوركا.. هاتي السكين وقطعي هذا الجسد فلا سبيل إليك إلا قطعة قطعة.
**

أيها الوريث الأخير لمسافات الأرض أخرجْ الطرق من جيوبك وانثرها رحيلاً أمامي، لو تكلمت الأرض لباحت بك، لو بكت السماء لذرفتك، ولكني داخل الحرب وخارج الصليل لا أجد سواي
في أوراقك تتجمع نهايتي، في حبركَ يدور كلامي
أية ريح ستقتلع من فمك أسناني الهرمة
أي شجر سيمنح جسدي ظلالك

**


موحشٌ مثل فراشٍ باردٍ لا ينام فيه أحد


**


هذا الكلام غريب عن الشفاه
أنا الكلام وغيري يزين الشفاه
أعلن وقتاً لم تعلنه الساعة
أنا الكلام وغيري يربك الأقلام
أعلن صفيراً لا تصل به القطارات
أجتمع، لا شيء يبعثرني
أتناثر، لا شيء يلمني
أموت والبياض حولي خطيئة دامية
ما بقي من ركض في أقدامي لا يكفي للهروب
وما بقي من صوت في فمي لا يكفي للكلام
فماذا جنت السواحل من البحر
وماذا جنى البحر؟..

**

آه أيها السارد، كم بكيتُ على لعبتكَ وهي تخبو مع شخوصك، وكم عليَّ أن أدعك تكمل القصيدة، أيها المنهزم الوحيد في هذا الفضاء، أيها الغائب في متعة الأدوار، أَكملْ إذن، فأنتَ من ترك الثانويين يصعدون الحلبة..

**

ولو أنك تغيبين عني قليلاً وتهطلين كالحجر الثقيل علي
ولو أنكِ بعين تشدينني إليكِ وبعين تلمّين أعدائي عليّ
لأنكِ خيبتي في العلو، خيبة السنونو والزارزير في فضائي
خيبة كلامي في قفزة متر مع الراقصين عن الأرض
كم مرة علي أن أمد يدي لأرتب شعرك
كم مرة سأحضر البنفسج ولا تأتين
كم مرة سأُضرَبُ في الأرض دون أن ترمي حفنة زهور على جثتي"

اوتوستراد وتصدير


"وحملنا حالنا وحجزنا في رحلة برية إلى المزة الشرقية، فطالما هناك مزة غربية من سلطة روسية إلى كافيار بلطيقي وانتهاء بالباستا الإيطالية، فلا بد أن تكون هناك مزة شرقية من تبولة وفتوش ويالنجي وبسطة عراقية، والبسطة العراقية هي نوع من أنواع القتلات التي يأكلها الإنسان من أخيه الإنسان فتسبب له السعادة لأنها انقضت بكم كف وكم رفسة وكم بهدلة وألله يجيرنا من الأعظم،

والأعظم في المزة الغربية الفيلات، بينما في المزة الشرقية الحواكير والحارات، وهناك في المزة الغربية النقابات والمؤسسات، وفي المزة الشرقية البيوت والسفارات، ويقطع بين المزتين خط طويل له فتحات اسمه أوتوستراد، فإذا دخلت على اليمين وأنت قادم من ساحة الأمويين فإنك تشاهد على يسارك بنايات وبنايات من المزة الشرقية لكن دون أن تصل إليها بسهولة، والسبب.. أن الجماعة سدوا كل الفتحات التي تؤدي إلى الشرق، محافظين على فتحة واحدة فقط كي يتسنى لأهالي المزة الشرقية العبور إلى المزة الغربية لدفع فواتير موبايلاتهم لا قطعت لكم شركة خطاً وأنتم إلى المكالمات مضطرين، اما إذا أراد كائناً من كان الذهاب إلى المزة الشرقية فعليه أن يتعرف على وطنه كاملاً قبل الوصول إلى هناك، فالانطلاق الذي قد يتم من تحت جسر الرئيس، في ميكرو أو سرفيس، سيتم تحت شعار أن الاوتوستراد يتشكل من خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً إلا عند شركتي الموبايل، وهذا يعني أن الموبايل عندنا مستثنى بإلا، ويعني أن تطبيق دروس الرياضيات على حياتنا العملية بات حلماً أقرب للحقيقة، وربط الجغرافيا بحياتنا العملية أيضاً حلماً واقعياً قابلاً للتحقق، فتصعد في الميكرو في سباق رالي اسمه اكتشف سورية باتجاه الاوتوستراد، وتجتاز العجقة التي عند شركتي الموبايل والفتحة الأولى والأخيرة للتلاقي بين الشعبين المزاويين الغربي والشرقي، وتشاهد على الطريق الطويل البنايات والسفارات على الضفة الأخرى دون أن تلمسها أو تستطيع الوصول إليها إلا إذا نزلت من الميكرو وقطعت الشارع دون أن تندعس طبعاً وقفزت من فوق الجدار العنصري العازل باتجاه المزة الشرقية، او إذا تابعت الرحلة وتجاوزت كافة الحواجز والصعوبات من شرطة مرور متربصين أو عابري سبيل للاوتوستراد عابرين وللسيارات المسرعة مطنشين ومن على السور قافزين وإلى المزة الشرقية واصلين، وإذا سهوت قليلاً عند مفرق جامع الأكرم الذي أصبح فتلة عاليمين ورجعة عاليسار وكسرة عاليسار الشرقي فستجد نفسك وأنت تتفرج على معالم الحضارة السومرية على يمينك من كراجات ومساكن شعبية إلى أن تشاهد بأم عينك مفرق المعضمية، فإذا كان نصيبك من نعمة النسيان قوياً فإنك ستصل إلى الجديدة بإذن الله لتمتع نظرك بدمشق الحديثة وتعود أدراجك بالسرفيس إلى المزة الشرقية التي أصبح الوصول إليها حلماً أيضاً ولكنه حلم قابل للتحقق، إلا أن الشكاوي تأتي وتقول إن القادم من بيروت يصل إلى المزة الشرقية قبل القادم من دمشق، فنقول .. حلو .. هذا يعني أننا نمشي في الاوتوستراد الصحيح نحو الوحدة العربية، ونطالب أيضاً بتصدير فكرة الاوتوستراد الخطر إلى كافة المدن السورية حتى نخلق شبكة تتيح للمواطن السوري القادم من حلب إلى إدلب أن يمر بالشام والسويداء ودرعا، بينما شكا السواح القادمون من بيروت أنهم لكي يذهبوا إلى المزة الغربية بات عليهم أن يصلوا إلى المرجة، وهنا نقول بأن شبكة طرقنا الحديثة ستوصل القادمين من بيروت إلى الحسكة وتعيدهم إلى المزة الغربية سالمين، وإنا للسياحة في وطننا الحبيب لمفعِّلين."
..

الغرور


"دائماً تدخل إلى مكان فخم مطعم مثلاً أو مقهى فتجد شخصاً واحداً على الأقل محيطاً نفسه بهالة من الغرور دون أن تعرف سببها، لأنك أصلاً لا تعرفه ولا تعرف من يكون.
هذا الشخص الذي يبث طاقة سلبية في المكان، وظلاً ثقيلاً يخيم حتى على أحاديث الآخرين، فترى أصواتهم خفتت، وإيماءاتهم قلت، وضحكاتهم انعدمت.

وإذا ما حدث بينك وبينه أي احتكاك فهو ينظر إليك من تحت نظاراته السوداء الشمسية بغرور لا يوصف كي يثبت لك أنه من طينة مختلفة عنك ومن طبقة اجتماعية 'أرقى' وأعلى من طبقتك بالتأكيد وبكثير أيضاً.
ويجلس هذا الثقيل الظل مكانه ويرمق الداخلين والخارجين بقرف، فيقول عبر نظراته للخارج من المكان'أنت لن تعود إلى هنا إطلاقاً فهذا المكان ليس لك ولأمثالك'، بينما يقول لعبد الرحمن الداخل'مالذي أتى بك إلى هنا .. مكانك ليس هنا'، ويريد أن يقول للجميع إنهم طارئون على المكان فهو الذي يملك المال وهو يريد أن يثبت للجميع أهمية المال وخاصة لمن نسوا ذلك واكتفوا بالقليل، إنه يريد أن يشتري ويشتري ليثبت أنه الأفضل والأروع، بس ما بعرف لمين؟.

لقد نسي بعض الأغنياء أو المتنفذين أن بداية الرقي هو التواضع، وأن فن الإتيكيت ليس بتعلم الأكل بالشوكة والسكين، أو الأكل بالعصي الصينية بطلاقة، أو ارتداء أفضل الملابس وأكثرها أناقة وعصرية، نسوا أن هناك في فن العلاقات مع الآخر بنداً أساسياً وهو الانحناء للآخر، الانحناء المتواضع، وكيف لا يعرفون ذلك وهم الذين قضوا حياتهم ينحنون للمال وللنفوذ ولمراكز القوى بذل وليس بالتواضع الذي كنا نتحدث عنه، لأن هذا الانحناء المتواضع الصادق غير معروف عندهم ولم يجربوه، وهم ليسوا بحاجة لتجريبه، فهم أناس يحملون أقنعة كثيرة معهم، فتجد هذا المغرورالذي عوَّف المكان حياته بظله الثقيل وغروره قد قفز من أربعته عند دخول شخص ذي نفوذ أكبر، وأصبح ممسحة أمام كل الجالسين وهو ينافق ويتذلل، بل إنه نسي كل اعتداده بنفسه، لأن اعتداده كان كاذباً أيضاً وكان مجرد قناع من الأقنعة الكثيرة التي يضطر لاستخدامها في اليوم الواحد، إنه شخص غير عزيز بالأصل، إنه شخص من هؤلاء الأشخاص المزيفين الذين يبدلون جلد وجوههم كما يبدلون أحذيتهم، تتصارع على جلودهم كافة أنواع البارفانات، وعلى قوامهم كافة ماركات الأزياء، وعلى أقدامهم كافة أنواع الأحذية، وتتصارع داخل بطونهم الوجبات، أما في أدمغتهم فهناك سلام، سلام ... سلام.

لهؤلاء الذين هناك سلام في أدمغتهم لن أقول شيئاً فقط سأدعهم بسلام . ."

١٧‏/١٠‏/٢٠٠٨

مع مين رح يطلع؟


"ببساطة ما عندي سيارة، وكل ما بدهم رفقاتي يعملوا مشروع سيران أو طلعة لقرنة بعيدة بينطرح السؤال التالي: ولقمان.. مع مين رح يطلع؟!
طبعاً أنا ما لي علاقة، هم سيقرِّرون السيارة التي سآتي بها، وعادة ما تكون جلسة انتقاء الصديق الذي سيقلّني معه سرية، نظراً لأنو ما حدا قاتل .

حاله لتطليعي معه، صاحبي الأوروبي الطباع سيكون أول المنسحبين من السباق بسبب سيجارتي، فالرجل لا يحبُّ التدخين تحت أي سقف حتى سقف السيارة، وهو يرفض تحت ضغوطي أن يشتري سيارة كشف، وبالتالي يا أنا بلا سيجارة، يا بلاها هالطلعة من أساسها لأنو صاحبي الأوروبي متعنِّت ومستحيل يسمح لي بالتدخين، والتاني أعصابه مو قوية لحتى يفوت على نص البلد مشان يسحبني من شارع 29 أيار اللي مضى، والتالت بيفوت عالشارع الرئيسي بس مستحيل يفوت على حارات عين كرش مشان يشحطني من بيتي، قال ما في محل للصفة، وأنا مستحيل أطلع لراس الشارع لأنو ما بحب وقِّّف وأنتظر، والرابع مرته ما بتخليه يطلعني معه لا بحلال ولا بحرام لأنو حضرتي رح أتسلبط على مقعدها القدمَّاني، هيك شروطي، بتاخدني السيارة من قدام البيت، وبدخن، وبقعد قدام، وأحياناً بنزِّل قهوتي معي، وهادا رفيقي مرته بتحب تقعد قدام، وأنا ما بحب أقعد ورا وأفتح حديث معهم، رفيقي بيحاكيني وهو وعم يتطلع فيني بالمراية، ومرته بتندار كل شوي وبتقل لي (ليكها النفاضة قدامك)، بس من بعد ما اخترعوا حزام الأمان يا قلبي أمان في بلادنا حتى بتُّ أحب المقعد الخلفي، بل وصرتُ أصعد في التكسي خلفاً إذا كان معي صديق، كله مشان ما أحط الحزام، ومرة جربت أقعد ورا وأنا لوحدي قام الشوفير قال لي: شرِّف لقدام معلم، قام شرّفت، ما بعرف ليش الشوفيرية ما بيحبوا قعدة الرجال ورا، بيحسوا بإهانة، قلناله والله مو مشان شي يا معلم بس مشان الحزام، وبصراحة الحزام معت، سحبه معت، والبحث عن الأنتاية الحمراء معت، خاصة إذا كان في طرَّاحة، وخاصة إذا كان في كاسة شاي خاصة الشوفير وملكه، ويقول لي الشوفير أنو ما في داعي تحط الحزام، امسكه بإيدك، طيب هيك أصعب، يعني بحطه نظامي وخلص، لأ .. مافي داعي..

امسكه بإيدك، هيك قال الشوفير وتابع: أنا عندي عشر بلوزات سود، عالأسود ما رح يعرف الشرطي إذا كنت حاطط حزام ولا لأ، وضحك، وضحكتُ معه مجاملاً، لكنه كان طيباً، لم يخورفني، كما أنني كنت لطيفاً فلم أبخسه حقه، ونزلت، وتعاهدنا أنا والسائق على محاربة الحزام باللون الأسود، وبحثتُ في خزانتي، وفردتُ تيشيرتاتي أمامي، في شي خمس قطع سوداء، ولكنني ارتديت واحداً أخضر لأنَّ زوجة صديقي راكبة في المقعد الأمامي، وزمَّر صديقي، فقلت له أن لا يزمّر لأنَّ الغرب اخترع الموبايل، ونزلتُ، فوجدتُ رتلاً من السيارات يزمّر خلف سيارة صديقي التي أغلقت الطريق.

حيَّيتُ الجماهير التي تنتظرني، وكانوا يبتسمون لي وفي قلوبهم يشتمونني، جئتُ لأصعد في الخلف كي أرتاح من الحزام، لكن زوجة صديقي اللي لابسة أسود بأسود نزلت وقالت: لا والله ما بتقعد إلا قدام، وكانت السيارات تزمِّر، وكنتُ أحييهم معتذراً، وكانوا يبتسمون لي وفي قلوبهم يشتمونني بأقذع الشتائم، يا عيب الشوم"

بوجه شاحبٍ تكريماً لفراقكِ

"
أعودُ


إلى حلمي بكِ

لا أريد الحصولَ عليكِ

ولكنني لن أتخلى عنكِ أبداً

شو عم يحكوا عني؟!..

ما بيجيبوا سيرتك قدّامي

وأنت شو عم تحكي؟!..

لمّا بكون موجود

بعمل متلهم..

ما بجيبْ سيرتِكْ قدَّامي

لا يمكنكِ أن تكوني حياتي

لكن..


لا يمكن لحياتي

أن تكونَ دونكِ

هل تريد أن تطير

لا..
أريد وحلكِ

إذا عشتُ فلن أكتفي إلا بكِ

وإذا متُّ فلن يكون كفافَ موتي

إلا وردكِ

بيني وبين الموت خطوة

بيني وبينكِ مسافات

لم تكوني مستحيلة

ولم أكن منحرفاً

كان بالإمكان

لو أردنا

أن تكوني

شبه مستحيلة

وأن أكون

شبه منحرف
لم يتحمّل الجسد

دقات قلبي

كنتُ عجوزاً

على حبكِ

لم تكوني فارعة

ولا نخلة سامقة

لكن


لم تستطع امرأة

أن تملأ فراغكِ
لمّا بضعف كتير

بتذكّرِكْ

بستقوي بوجودِك

بأعماقي

كنتُ أقبلُ

أن أمشي

هكذا

*****

محني الظهر

بوجهٍ شاحب

مثيراً للشفقة

تكريماً لفراقكِ

حلمتُ بأنكِ تحبينني طيلة عمركِ


وحلمتُ أنني أحبكِ كذلك

لكنني

وعلى قمة خساراتي

أخرجُ

ظافراً بنفسي

وفي لحظات غضبي

كنتِ ضميري الباسم

اليوم أيضاً

صوتي ضعيف

ولن يسمعني أحد

" ..

١٦‏/١٠‏/٢٠٠٨

في 48 ساعة بريئة

نظمت دار الأوس في دمشق أول ملتقى شعري في مدينة دمشق على خشبة مسرح تياترو!!!!!..هو كذلك.. لم يكن هناك في دمشق ملتقى على مستوى عربي أو دولي للشعر من قبل؛ ربما لأنَّ الشعر ليس مهماً كهيبة اسمه. وتصديقاً لذلك، فإنَّ أمانة العاصمة بذاتها لم توجع رأسها بالأمر، ولو أنها تداركت الأمر بالإعلان عن مهرجان تلحيقة، بعد أن عرفوا أنَّ هناك ملتقى شعرياً أهلياً سيقام هو 48 ساعة شعر.

المهم شو بدنا بالمثقفين والفهمانين، وخلينا بالدراويش من جماعتنا الذين أسسوا لملتقى 48 ساعة شعر، وعنونه في دورته الأولى بشاعرات عربيات، وجاءت الشاعرات على الوعد، ولمعلومكم فإنَّ منظمة الملتقى ومديرته شاعرة أيضاً ومخرجة سينمائية كمان، لكن من النوع الوثائقي.. وهي هالا محمد التي تصرّ على كتابة هالة بالألف مما جعلنا نحترم رغبتها ونكتبها هالا، حتى لم يعد هناك داعٍ لأن تكتب الاسم الثاني، لأن مجرد ذكر اسم هالا مكتوباً هكذا تعرف منه أنها هالا محمد، ومن خلال تعرفنا على إصرارها الطفولي على الألف فلا بد أن نتوقع أن أساس هذا الملتقى بني بإصرار طفولي من هالا،
طفولي بمعنى براءته في الانتقاء، براءته في انتقاء العنوان أولاً، فلا أهداف نسائية من خلف جمع 12 شاعرة عربية من بيئات مختلفة ومجتمعات متمايزة بمساوئها طبعاً، ومساوئها تحديداً تجاه المرأة، البراءة عنوان هنا،
براءة من ثقل شعارات القضية النسائية العربية وليس من أشعارها، براءة من وطأة مغرياتها الجماهيرية في كشف عوالمها الداخلية بمعناها الأندرويري وليس من أعماقها السحيقة المتعايشة مع الحياة، والرجل كفعل طبيعي يقوم به إنسان طبيعي، براءة من الاستعراض الأنوثي ضرورة النجاح الأولى وليس من عرض الأنوثة بأصوات من قصب مثقوب، براءة من واقع المرأة المبهدل الدارج كتجارة ثقافية وليس من الحلم بعالم أكثر أناقة، براءة من لت المرأة وعجنها ودسائسها ومؤامراتها وباقي ملحقاتها الفولكلورية وليس من خصوصيتها وآرائها ووجهات نظرها، براءة من جدبة المرأة وحولة حسنها وليس من فكرها وفلسفتها،
فهو إذن ليس مهرجاناً تقليدياً يأتي فيه الشعراء العشوائيون نسبة إلى عشوائية انتقائهم للمشاركة كما درجت العادة ويقرؤون أشعارهم وعلى رسول الله السلام، لا.. هنا الأمر يختلف، فلكلّ دورة رسالتها على ما أعتقد، طالما أنَّ رسالة الدورة الأولى كانت واضحة، وهو هنا يفقد البراءة دفعة واحدة، فالملتقى في الحقيقة ليس بريئاً من قراءته من عدة وجوه، فتُمكن قراءته شعرياً، وتُمكن قراءته نقدياً، وتُمكن قراءته اجتماعياً، وتُمكن قراءته سياسياً إذا استوجب الأمر، لكن البراءة هنا تحمل معنى آخر للبراءة، إنها براءة الاختراع.

..

١٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

بونات عائلية


"وهي بونات توزع لكي يمضي المواطن وقتاً مع عائلته، قبل أن يشتكي فلاسفة المجتمع من تفكك المجتمع، هي بونات تقدمها الحكومة للآباء الذين يتناطحون مع الأقدار ليل نهار لتأمين ما يسد رمق الصغار، فيأكل الأولاد ويشربون، وإلى المدرسة يذهبون، وعلى مقاعد العلم يتعلمون، وإذا كان من حديقة بجانب البيت فإنهم فيها مع رفاقهم يلعبون، ويتشاجرون، ويتصالحون، وينجحون، ويرسبون، ولكلام الماما يسمعون، أو لا يسمعون، ويطنشون ويطيلسون ويهتمون وينفذون، ولكن شيئاً واحداً لا !!
يفعلونه هو أنهم بحضرة الوالد لا يلتقون، لذلك اخترع التقويم يوم الجمعة، واخترع الجمعة والسبت، وطبعاً السبت والأحد، ولا شك في أن الحلاقين وقّتوا عطلتهم يوم الإثنين، وذلك لأن عملهم يزدهر في عطلة نهاية الأسبوع، وكل هؤلاء يستغلون العطلة لمشاهدة العائلة والتمتع بشؤونها، أو حل أمورها العالقة، لكن حتى هذه العطلات لم تعد موجودة، فالمواطن تبعنا يحب العمل، وإذا ما كان في عمل بيخترع عمل، وإذا كان عاطل عن العمل بيطلع لبرّة وبيدوّر على عمل، أما الذي يعمل فالراتب لا يكفيه حتى العطلة الأولى من الأسبوع الأول من الشهر، فتراه في الصباح أستاذاً جامعياً يناقش الطلاب في أمور العلم بكامل مهابته ورقيه ومظهره، وبعد الظهر يركب بهالتكسي ويوصّل اللي بيسوى واللي ما بيسوى، وبيتحدث مع اللي بيسوى واللي ما بيسوى، أحاديث من تلك الأحاديث التي تذخر بها تكسياتنا، عن الغلاء، عن شرطة المرور، عن مجلس الشعب، عن مؤسسات الدولة، وبعد جس النبض بينه وبين الزبون يغمِّق صاحبنا بالحديث ويفش خلقه وخلق الزبون، ويعطيه الزبون أقل مما يجب لكنه يبلعها لأنه حكى.. وما كان لازم يحكي، واللي ما بتعرفه بتجهله، والناس مخباية بتيابها، وتيابها غالية وبدها هديك الحسبة، وتيابهم أغلى، وشناطيهم واقلامهم وصدرياتهم وإلخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ..خخخخخخخخخخخز.. غفوة ورا الدركسيون لعشر دقايق بعد صندويشتي الشاورما أفضل من الرجعة عالبيت والغدا والقيلولة، اقتصر يا زلمة، واختصر أوقات الراحة والأكل قد ما فيك لإعطاء العمل حقه من الوقت، كي يعطيك حقك من المصاري، أما بالنسبة للأولاد فيكفيك فخراً أنك تعود إلى البيت ليلاً فتجدهم نائمين، تربت على وجوههم اللطيفة وتنام وأنت تحلم بزمن يصبح فيه راتبك بدوام واحد قد راتب واحد بدوامين، بس .. مو أكتر من هيك أحلامك، مو مشان شي، لكن أنت مربي الأجيال لا تجد وقتاً تربي فيه أبناءك، لذلك ترى أن أولاد الأساتذة ليسوا بالضرورة نسخة عن أولاد الأساتذة ببلاد برة وبعيد، لا .. لا لمسات من الأستاذ على أولاده، لا تأثيرات، بل حتى أن اللمسة الليلية على وجوههم ليست لمسة أستاذ جامعة، إنها لمسة شوفير تكسي معتَّر أرهقته زواريب المدينة الفوضوية وأوتوستراداتها القاتلة، حتى أن صاحبي أبو علي ابتكر موعداً للقاء أولاده بنصاص الليالي موعد عودته، فهم ينامون في التاسعة مساء، ويستيقظون في الثانية بعد منتصف الليل ليلعبوا مع الوالد لساعتين وينام الجميع، طبعاً هذا الوقت يسرقه الوالد الحنون من نومه، فهل من بونات للجلوس مع العائلة قليلاً.. ولولساعتين كل يوم، لأننا إذا لم نفعل ذلك سنصل إلى اليوم الذي يمر فيه الأب في الشارع فلا يعرف ابنه، وأكثر من هيك تفكك ما في، وناولني هالمفك من عندك يا ابني، هيك بشوفك وبتشوفني"
..

١٤‏/١٠‏/٢٠٠٨

بعيداً بتبعد كل غليظ


"تعلن شركة بعيداً للاتصالات عن رمي أرقامها في الأسواق، ليتقاسمها من هبّ ودب، بعد أن امتلأت اللائحة الذهبية إلى آخرها، فلم يعد لدينا من تلك الأرقام الذهبية والبلاتينية والفضية والبرونزية أيّ رقم، فالرجاء من زبائننا الكرام عدم إرهاقنا بالطلبات، 'من وين بدنا نجيب لكم أرقام؟!! فتقاسموا الأرقام التنكية رجاءً وبدون نق وسق وحسد وضيقة عين وتطلعات إلى أرقام أحلى، وتأملات بأرقام أجمل، وأحلام بأرقام أزهزه، فهذا المواطن الذي يشتكي دائماً أن رقمه يشبه حالة شجار جماعية يؤرقني، لأنو كل رقم من ديرة حسب شكواه،

وحسب تفاسيره فإنَّ الأرقام إذا كانت كل واحدة من ديرة ستسبب شجاراً جماعياً لا محالة، لكنه على الأرجح شجار ودي يستعرض فيه كل رقم إمكانياته، وبعد ذلك يستوي كل في مكانه، ويلعب كل منهم دوره، لذلك احتفظ برقمك رجاء ولا تتأمل بوجود رقم واحد مكرر في نفس الخط من بين الخطوط التي تبقت لدينا، فلفها واندحر إلى موقعك الذي اختارته لك مشيئة الأرقام، وسيأتي يوم وتقرأ فيه قارئة أبراجي المفضلة نجلاء قباني الأرقام، فتقول لحامل الرقم الذهبي والبلاتيني صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة... أنو الصفر اللي على شمالك اعتبره إيمتى ما بدك عاليمين، لا تهتم، ولا تمش الحيط الحيط يا رب السترة مشانك.. لا.. مشان الحيط، وحط يديك ورجليك في مياه باردة وضع في بطنك خاروفاً سعيداً وبطيخة صيفية، وامض بأحلامك فأنت تستطيع شراءها امتلاكها سحبها من شعرها إلى عند قدميك، أنت لست بشراً عادياً، أنت شخص يذلُّ أحلامه، يركِّعها، يقلل من قيمتها، ويرفسها بحذائه اللامع، فامض خبباً على أنغام سعدون جابر خبب يمشي، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة تسعة.. فنيالك، السعد يتبع خطاك، السعد يتملقك، السعد ينافق لك، السعد وراك، أنت لست بشراً عادياً.. أنت جعلت السعد خلفك بينما مكانه دائماً في الأمام، السعد وراك سر، لكنك من النوع الذي لا يسير، فأوقفت السعد خلفك، يا لطيف شو أنك مو متل البشر، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة تسعة تسعة تسعة تسعة فلا يمكنني الجزم بسعادتك المطلقة لأن هناك بعض التطلعات لديك تنغص عليك عيشتك، منها طموحك باستبدال تسعة من هذه التسعات بعشرة لا غبار عليها، بل بغبار معليش، العشرة ما بتخبي حالها، ولا حلول لك سوى القناعة والغناء، فإذا أصبحت مطرباً فاعلم أن كل التلفزيونات ستتناقل أغانيك، لأنو طويل العمر رضيان عليك، وكلما رددوا رقمك أمامه شعر بصلة القرابة التي تربطه فيك، فاشتغل مطرب وخذ حسبك الله، منيحة.. لا تشكو من شيء، أما إذا كنت من حاملي الرقم صفر تسعة عشرة ثلاثة خمسة واحد تسعة ستة اثنين فالرحمة على والدينا ووالديك وبطريقنا عليك، وخود عليك، خلي الناس تمر، وما لك مكان بين الفرسان يا ولدي، والأرقام خلصت، وقدامك طريقين، وظيفتك الصبح، وشوفير تكسي بعد الضهر، وهنا أيضاً أمامك طريقين، أن تضع حزام الأمان وتسوق على مهلك، أو تتحدى وتمشي بلا حزام فتتوقف، وإذا ما توقفت بتفوت بالحيط.. وحتى الحيط رح يكون حيط النظارة، فلا تذهب بعيداً... استقرب.. وابق معنا. بعيدا بتبعد كل غليظ."
..

١٢‏/١٠‏/٢٠٠٨

كيف توزع جائزة نوبل ؟


"وعدناكم أن تبقوا معنا وها قد عدنا بعد فاصل إعلاني مثير من صنف الأبو علاك الذي يكون عادة عن العلكة نفسها، ونعود إلى المتن الأبو علاكي ونتابع توزيع جائزة نوبل من عندنا على من قرَّرنا وارتأينا فجأة على حين غرة، واستشرنا فنانين وأدباء وصحفيين وكلهم كانوا ماشاء الله متحدِّثين وفصيحين من النوع الذي لا يتحدَّث إلا بحضور مصحِّحه اللغوي، وبطريقنا أخذنا برأي المصحِّحين اللغويين،

وكلهم قالوا مبارك، وبعد ذلك حكوا الذي فيه النصيب، ومشيَ الحال على ما أعتقد مع أنَّ الحملة على الهواء مباشرة، لأننا يا حبيبي نسبق المستقبل وبنساويه بلحظة قبسة من قبسات الماضي، فلا تقل لي حكي فاضي، ولا تأتي لي بسيرة أبو علاك صاحبك الذي لا أعرف لماذا تعطيه القيمة وتجده يحلُّ ويربط إلى هذه الدرجة؟، لا يا معلم، نحنا أعطينا كلَّ ذي حق حقه، وأرضينا حالنا بحالنا ومنيّتهم على حالهم إن شاء لله هم والمليون دولار تبعُهم، وقريضةُ تقرضهم هم وجائزة نوبل التي يفاخرون بها.
طيِّب يا حبيبي يا أيها الوطنجي طالما أنك لا تعترف بهم ولا بجائزتهم.. فلماذا تأخذها منهم؟! اعمل جائزة باسمك.. باسم ابن خلدون.. باسم ابن رشد.. باسم حكيم المرزوقي. قبلانين.. لماذا تسميها باسم نوبل؟.. لماذااااا؟!!... دوَّختني بهذه العملة.. أنا لا أفهم عليك؟!!
ولن تفهم بحياتك.. يا كاره البلد والناس .. يا سارق البهجة..الناس عندنا لم تسمع بجائزة عليها القيمة من جوائزنا.. لذلك أخدنا نوبل بذاتها..طالما ببلاش وببلاش.. رايح ورايح..يعني إذا بدك تسرق اسرق جمل.. فهمتْ يا جمل؟!!!!
وأعدتُ ترتيب الجُمَل، وقلتُ إنَّ جائزة غونكور تسعيرتها 50 يورو لا أكثر ولا أقل، لكن ما يبيعه الكتاب الذي يحصل على غونكور يتم الحديث بشأنه بلغة الملايين، يورو.. مو تركي مركي بناني بحذف اللام من أوله دون سبب، بينما لم تفلح جائزة عربية من صنف الملايين التي هتكتَ عرض نوبل فيها بأن تفرض نفسها سوى على الشاشات، فمن شاعر المليون درهم، إلى أمير الشعراء القاعد بحضن طويل العمر وهو ينتف بأذن وروح قصير العمر من أمثالي وأمثال بني شعبي، إلى جائزة عويس التاسع عشر التي أضحت كمكافأة نهاية الخدمة التي تقدِّمها الشركات لموظفيها عندما يخرِّفون، إلى جائزة الرقة الدولية التي هي عبارة عن تنكة جبنة وقطرميز مخلل، إلى جائزة أفضل قصيد في مدح طويل العمر من أخمص أظفره الذي ينكشه الآن بنكاشة الغليون أو البايب لا ضيع لك يا حبيبي تعباً، كل جوائزنا يقدمها شخصٌ مطمطعزٌ على تخته، بينما يقدِّمون هم جوائزهم من وراء المكاتب والمكتبات والكتب والترجمات والتحاليل والنقاشات والخناقات والقتالات والثقة والحياد والموضوعية، فهل عرفت إلى ما تحتاج يا عزيزي كي توزع جائزة نوبل أو غونكور أو بوكر الذائعات الصيت، وهل عرفت لماذا هي ذائعة الصيت مع أنها لا تظهر في التلفزيونات التي أصبحت عبدة لجوائزكم وموائدكم وذوقكم الذي ما فيه جنسُ الذوق.
مع احترامي طبعاً لكل مبدعينا، لكن المسألة أولاً لكي نقدر أن نحكي بأمرها تتطلَّب قليلاً من الذوق. وابقوا معنا."

جائزة حكيم مرزوقي الدولية


"أقول أنني قررتُ أن أمنح جائزة.. أنا العبد الفقير الذي مثله بالفقر مثل تلفزيون الدنيا الذي أعطى جائزة نوبل إلى أحبابه الشعراء دون أن يدفع الفرنك السوري، هكذا وهيك!! يعني كمَثَلٍ فات ميشو الشام قوله قي برنامجه المههههههأضوم كتييييركح كح كح أحم أحم دستور يا جماعة ومن بعد إذنكم ولا تؤاخذونا فلقد قررنا وفي هذا الموعد من كل عام أوان الكرم يحتضِرُ أن نمنح جائزة حكيم مرزوقي وهو اسم نحن اخترعناه وليس أجنبياً استعرناه أو لطشناه، ولماذا سميناها باسم المرزوقي فهذا لأنه جامع .

المواصفات من مجاميعه، فهو تونسي_ فرنسي _سوري مشترك، محقق معادلة التراث والمعاصرة، فإذا دقيته بالتراث العربي سلخك محاضرة مطولة عن ابن صبنخلة وأبو الخشمعيد وأخو المحلوشة، وأخو المحلوشة هذا هو مزيج من الثقافة الفرنسية التي يقولون عنها ( الفرنكوفونية) والثقافة العربية التي يقول عنها المتفرنجون . ولقد قررنا أن نسلم كل عام جائزة حكيم مرزوقي إلى أسوأ كاتب هذا العام، وأردأ شاعر هذا العام، وأفكح صحفي هذا العام، وأحوَل مصور هذا العام، وأغلظ مذيع كوميدي هذا العام وكل عام بالإجماع مااااع ماااااع وهذا الأخير سيحمل حقيبة المرزوقي طيلة فترة تسلمه الجوائز من الفائزين وسيضحك على كل النكات تبع المرزوقي حتى لو ما فهمها, وسيقوم السيد حكيم مرزوقي بتسلّم الجوائز من الفائزين، فالكاتب السيئ ستكون جائزته قراءة مقالات حكيم مرزوقي في صفحة مقالات وآراء بالأبيض والأسود في جريدة 'بلدنا' وسيقوم بالتحليل البنّاء في حضرة المرزوقي على أنغام قنينة نبيذ يدفع ثمنها الكاتب الفائز طبعاً، ولا بأس بقليل من الفروماج الفرنسي والفروج السوري لتطرية الجلسة الأدبية، عسى ولعل يتعلم هذا الكاتب شيئاً فيكمل المشوار الأدبي، أو يعرف أن الله حق ويترك كار الكتابة المعتّ لناسه المعتّين، أما أسوأ مخرج مسرحي فستكون جائزته هي حضور مسرحيات المرزوقي كلها في أسبوع واحد سنسميه احتفالية حكيم مرزوقي أسوة باحتفالية أدونيس التي دقت فيها الطبول والمزامير لمدة أسبوع بلياليها لا أبالك يسأمِ حتى حفظ جميع المسحراتية اسم أدونيس، ومن السهل إقامة احتفالية حية ومباشرة لمسرحيات المرزوقي كونها كلها تتألف من بطل واحد أو بطلين.. باستثناء الأخيرة التي طبشها وجلب فيها ثلاث بطلات، وطبعاً عقودهن معه بالشيك المشقوق حصراً، الكل موقِّع على سواد، وسيجلس المخرج الفائز مع المرزوقي بعد كل عرض ويطنب ويسهب في مدحه نصاً وإخراجاً، ومن ثم يُخرجه على اعتباره مخرجاً إلى المطعم ليتحاورا على أنغام المُدام وطيب الكلام وبعيد عن البجم والعوام، أما أردأ شاعر فسيحفظ عشرة آلاف بيت للمرزوقي حتى لو ما عنده عشرة آلاف ويردد منها في كل أمسية كاستشهاد، ويضعها أمام كل قصيدة له منشورة كتصدير، لكي يبقى ضميره الشعري صاحياً ويفرِّق لحظات الحق بين الشعر والشعير، وسنركب جميعاً على البعير، وسنعود إلى بيوتنا مسرورين، بعد توصيل المرزوقي بالتكسي الأصفر حصراً، فمن برأيكم هم الفائز ون بجائزة حكيم مرزوقي هذا العام، يا عوام يا تمام يا أحلى ناس حتى لو لم تعلق على رقابهم الأجراس.
ملاحظة: على كل فائز من كافة القطاعات تذكير الأمانة العامة لدمشق عاصمة ثقافية الفائزة بجائزة لجنة التحكيم المرزوقية الخاصة بوجود كاتب ومخرج مسرحي سوري تونسي شغال على الوجهين دبل فاس اسمه حكيم مرزوقي في ربوعنا"
..

١٠‏/١٠‏/٢٠٠٨

مبروك.. صرنا نعطي نوبل


"بعد منح جائزة نوبل للآداب للكاتب الفرنسي لوكليزيو، وهو غير عربي ولا من أصول جزائرية أو مغاربية، ها هي قناة دنيا الفضائية تحتجُّ وتتساءل، لماذا ننتظر نوبل لتمنحنا الاعتراف؟، ثم تبادر القناة وتمنح جائزة نوبل الشعبية دون استفتاء أيِّ شعب في الموضوع لمحمود درويش وأدونيس، والغريب أنَّ قناة دنيا لم تستطع إيجاد تسمية أخرى للجائزة فتركت اسمها على حاله كي لا يلتبس الأمر على القراء، يعني أنو الجماعة طنشوا لجنة نوبل ولم يعترفوا باختيارها ووزَّعوا الجائزة العالمية على درويش
وأدونيس معاً، ومع أنَّ محمود درويش رحل عن دنيانا إلا أنَّ قناة دنيا لم تعترف بأمر الله حتى، وذلك لأنَّ نوبل لا تمنح إلا إلى الأحياء، أما في منحها للجائزة مناصفة مع أدونيس فذلك كي لا يزعل كونه مرشحاً أحياناً لها دون أن يفوز بها، وتأتي هذه الحملة الإعلامية المراهقة كنوع من الضحك على القراء والمتابعين ودغدغة عواطف شعبنا المسكين المشغول بالتفكير في أمور أخرى مثل إقناع الشوفيرية بتشغيل العداد وعدم خورفة الراكب، وإقناع الجار بأداء تحية الصباح لجاره دون وجل، وإقناع ست الحسن بالجلوس مع أولادها قليلاً عوضاً عن رميهم أمام التلفزيون لساعات وساعات، وإقناع سيد الرجّالة بتأمل نفسه على المرآة قبل أن يعتقد أنَّ كلَّ من قالت له مرحباً عشقانته وميتة بدباديبه، وغيرها من الأمور التافهة التي لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى الهمِّ والاهتمام بنوبل، لكن طالما أرادت القناة منح نوبل فلماذا لم تخترع جائزة خاصة بها؟، لماذا سرقت الجائزة من أصحابها ووزَّعتها على كيفها؟، لكن قائلاً سيقول أيضاً إنَّ اللجنة تسرَّعت في توزيعها للجائزة، فطالما أنها وزِّعت لدرويش وأدونيس لإرضاء العرب فإنَّ العرب لن يرضوا، لأنَّ السودانيين بدهم يزعلوا علشان ما أعطوها للطيب صالح، كما أنَّ المغاربة رح يزعلوا لأنهم ما أعطوها للطاهر بن جلون، والتوانسة رح يزعلوا مشان المسعدي، بينما سيطالب الليبيون بإعطائها إلى القذافي وإبراهيم الكوني، في حين سيوزِّعها المصريون على عشرة كتَّاب دفعة واحدة من مصر أم قناة الدنيا بالإضافة إلى ناديي الأهلي والزمالك الحردانين على طول، وسيزعل اليمنيون لأنَّ عبد العزيز المقالح لم يفز بها، كما أنَّ لبنان الشقيق سيزعل بكل طوائفه ويوزِّعها بالعدل على كاتب من كل طائفة، في حين سيتدمَّر العراقيون ويعقدون اجتماعاً لكل الأدباء، وسينتهي الاجتماع بتفجير القاعة ومقتل معظم المجتمعين، وستُعطى الجائزة للكاتب الذي بقي على قيد الحياة، ومن المؤكد أنَّ الأردنيين سيحتجُّون ويمنحونها لكاتب أردني تمَّ التأكد من أنه ليس فلسطيني الأصل، بينما سيطالب السوريون بمنحها لحنا مينة فتردُّ عليهم قناة الدنيا أنو عطيناها لأدونيس وهو سوري أيضاً، فيردُّ الشعب: فكّرناه لبناني لا تواخذونا، وسيزعل السعوديون لأنهم ما لهم بالطيب نصيب وسيمنحونها لمحمد عبده..وطاش ما طاش، ورح يزعل البحرينيون ويوزِّعوها على قاسم حداد من بحر وأمين صالح من البحر التاني، لذلك بلاها هالتوزيعة وخلينا على خيارات لجنة نوبل لأنو إرضاء العرب غاية لا تُدرَك. وللحديث بقية فابقوا معنا."

٠٩‏/١٠‏/٢٠٠٨

دون رياحٍ تهبُّ


"يمضي الأصدقاء
واحداً تلو الآخر
وفي أيام متقاربة
يأخذ منك الموت
قليلاً من الدموع..
..
قليلاً من الدموع والحسرات والأسى
يأخذ منكَ
إطراقة حزينة
مفتعلة أو أصيلة
يأخذ منكَ
حديثاً طويلاً من الذكريات
مع من مات
وكؤوساً مطروقة ببعضها البعض
يأخذ منك الموت
بعض الوقت
للحزن والبكاء والكلام
ويعطيك الإشارة
لوجود من مضى في حياتك ..
في يوم من الأيام.
**
معكِ كم أنا موحشٌ
وكم أنا موحش دونكِ
فليحبكِ الجميع إذن وخذيني وحدي، وافتحي الباب عليّ وحدي، فليحسدني رجالُ الأرض ويعجزوا عنكِ كي أقول:
ها هي المرأة تطلّ على خرابي
وتطلُّ علي الوحدة والعزلة والألم وحارسي والجدار والطواويس والسرير والكراسي وشجرتا النارنج والباب فأتكسَّر، ولكني وحدي، وحدي من يستحق الموت لأجلكِ، لأنني صاحب سوادكِ ووسادكِ، إذا قمتُ عنكِ غسلتُ عيني حتى البياض ووقعتُ فيكِ، في شركٍ تحته الدم والقلق، أنا دليل الرب إلى الضجر والوحشة أراقب جسدكِ..
أفوز باللذة وأموتُ غماً
أخافكِ، كما يخاف البشر من الخطيئةِ
معكِ كم أنا مريضٌ
وكم أنا ميت دونكِ
بحثتُ
ولم أجدكِ
من ذات الطرقات
مررتِ
وكانت آثار خطواتي
تتألم تحت قدميكِ
ليش لما بقعد مع غيرِك بصير بحكي شي بيضحّك وبسب ع ناس كتير وبحكي بالمسرح والشعر والسينما ، بس معك بحس أنو ما عم أقدر أحكي عن كل هـ الأشيا، بحسّ حالي قاعد مع حالي وساعتها إذا حكيت بحكي عن شي كئيب، وإذا ما حكيت بتقري على وجهي الحزن والكآبة، أنا هيك بكون مع حالي، وأنتِ ما بحسِّكْ غير حالي.
بتعرفي؟!.. وقت اللي بكون قاعد مع الناس وعم أضحك وأحكي و فجأة بتدخلي أنتِ.. بكتئب.. بحس أنو في حدا بيعرفني منيح.. بيعرف حقيقتي، مشان هيك بكتئب.. بخاف أطلع قدامه كذاب.
**
هبت رياحي
فأغتنمها الآخرون
وبقيتُ وحيداً
دون سقف
وسط الثلوج
دون رياح تهب..
**
في تلك الأروقة
دائماً
كان بيني وبينك نقطة بيضاء أيها الليل
تعال
دون مصابيحكَ
دون شموع
تعال أيها الليل
بكل سوادك
دون بصيص أمل
**
أردد مع يدكِ وهي ترتبُ الأقراط في الأذنين، مع يدكِ وهي تطلي الأظافر وتسرّح الشعر فأشهق من زينتكِ وهي تودي بي قرطاً قرطاً وخاتماً خاتماً إلى الوحشة، زينتكِ المتأنية وهي تفرط عند اللمسة الأولى والقبلة. هل كان علي دائماً أن أخرِّب زينتكِ هكذا؟!..
أحبك، أقع فيك ولا أخرج إلا بمعصية وبعض أيد تجرني، قلت دائماً نتبادل الأوراق وأكثرنا يباساً يحترق، أحبك"

الهوب هوب الجوي


"تعلن شركة الطيران الخاصة هوب هوب السما عن خدماتها التالية:
1ـ خدمة كسر السّفرة: وتتضمن الجلوس في المطار بانتظار الطائرة المتأخرة عن موعدها لمدة 12 ساعة بالتمام والكمال، يتمتع فيها المسافر بالمناظر الخلابة من المغادرين والقادمين، وهي فرصة للاحتكاك بالمواطنين والسياح والمغتربين، كما أنها الفرصة الكبرى لمشاهدة بعض المواطنين الذين وصلت معهم إلى أنوفهم فتتمتع عزيزي المسافر بمشهد مغادرتهم حسب بطاقتهم التي من نوع one way ticket أو الروحة بلا رجعة،

ولكن هذا لا يعني غياب المرح، فيمكنك أيضاً مشاهدة العائدين وعلى وجوههم صدمة الحضارة وكذلك مشاهدة السواح وهم يتأملون صالة المطار ويقولون: (واوووو).. أو هم يغادرون قائلين: (تشاوووو)، ويمكنك عزيزي المهاجر أو المسافر أو المغادر أو الحاجّ أو الهاجّ أو الطافش أو نسرين أو ياسمين أو ليلى أو جاسم أن تتمتع بالجلوس بالكافتيريا تبع المطار كي تراقب الأجواء من موقع عاجي، فإننا نمنحك خدمة الانتظار البنَّاء، لأنك وبعد كل هذه الشوفات ستراجع نفسك، وتفكر هل أن هذه السفرة ضرورية لك، فإذا لم تجد جدوى منها وتكتشف أنك كنت متسرعاً وستمضي وتعود تيتي تيتي متل ما رحتِ جيتي فلا داعي لكل هذه المصاريف ولكل هذه الروحة من أساسها، وهذه الخدمة نسميها بمصطلحاتنا الجوية (كسر سَفرة).
2 ـ خدمة العودة المباغتة: وتتضمن هذه الخدمة مباغتة الحبايب بالعودة إلى المنزل بعد 13 ساعة بشكل غير متوقع، وستشاهد بعينيك صدق دموع الحبايب من كذبها، وسترى بعينيك أمك وهي تتعشى ع الـ24 بعد أن اعتقدت من شدة ما انهالت دموعها أنها لن تضع اللقمة في فمها إلا بعد أربعين يوماً من غيابك، وهذا ما كان يقلقك ويوترك، مما سيجعلك تسافر في اليوم التالي وأنت مرتاح نفسياً من ناحية أمك يا عين أمك، بالإضافة إلى أنك ستشاهد أشقاءك وهم يلعبون الطرنيب وكأنك لم تفارقهم اليوم، وهذا سيريحك في المهجر ويجعلك تتخذ قرار عدم إرسال الحوالات المادية لهم بقلب بارد.
3 ـ خدمة الطلاق السريع: وتتضمن تزويدك برقم ترسل له حال وصولك إلى المنزل رسالة (بدي طلِّق) فسينزرع عندك ولو بنصاص الليالي كاتب العدل وأنت تمسك زوجتك بالجرم المشهود وهي.. تضرب الأولاد!!..
4 ـ خدمة السفر من جديد: وتتضمن عودتك إلى المطار في اليوم التالي في موعد جديد ونهار جديد وأمل جديد.
5 ـ خدمة تعلُّم الصبر: وهي خدمة تعلمكَ الصبر والانتظار لـ12 ساعة أخرى، يتمّ بعد ذلك نقلك مع باقي المسافرين على متن باصاتنا إلى فندق سبعاوي النجوم قريب من المطار للإقامة والسباحة والنوم لليلة واحدة مجاناً على حسابنا طبعاً.
6 ـ خدمة الشوق للسفر: ونقدمها لك أثناء نقلك من الفندق إلى المطار في موعد جديد آخر.
7 ـ خدمة الجلوس على المقعد: وهي أفضل خدماتنا، وبالتالي فقد تركناها للأخير، وستجد كم هو ممتع ولذيذ الجلوس على مقعد الطائرة بعد أن فقدت هذا الشعور على متن طائرات الشركات الأخرى.
8 ـ ملاحظة: عندما نقول طائراتنا، فإننا نقصد طائرة واحدة فقط لا غير يتكون منها أسطولنا الجوي، ولكنها تفعل فعل 100 طائرة.
9 ـ خدمة الهوب هوب السماوي: وهي خدمة تتفرد بها طائراتنا.. يعني طائرتنا.. فهي تغير مسارها وتتوقف في الجو إذا وصلتها رسالة مكتوب فيها (هوب هوب)، فتترك الطائرة كل مواعيدها وتأتي لخدمتك وتوصيل مجموعتك إلى المكان الذي تريد. وبسبب هذه الخدمة، اخترعنا باقي الخدمات أعلاه، وهوب هوب.. وجهك لقدام.. ورافقتكم السلامة.. ومحروسة.. وعين الحسود فيها عود.. هوب هوب الله معك."

٠٧‏/١٠‏/٢٠٠٨

عواطف إلكترونية


"لم يساهم الأنترنت برأيي 'المفشكل' الذي لا سند له ولا إثبات بانفتاح المجتمع العربي على بعضه البعض، بل العكس هو الصحيح، وأقول بل وأنا واعٍ للرأي الآخر الذي سيقول لي أن أسكت وأبلع رأيي وأقعد قدام الكمبيوتر ليلاً نهاراً لأمارس حياتي الإفتراضية التي ارتأى معظم الشباب العربي أنها حالة تطور وتقلط، فترى الولد جالساً أمام اللاب توب من الصبح يعني الساعة 'تلاتة الضهر' عنده إلى نصاص الليالي يعني 'سبعة الصبح' عنده وهو يتحدث مع صديقه الذي لا يعرفه، فيقول لي الرأي الآخر أنه

يتعرف عليه، وممكن يسأله وياخذ الجواب منه، فأقول أن معرفة الإنسان تكون بما تعرفه أنت بنفسك عنه، وليست بما يحب هو أن تعرف، يعني ممكن يقول عن نفسه أنه شخص مهم، وأنت عليك أن تقبل، وممكن يقلك أنه طيب، وأنت عليك أن تقبل، وممكن يقدم نفسه على أساس أنه بنت، ويضع لك صورة له خارقة الجمال كأنثى، ثم يأتي ويسألك، وأنت تحب أن يسألك أحد، ولمَ لا، فبالأجوبة ستحقق أحلامك بنفسك، وتخترع لنفسك ما لم تستطع أن تفعل 10 %منه في حياتك الواقعية من اللحظة التي توقظك فيها أمك كي تتناول طعام الغداء على الأقل مع العائلة، لكنك تفضل النوم وتستيقظ وأبوك في سابع قيلولة وبجانبه أمك، وأخواتك أحدهم يكتب وظايفه والباقي يلعب، وأنت مع قهوتك الصباحية امام الكمبيوتر تسعى، تفتح الماسنجر، وتدخل في أحاديث مع ناس في كندا وآخرين في الهند، تجتاز السهول والوديان، وتعبر السبع بحور، وتخترق الأجواء، وتصل إلى ما لن يصل إليه أخوك الصغير الذي يلعب بالطابة مع رفقاته ويتخانق مع الجار الشرير بسبب انشعار بللور سيارته مجرد شعر، بينما أنت تكتب الشعر، تكتب تغزلاً بعينيها اللتين اتفقتما أنت ومحدثك أو محدثتك على لونهما، فلقد أجبتها أنك تحب العيون السود، والشعر الغجري المسدول يسافر في كل الدنيا، والشفاه القانية المبتسمة عن معرفة، والقوام الممشوق اللي من نوع النخلة، ويا لهول المفاجأة، أرسلت لك صورتها فإذا بها كما تريد، وكما تحب، وكما تشاء، فتتابع إقتحام أدغالها الإلكترونية إلى ما لا نهاية، ولا تراها ولا تراك إلا في الأحلام النهارية، لأنك صرتَ كائناً ليلياً بامتياز، منعزلاً عن شمس النهار، عن النعمة الإلهية، عن الناس، وأنت تعرف أن في الناس المسرة، وتسأل فيأتيك الجواب، وتُسأل فترد بالجواب، لكن كيف يمكن لك أن تجيب بصدق على سؤال من شخص لا تعرفه، كيف يمكنك أن تبوح بآلامك لشخص لم تحدق في عيونه، كيف تحكي حقيقة أعماقك لشخص لا تعرف كيف يرتشف قهوته، كيف ينهض، كيف يجلس، كيف يتعامل مع الآخرين، كيف يبتسم وكيف يعبس؟!!!
إذاً ستكذب، أنت حر الآن فلا أحد يعرفك كي ينهرك بنظرة أو باحتجاج إذا ما كذبت، وستصبح كائناً افتراضياً شكَّلتَه من أحلامك العاجزة عن التحقق، واكتفيت من الحياة باللاب توب، وإنَّا لله وإنَّا إليه لراجعون."

٠٦‏/١٠‏/٢٠٠٨

شوط يا قمر


"ربما لا تعني لك الكثير وأنت تشاهدها، ربما تكون مكتفياً من الابتسامات بعد تعرضكَ اليومي للعشرات الكاذبات منها، ربما نسيت أن تتمتع بالابتسامة الصادقة، بل وأن ترضي حاجتك منها، فأنت لا تستطيع أن تكتفي ذاتياً وتقف أمام المرآة وتبتسم تلك الابتسامة الغبية لنفسك فتتحول من نرسيس يتأمل نفسه في المرآة بإعجاب إلى نرسيس معاكس يجعل من شبيهه في المرآة ينظر إليه بإعجاب، لا .. لا يمكنكَ أن تبتسم لنفسك، كما لا يمكنك أن تنظر إلى نفسك نظرات الإعجاب، بالمنطق وباللا !!
منطق أنت ستكون مضحكاً، مضحكاً من النوع الشرشوح المسكين الذي يحاول في كل جلسة أن ينقل رسالة شخصه الكريم من المرآة إلى الآخرين الذين لم يكونوا معه في تلك اللحظة الفريدة، فيقول إن أحدهم قال عنه بأنه عظيم، هذا الأحدهم هو شخصه في المرآة بذاته، لكنه لا يحب أن يذكر الناس بالأسماء، وأن أحدهم آخر قال بأنه رائع.. وآخر يعني هو نفسه لكن في وقفة العصر بعد العودة إلى البيت من العمل الله يجعله عمل فعلاً، وأحدهم آخروهو تبع وقفة المغرب بعد الفيقة من القيلولة المقدسة، وهذا بيجي صوته رخيم وألُه روزة وهو يقول له بيقينية تامة بأنه موهوب، روح.. أنت موهوب وحليوة ومعلم ومافي منك ..وشوط يا قمر.. شوط.. فكل تسديداتك أهداف وعوارض وقوائم، شوط يا قمر.. فكلك خطر، وكلك فهم، وكلك نظر، شوط يا قمر.. وإذا حدا ضايقك اعمل فاول لأنو ما حدا بيصفّر لك لا شرطي مرور ولا حكَم، شوط يا قمر ولا مانع أنك تبعت حدا يطلِّع الحارس من المرمى ويكرسح المدافعين عن الحمى ليخلو لك الجو وتسجل الهدف، شوط يا قمر.. فالمرمى أمامك مفتوح.. المدافعين بالمشفى، والحارس بالنظارة، والمهاجمين عم يتشمسوا بأفياء منطقتك اللي ما فيها عجقة، شوط يا قمر.. ما في حدا.. وفعلاً ما في حدا لأنو القمر طلع مو حدا وشاط لبرَّا، كده برضه يا قمر؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ألم أقل لك أنو ما بيمشي الحال تحت ظلال نظريات الاكتفاء الذاتي؟!! عليك أن تبحث عن تلك الابتسامات الصادقة التي تعطيك قوى خفية لن تدرك قيمتها إلا عندما تكتشف فجأة وفي لحظة ملهمة أنك فقدتها من حياتك، حتى أنك لم تعد تكلف نفسك الرد على الابتسامات الكاذبة إلا ابتسامة كاذبة موحدة مفتعلة بوضوح لشدة تكرارها على وجهك المحايد، فترى عيونك في مكان، وحواجبك في زمان، وخدودك في خبر كان، بينما يعلو محياك الابتسام، لقد فقدت حاسة تصدير الابتسامة الصادقة وفقدت أيضاً حاسة استيرادها، لم تعد تعطيها لأحد، ولم يعد يعطيك إياها أحد، أصبحتَ مزيفاً مع أمك وأختك وأخيك.. أصبحت مسلفَناً أمام أصدقائك، وأضحيتَ ملمَّعاً أمام نفسك، أما الأعظم وأدق رقبة فهو أنك أصبحت تجامل حتى نفسَكْ. ما بعرف شو بدي قلك... أمرنا لألله .. شوط يا قمر"

آنستي فاديا


"كنا في الصف الثامن في مدرسة اسمها القنيطرة وبجانبها مدرسة ابتدائية، اسمها جبل الشيخ، بينما كانت الأحداث تجري في حلب، والحدث كان أن امرأة جميلة دخلت إلى مدرستنا، بل كانت فائقة الجمال، بشعر مسبل أشقر، وعيون بين الزرقة والخضرة، وابتسامة عميقة خلفها ما خلفها من حيثيات لا نعرفها، ودخلت إلى صفنا، ثم قالت لنا إنها آنسة الفرنسي تبعنا،

وبُهتنا.. ثم دُهشنا..ثم انفلجنا..ثم شعرنا بما يسمونه بالحبور.. عرفناه.. تعرفنا عليه هو وشقيقه الكبير سرور وشقيقته الصغرى فرح،
وكان اسمها فاديا ملحيس. كانت آنستنا هذه أول امرأة تدخل إلى مدرستنا الإعدادية باستثناء أمهاتنا اللواتي كن يدخلن بصفتهن أولياء أمورنا مسلحات بشحاطات سريعة الشلح واللطش على ظهورنا وأقفيتنا حال تلاوة الموجِّه لتقريره الموجَّه ضدنا، فالولد عم يتأخر على الدروس، وهذه عيارها كف عالماشي على الخلقة بشكل مفاجئ، والولد عم يقلل أدب مع أساتذته، وهذه عيارها طيارة مع شدة أذن قوية يتدخل على أثرها الأستاذ ويفك الطفل الجاني ولكنه الآن بين براثن والدته مجني عليه،
أما لمّا الولد عم يهرب من المدرسة وعم يشرب سيكارات فهذه تستدعي استخدام السلاح الأبيض وأداة التعذيب الأولى الشحاطة، ونولول تحت الضربات المهينة التي نتلقاها والقتلة التي نأكلها مع مازواتها من وحول عالقة في قفا شحاطة الوالدة يحفظها ويديمها على راس كل مرضي وكل مغضوب.
المهم مالكم بالطويلة هيك كان الوضع بالمدرسة الثانوية تبعنا، ومع أن كل الطلاب كانوا مؤدبين، فإن هذا لم يكن يمنعهم من الوقوف أمام باب المدرسة لوداع الآنسة فاديا وهي تمضي تماماً كما كانوا يستقبلونها عند مجيئها أمام نفس الباب،
وكنا نؤلف حلقة حولها من طلابها التوامن كي نمنع أياً كان من الاقتراب منها، لكنهم لم يكونوا ليزعجوها، وإنما كنا نفعل ذلك لنتباهى بأننا حراسها الشخصيون، ما كانت كلمة بادي غارد معروفة وقتها، وكنا نتشاجر مع كل من تسول له نفسه أن يتفوه بتعليق متهكم أو سخيف في اعتباراتنا، وكان الشجار ينتهي بهزيمتنا الفادحة كون العدو بكالوريا بينما نحن شقفة توامن، ولكن كرامتنا كانت تشدنا إلى القتال، على الرغم من أننا بالنتيجة المخزية عارفين،
وكنا نجلس مقابل الآنسة فاديا في الصف فخورين، وكانت تقول لي نقمان.. أنت نقمان.. نقمة على المجتمع.. وتضحك ويضحك الطلاب ثم ينادونني في الفرصة بنقمان ومنهم من كان يقول لي سقمان بسبب سقمي.. فكنتُ أقول : صحتي هي العجَبُ. وبصدفة عجائبية لمحتُ معلمتي،
هرعتُ إليها بفرح وحبور وسرور ولكنها لم تتذكرني، قلتُ لها اسمي وأنني كنتُ طالبها في الصف الثامن في مدرسة القنيطرة، فتذكرت المدرسة ولم تتذكرني، قلتُ لها أنو أنا نقمة.. نقمان.. ضحكت .. ولم تتذكرني..
عدتُ أدراجي خائباً، يا إلهي .. لم أكن مميزاً وقتها إذن.. فهي لم تتذكرني..
غير أن صرخة منها باسمي استوقفتني.. بس انا بعرفك هلأ.. بقرالك بالجريدة.. كل يوم..وبعرف أنك رح تكتب عني.. لأنك إذا تفركشت بالشارع بتكتب عن فركشتك، وإذا انكسر معك كاسة وأنت وعم تشرب بتعمل منها قضية،
بس أوعك تقول أديش عمري.. أوعك..
وتعانقنا وتعاهدنا على عدم ذكر عمرها لأنها غالية علي وسعرها بسعر أمي ."

٠٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

خدمة الأمل


"تصادف في حياتك في الكثير من الأحيان واحداً من هؤلاء الذين يدقون على صدورهم ويمسكون بشواربهم أنو شغلتك عندهم، فتضع يديك ورجليك في مياه باردة طالما أن العينتين وضع يده على شواربه، وتمضي الأيام ثقيلة عليك وأنت تنتظر نتيجة جهود صاحبك، ولكن لا مجيب، الزلمة غط وسكَّر موبايله ومعاملتك اللي كان بده يمشّي لك اياها مازالت مكانها راوح،

وتراوح بينك وبين نفسك بين الانتظار قليلاً ريثما يذوب الثلج وبين أن تقطع الأمل وتباشر بنفسك في كيّ جرحك وملاحقة شغلك، وتضيع الأوقات، وتختلط ببعضها الأزمان والمشاعر، فلا تعود تعرف هل تكره هذا الشخص أم تحبه، هل تغضب منه أم ترضى عليه، وكيف لا تختلط مشاعرك هكذا وقد منحك هذا الشخص في لحظة من اللحظات الأمل؟!!.. ولم يكن ليمنحك هذا الأمل لولا أنه كان ينظر إليك بعينين صادقتين واثقتين مصممتين على مساعدتك، لولا أنه خبط بكامل كفه على صدره فسعل هديك السعلة العجيبة لدقيقة ثم قال أنو ولا يهمك عندي، فتقول في نفسك من جديد إنَّ الأمل الذي أنت في رحابه الآن لا بدَّ وأن يكون صادقاً، وإنَّ الوعد لا بدَّ أن يكون قادماً، ولكن نقزة ما في صدرك تقول لك لكن أين الرجل، ليش موبايله مسكَّر، ليكون مسافر ونسي موضوعي، ليكون قصداً مسكِّر موبايله مشان يتهرب مني، لكن ليش بده يعمل هيك، ما لو مضطر!! وتعود وتقول في نفسك بذكاء شديد إنَّ الرجل يعاني الآن في سبيل معاملتك، ولا يريد أن تشوش التليفونات على انغماسه في قضيتك، وأنو بالتالي كتَّر خيره، وبالتالي ألله يعلِّي من مقداره وشانه ومرتبته ليدوم ذخراً للوطن والمواطن اللي هو أنت الآن، وتنام وأنت تحلم بالنتيجة السعيدة، وتستيقظ من أربعتك بواسطة خدمة الكابوس المنبهة لك بأن معاملتك في خطر، وقضيتك راحت بشربة مي، وضاعت بين أدراج الدوائر وخزائنها، وتخرج راكضاً للبحث عن هذا الدقّيق والمسّيك في المقاهي .. وتنتظر قدومه ربما.. تشرب شاياً هنا وقهوة هناك، وتخرج بعدها إلى المطاعم، تلقي نظرة هنا، وتأكل لقمة هناك، وتخرج نعساناً من بعد وجبة الغداء لكنك تلغي قيلولتك وتقاوم استرخاءك وتمضي إلى البارات وتبحث، تأخذ لك شفة من هنا، وجرعة من هناك، وتخرج مترنحاً وأنت تبحث بعينيك عسى ولعل تلقطه في شارع ما خارجاً من سهرة ما، وتطلبه على الموبايل، لكنه مازال خارج التغطية، ولكنك لا تفقد الأمل بعد أن سكّرت كل البوبات والمطاعم فتأخذ وجهك إلى الملهى وتتفرج على الاستعراض الأوروبي الشرقي، وتؤنغج فتاة أجنبية وتقول لها بالإنكليزية المفشكلة : آي سيرش ماي فريند.. آيام نت زبوناً هنا كباقي الزبونات.. آيام حباب وما لي تبع هيك شغلات. فتفهم عليك وتبتسم وبعد ذلك تتخورف بالمبلغ المعهود وفوقه سكّرة منك، وتعود إلى البيت مزهزهاً وتضحك.. نعم تضحك.. فلقد عرفت المسألة أخيراً.. وأنَّ صاحبك درويش معتر.. لا بيحل ولا بيربط بدائرته.. وأنو كلمته مو مسموعة بنوب.. هذا إذا كان ألو كلمة.. وأنو الزلمة على باب ألله.. وأنو مشكلته أنو حباب وطيب وبيحب يقدّم الخدمات المجانية اللي هي عبارة عن خدمة الدق على الصدر، وخدمة مسك الشوارب، اللي بيندرجوا تحت خدمة الأمل الأسبوعي التي هي أضعف الإيمان من موظف تعبان يقدمها إلى مواطن غلبان."

٠٣‏/١٠‏/٢٠٠٨

وحيداً في المنزل


"يحدث أن يأتي العيد وأنت تنتظر الحرية، تنتظر أن يمضي أهلك إلى مسقط الرأس، إلى البلدة البعيدة، فتقول في نفسك إنك ستتذرع وتتحجج كي تبقى في المنزل وحيداً، لا .. لن تذهب معهم ولو على جثتك، وتصر على المكوث في المنزل وحيداً، وبالطبع ستقول بأنك ستستغل فترة العيد كي تدرس، وسيكون جيداً جداً أن لا ضجة
في المنزل، ولا أصوات، ولا إخوة ولا أخوات، ولا أم ولا أب، لكن أمك لن تقتنع، وستصر على ذهابك معهم ولو على جثتها أيضاً، وستتكرر كلمة الجثة كثيراً عند طرحك لموضوع بقائك وحيداً في المنزل، وسيحاول والدك أن يقنعك بالذهاب إلى البلدة والدراسة هناك، لكنك ستجعر بعدة براهين وإثباتات على أن الدراسة في البلدة غير ممكنة، لأنو ابن خالتك لن يتركك وشأنكن كما أن ابن عمك العاطل عن العمل سيدبقك، بالإضافة إلى شلة الطرنيب والتريكس من أقاربك التي ستسهرك حتى الصباح على أكل الختيار، وبلع الأربع بنات، وطرنب بالغش، وغمز شريكه، فتلين والدتك قليلاً، وتفكر أن الولد معه حق والله ولكنها لن تستسلم، وستغريك بالبلدة عندما تذكر بنات خالك الجميلات، وبنت عمك الأمورة، فيبتسم الوالد وهو يراك تفكر في هذه اللحظات، ويحس الجميع أنك ذاهب معهم لا محالة، خاصة عندما يلمحون لمعان المعاني في عيونك، لكنك ستتذكر أن بنات الخال وبنت العم ما لهم بسيرة الحب إلا في حال انتهائه بالزواج، وأنت فين والزواج فين، لساتك شلوف منتوف مالك حيلة ولا فتيلة بأمور الاستقرار إلا لبعد عشر سنوات تكون قد تخرجت فيها من الجامعة وخدمت العسكرية واشتغلت شي خمس سنين ويفضل أن تكون هذه الخمس سنين الأخيرة في الخليج حيث الدراهم والريالات والدنانير، وتصرخ فجأة أنك ستبقى ستبقى ستبقى وستدرس وتدرس وتدرس، ويوافقون على بقائك بعد أن تقرر أمك أن تترك لك كل الجلي كي تتسلى به في أوقات فراغك، ويترك لك الإخوة كل الغرف بفوضاها كي تتسلى بترتيبها في العيد، ويوصيك الوالد بأن لا تدخل أحداً إلى البيت وخاصة رفاق السوء، وتنبهك الوالدة بأنك مراقب من قبل الجيران ويا ويلك إذا ما أدخلت البنات الفلتانات إلى البيت، وتحلف وتقسم وتؤكد وتوقِّع على الوثيقة، وتنفرد بالبيت، تتصل بأصدقائك كي يزوروك لكن لا أحد، الكل مضى إلى البلدة، والذي لم يمض مو فاضي لأنو عم يزور الأقارب، تتصل بصديقاتك كي تأتي شي وحدة منهن وتدرس معك، لكن ولا وحدة وافقت، لأنهن ذكيات ويعرفن أنو أهلك مسافرين، تنزل إلى الشارع عسى ولعل تصادف شي حدا لكن لا أحد سوى الأولاد وهم يلعبون على المراجيح ويطلقون النار على بعضهم البعض من المسدسات، تدخل إلى مركز المدينة فتجده خاوياً خالياً إلا من المراهقين من جماعة سينما العيد، تجلس في المنزل، تتسلى بترتيب الغرف كلها، تتسلى بالجليات، ثم تشطف المنزل كتبرع منك، تتفرج على التلفزيون فتمل، لأنو كل المسلسلات خلصت، تحاول النوم فلا يأتيك النوم، تمضي في الصباح الماكر إلى الكراج وتصعد في الباص الحبيب، وبوجهك إلى البلدة، إلى بنات الخال والخالات والأعمام، وإلى التريكس والطرنيب والمتة، ويفرح بك الأقرباء بعد أن زعلوا لأنك بقيت في المدينة، وينظر إليك الوالد متهكماً، والإخوة والأخوات شامتين شامتات، وتنظر أمك إليك بحنان."

الموبايل من جديد


"لاشكَّ في أنَّ مشاكل الموبايل السوري أضحت شهيرة أكثر من شهيرة زوجة محمود ياسين أيام زمان عندما كانت الشامة اللي على خدها نقطة علام، وكان أن أخبرني صديقي علام المقيم في الإمارات والحائز على خط سوري لاحق الدفع أنه يدفع فواتيره بانتظام، كما أنه يواظب على دفع الاشتراك الشهري حتى لو كان خارج القطر، ولكنه في الآونة الأخيرة بدأ يلمس أنَّ هناك اشتراكاً جديداً يدفعه كلما تمتَّع بخدمة الحكي على الموبايل لأكثر من اللزوم، مع أنه ليس مثلي من المتأخرين على دفع الفواتير، وليس هارباً من الدفع ومتنصِّلاً كما تدلُّ فواتيره الكبيرة التي دفعها طيلة سبع سنوات من شرائه لهذا الخط اللاحق الدفع، فقلنا له يا عزيزي أنت مغترب ولا تعرف بأحوالنا خيراً من شركة الموبايل، فلقد مرَّ على راس هذه الشركة زبونات اللهم عافينا، شي بيحكي وبيحكي لتصير فاتورته خمسة عشر ألفاً، وبعدين بيطيلس عالدفع، وبيروح بيشتري خط مسبق الدفع، وكفى المؤمنين شر القتال، وشي بيتأخر شهرين ليدفع، وشي بيحكي عالرايحة والجاية على الموبايل مع أنو التليفون الأرضي بجنبه، وما بدها غير شوية لحلحة ورفع للسماعة لا أكثر ولا أقل، ولكي يتعلَّم أبناء الشعب آداب التعامل مع الموبايل، فقد اخترعت الشركة فكرة الدفع المسبق للموبايل اللاحق الدفع!!.. طيب يا أخي رح تجنِّني، شلون لاحق الدفع وشلون لازم ندفع قبل بشكل مسبق؟!!.. كيف.. عندك حلول لغوية لهذا التوصيف ولهذا التطبيق؟!! تصوَّر جيت بدي أحكي بالموبايل قام لقيته ما بيحكي.. مانعينه من الاتصال.. اتصلنا بالشركة لأنو مسموح الاتصال فيها فقط، قالوا لي لازم تدفع سلفة سبعة آلاف ليرة مشان تقدر تحكي، قلت لهم يا أخي بس أنا من أسبوع دفعت فاتورتي، وكل شهر بدفع على آخر مليم، وملتزم مئة في المئة بقوانين الشركة، وخاصة دفع الاشتراك الشهري الخاص بالخطوط اللاحقة الدفع، وطالما اسمه لاحق دفع، فإنَّ طلب السلفة بعد أسبوع من دفع الفاتورة كل شهر مجنِّني، لأ والأنكى من ذلك أنَّ طلب السلفة هذا يشعرني بأنَّ الشركة لا تثق فيَّ، وأنها تعتبرني هارباً لا محالة من دفع الفاتورة بعد طق الحنك مع الأحباب والأصحاب، فهل من جواب؟!!
قلتُ يمكن الجماعة بدهم يخلوك تفكر قبل ما تحكي، لأنو الحكي على الموبايل خراب ديار بخراب ديار، بعدين إذا دفعت السلفة بتخف عليك الفاتورة آخر الشهر، يعني الجماعة عم يقسطوا لك المبلغ تقسيط بدون ما تدرى، لكن صاحبي قال أنو هو بزنس مان، وأنو المصاري اللي بجيبته خير من عشرة في شركة الموبايل، وأنَّ الخط لاحق الدفع وله بهذا الخصوص رسم اشتراك، فإذا أرادوا أن يطالبوا المواطن بسلفة مسبقة الدفع فعليهم إلغاء الخطوط اللاحقة الدفع وجعل كل الخطوط مسبقة الدفع، فإذا دفعنا كاش ستخف مكالماتنا، بينما بالدين فهات رطلين، ويا هلا.. وأهلين!!"

٠١‏/١٠‏/٢٠٠٨

عيد سعيد


"فإذا جاء نصيبه للطفل الذكر عندنا يوم بيوم من أيام العيد فإن اسمه سيكون( عيد) بإذن الله، هكذا درجت عندنا العادة، وهذا ما يفسر وجود أسماء مناسباتية لدينا مثل شعبان ورمضان ورجب .. لكن ما حدا سمّى ابنه شوَّال.. نعم يا حبيبي في حدا سمّى شوال،.... مين ؟! .. شوال شو بيعني لك؟!.. شوال يعني العيد،..هاه وهي أنت قلتها بعضمة لسانك يا ذكي.. ولذلك فهناك اسم شوال.. لكن بفورم تاني.. بشكل تاني.. عيد.. يعني شوال بالتأكيد وأشهر تانية في معتقدات تانية وأعياد تانية، وعلى !!.
اعتبار أن اسمه عيد فإن اسمه الدلع بالتأكيد سيكون عيدو، مستحيل حدا يدلعه ويقل له دادي.. اللي بيقولوا دادي أصلاً ما بيسموا ابنهم عيد، بيسموه فيت، لذلك بيدلعوه وبيقولوا له بون فيت، ومنهم بيقولوا له فيتو، وهدول غير جماعة حق الفيتو اللي كلما أجت العالم لتعمل شغلة منيحة أو مو منيحة بيطلعوا لهم سنجق عرض، لكن يمكن أن يكون عيدو هذا ليس من جماعة عيد الفطر السعيد آل الشوَّالي، لأنو جماعة العيد الشوالي بيجوا بالعادة عالدنيا نحاف وممصوصين، وذلك لأنهم كانوا صايمين ببطن أمهم آخر شهر من قعدتهم المرتاحة في نعيم الرحم، وما كانوا يدوقوا نقطة المي وقطرة القمردين ولكة الزعتر ولقمة المحشي وقطعة البرغر ولحسة الآيس كريم ولهطة الدوندرمة قبل ما يضرب الطوب ويطلع أذان المغرب مرت لمة خيالة، وهناك عيد يشبه أطفاله أطفال عيد آل الشوالي، وهم أطفال عيد الفصح(العيد الكبير)، وذلك لأنهم يصومون لمدة خمسين يوماً عن الزفر، يعني بيجي الواحد مهم عضم بدون لحم، لأنو الأخ كان قاعد خمسين يوم على جنب واحد بدون لحمة، لكن جماعة عيد الأضحى بيجوا مزهزهين شوي، مو مشان الخواريف، لا.. بس وضعهم النفسي بيكون بانتظار الفرح، انو يمكن في واحد بده يجي من الحج والكل ناطرينه، ربما البعض ينتظرون خبراً مفرحاً في حصول ابن لهم على وظيفة، ربما البعض منهم بانتظار أن تقول له حبيبة قلبه رداً على كلمة قالها لها مليون مرة'وأنا كمان'بخجل شديد يليق بصمتها المديد، وربما يكون البعض بانتظار الفيزا، أو بانتظار الحوالة عالعيد، بانتظار الورود، بانتظار الردود، وفي حال من الأحوال بانتظار المولود، فيكون عيد، والعيد سعيد، لذلك هناك من لم يسموا بعيد سموا بسعيد، وسعيد هذا هو والد العيد، هكذا تقول الأسطورة الحلبية، يا أولاد العيد.. أبوكم سعيد.. لفته حمرا.. وطربوشه حديد... ثم يكملون الأهزوجة الحلبية مجاكرين أولاد الشام.. فيقولون لا فض فوهم : يا اولاد الشام.. أبوكم زعلان..فيرد أولاد الشام يا ولاد محارب.. شدوا القوالب.. لكن محارب هذا ليس هو سبب الزعل.. وإنما سبب الفخر..وهو في العيد سعيد..وما بين آل السعيد.. وآل محارب.. كنا هنا شي عم نشد القوالب.. وشي عم نهز المراجيح"

٢٥‏/٠٩‏/٢٠٠٨

بألواني الطبيعية


"إذا تعبَ الشعراء قالوا:
تعبتُ يا صاحبي
أو
يا أبي ما عادت بي طاقة للعيش
أو
لم أقدر على الدنيا يا أمي
أو
يا أخي يأسي أكبر من رغبتي بالحياة
إذا تعب الشعراء..
أما أنا.. فتعبتُ
وما عادت بي طاقة للعيش
ولم أقدر على الدنيا
ويأسي أكبر من رغبتي بالحياة
ولكن دون أيةِ كلمة تستطيع أن تسند هذه الجمل المرهَقة

*********************
وما حمل ساعةً في معصمه
وما علَّق في عنقه زرداً
وما نقش على جسده وشماً
ولكنه مشى في الشوارع المزدحمة
كعلامة فارقة

*********************************
لم أخطئ
لم تخطئي
ولم يخطئ أحد
ولكن
على أحد ما في هذا العالم
أن يبدي لنا الأسف

*****************************
عندما لم تلتمعْ العيون
ولم تهتز الشفاه
عندما لم يدق القلب بعنف
ولم ترتبك الكف وهي تلمس الكف
عندما دخلتِ إلى منزلي
ولم أفكر بإغلاق الباب خلفك
أيقنت أن كل شئ قد انتهى الآن
*******************************
وأنتَ معي
لست أكثر من شخص يحبني
أحبكَ
وأنت تغفو على صدر غيري
أحنو عليك وأنت بين ساعدي سواي
أغفو في أعماقكَ
وعندما تمد شفتيكَ لفم غريب
أظهرُ
فيحمرُّ وجهكَ
وترتعد شفتاكْ
وتعود مجرد شخص يحبني
أحبكَ وأنت تحكي قصتك للغرباء
وأحميك عندما تعبر الشوارع
من اللصوص والسيارات
ومن الكف التي تمسكُ كفَّكَ

********************************
هذا أنا
في المقهى
جالساً على هذا الكرسي وذاك
هذا أنا
أشرب القهوة هنا
وهنا أرتشف العصير
وهناك
أعبر بخفة خلف الزجاج

***************************
إلى ناصر نعساني
لا تأخذنا هكذا
امنحنا فرصة أخيرة
كي نحقق وعودنا التي رميناها جزافاً للزوجات
كي نعود إلى المنزل
محملين بالخضار والحليب
امنحنا فرصة أخيرة
لدفع الإيجار

فرصة أخيرة
كي نقنع أطفالنا
أننا ذاهبون
دونما عودة

***************************
أنت وهؤلاء الناس
من بيده يأخذ بيدك
ومن بيده يكسر يدكْ
من تبكي على كتفه
ومن تبصق على وجهه
وأنت وهؤلاء الناس

من يشدك بقوة إليه
ومن يطردك ببرود من حياته
من يرمي بثقل آلامه عليك
ومن يعانقك
وأنت وهؤلاء الناس

من يقبّلك
وهو في قرارته يشتمك
ومن يخمشك ويشد شعرك ويصفعك
وهو في قرارته يقبلك ويعانقك
من يكسرك
وهو في أعماقه
بالعناق يكسّرك
وأنت وهؤلاء الناس

******************************
منذ أن هربَتْ صورتي
من إطار العائلة
وابنتي تعلمت أن تكتب اسمي واسم أمها وأختها واسمها
وعندما كانت تلتفتُ
كنتُ أشطبُ اسمي
فلا تبكي ولا تصرخ
وتعود في زيارتها التالية
وهي تحمل صفحتها البيضاء.. البريئة والمشرقة

******************************
في صورة بالأبيض و الأسود
كنت أرتطم بهم
ولا أسمع صراخهم
في صورة بالأبيض والأسود
شتموني بوقار
وانتقدوا مشيتي
اتفقوا جميعا
الأبيض منهم والأسود.. عليّ
في صورة بالأبيض والأسود
كنت أمشي إلى خارج الإطار
بألواني الطبيعية

***********************
سأغلق النوافذ جيداً
ولن أفتح الأبواب
سأرتق شقوق الجدران
لأنني أخاف
أن يدخل الهواء الذي تتنفسون منه إلي

*************************
أنا التلميذ الذي مثل أدوار الشر
على مسرح المدرسة
ورأيتكم
وعشت معكم
وتعلمت القذارة منكم
وفنون الخسّة
أنا التلميذ الذي خرج من شوارعكم
منحطاً وسافلاً
أبحث عن جدران
أختبئ خلفها
وأبوابٍ أقفلها على نفسي
كي أعود مجرد تلميذ يمثل أدوار الشر على مسرح المدرسة

***************
يقولون عني: وغد وسافل
وهناك من يقول: فتى منطلق كالفراشة
ومضى بي العمر
ولم أعد فتىً منطلقاً كالفراشة
بينما ولأنها صفات لا عمر لها
بقيت وغداً.. وسافلاً

********************
أكتب بالقلم
لا بالأزرار
أقرأ الكتب
لا الشاشات
ما الفائدة من التقدم العلمي
وأصدقائي يموتون
عند أول محاولة مازحة للموت معهم"

١١‏/٠٩‏/٢٠٠٨

كي ألمَّ أوراقي


"لماذا
أقنعتِ من تحبين
بأنك ما أحببتني يوماً
لماذا عليّ دائماً
أن أراقب وجهه المذهول
كلما ذكرتُ قصة
فيها .. ولو قليلٌ
من الحب .. ما بيننا


**
كرسيكِ على البار
أدوِّره وأنت جالسة
وتضحكين.. وأضحك
أدوِّره الآن
وهو شاغر
بعناء أكبر
مما لو كنتِ عليه

**
تقسين ويعلو صوتكِ
تتأخرين في القدوم
وأحياناً لا تأتين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
يخفُّ كلامك الجميل
وتقل ابتسامتكِ
وتفكرين بالمضي
بل إنكِ الآن تمضين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
دون أن تنتبهي أنه يتفتت الآن

**
لأنكِ خنتِ سيدكِ
أمام حارسكِ
أضحى داخلك وحيداً
مثل ثقب في إبرة مرمية

**
لا تمضِ بسرعة يا صديقي
ولا تخَف إن زلَّ لسانكَ
بكلمة حب عنها
لا تمض أبداً
فأنا أحبكَ كثيراً
وأنت تتحدث بلهفة عن مزاياها
التي نسيتَ أنني حدَّثتك مراراً عنها

**
كيف تستطيع أيها الحقير
أن تقف خاشعاً
بجانب امرأة لا تحبها
في كنيسة قديمة
يوم الأحد

**
بالقبلة تبدأ الكراهية
بأغنية قديمة نعرفها
بشارع مشينا فيه معاً
بشجرة عليها أسمانا
بسرير رديء فيه رائحتنا
تبدأ الكراهية
كالحقيقة.. مخيفة وساطعة

**
امنحيني بعض الوقت
إذا كنتِ ستمضين
بعض الوقت
كي ألمّ أوراقي كلها من حياتكِ
كي أعرف الفرق بين ألم الخيبة وألم الحب
بعض الوقت
لأتذكر أصدقائي الذين نسيتهم وأنا معكِ
أو لأردَّ على رسالة منسية على طاولتي
لأعرف إذا كنتُ سأبقى وحيداً حقاً
وفي أي مكان
بعض الوقت
كي أعرف الوقت الذي أحببتكِ فيه
والذي كرهتكِ فيه
والذي بلا مشاعر
بعض الوقت
كي تكون النهاية حاسمة
لا يخالطها الألم عند ارتياد مكانٍ كنا فيه معاً
ذات يوم
أوعند اللقاء بصديق مشترك
عند صورةٍ لوجهكِ على كتفي
أو قطعة من زينتكِ منسية في حقيبتي
واخرجي بعدها من حياتي
كما دخلتها
بعناد وإصرار
ولكن امنحيني بعض الوقت
لأجد مشجباً واحداً
أعلّق عليه ثيابي آخر الليل
دون أن أشمَّ فيه رائحة ثيابكِ

**

وحيثما تمضين
سأكون خلفكِ
حارسكِ
بقية الحب التي تحمي نقاط ضعفكِ
**
ها هي معكَ الآن
وأنتَ تخاف أن أكرهَك
ولكن كيف؟!..
لقد فزتُ بالراحة
وأورثتكَ الألم

**

أيها الصديق الذي كنت أحكي له
عن التي أحب
وكان يبكي مراراً وهو يستمع
أيها الصديق الذي كان يرفع معي كأس من أحب
وكنت أحدّثه وفي صدري ألم لا يطاق
أيها الصديق الذي بعد كل هذا
أحبَّ من كنتُ أحب
أيها الصديق الذي يأتي اليوم
ويحدثني عنها
وفي صدره ألم لا يطاق

**
كنتِ سرية
فلم ينتبهوا إلى آلامي
وأنت تمضين إلى سواي
****
أفتقدكِ"

٠٤‏/٠٩‏/٢٠٠٨

يدي التي لا تلمسكِ


"لا يوجد أيّ مكان
يليق بما سأقوله لكِ
غيرنا أمكنة كثيرة

ولكني لم أستطع أن أفعل شيئاً
ولم تستطع يدي الراجفة أن تلمسكِ

**

أحبكَ
ولكن لا أستطيع أن أراك
أحبكَ
ولكني لا أريد أن تزعل أمي
أنت تعرف.. إنها أمي
أحبكَ.. أحبكَ
ولكن أرجوك لا تكلمني هاتفياً

**
كانت جنبَكْ، وكنت أنا بجنب واحد تاني، كنت معانقها والظاهر أنك كتير كنت عم تحبها..
ما حكيت معَك شي، بس أنت كل الوقت كنت عم تبهدل اللي قاعد جنبي، وأنا كنت عم ارد عليك، وكنت تقل لي (لا تدافعي عنه)
ليش أنا كنت عم ادافع عنّه؟!..
يا مجنون أنا كنت عم ادافع عن حالي..
وغير هيك.. كنت عم ادافع عنّك..

**
في بارٍ لا يشبه أيامنا
التقينا.. وتحدثنا كثيراً
بحماس.. كما لو أننا نلتقي لأول مرة
في ذات البار
بعد زمن
التقينا
لم نحيّ بعضنا البعض
ولم نتبادل النظرات أو نتحدث
كما لو أننا نلتقي لأول مرة

**
كلهم بيقولوا (أنك بتحبني بس أنا ما بحبك)، وأنا ماني مضطرة أشرح لهم، أغبياء..
بيكفيني أنك وحدك بتعرف أديش بحبّك.

**

ربما لأنك تشبهين فتى أزعر
يقف مستنداً إلى جدار
ويدخن بوقاحة
أترككِ وأتذكر
كيف كنتُ فتى أزعر
يقف مستنداً إلى جدار
ويدخن بوقاحة
ولكن.. منذ زمن بعيد

**

كل ما بيرنّ التليفون
بقول: هادا أنتِ
برفع السماعة، طبعاً مو أنتِ
رح كسّر هالتليفون
أساساً.. شو شغلته
إذا ما كان صوتِكْ هوّه اللي عم يصلني منّه

**

كلما بيرن التليفون
بقول: هادا أنت.. رح أسمع صوتَك
برفع السماعة.. طبعاً مو أنت
برتاح كتير وبقول لحالي:
كمان هالمخابرة مرقت على خير

**

عم تهربي مني
ليش أنا ما عم أهرب منِّك
مفكرة إذا كنت عم اتلفن لك كل يوم، وكل يوم عم اقلّك بدي اشوفِك وانتِ عم تتهربي بكون ما عم أهرب منك أنا كمان؟!
بعرف منيح أنِك بتحبيني كتير مع أنك قلتِ لي ما بطيقَك، ومرة سكّرتِ التليفون بوجهي، بس فكرِك إذا شفتك شو رح يصير؟
رح احسّ أني عم أهرب منّك متل ما عم تهربي مني، شي طبيعي الناس تهرب من شي كتير كتير مو طبيعي.
**
بحبَّكْ
**
دائماً هناك من يقتلني
ودائماً للأسف
لا يكون أنتِ"

رخصوا الغوالي


"يحدث أنك تحب أن تكون من مقتني الأشياء الفريدة التي يتمنى كل الناس اقتناءها، كالموبايل أول ما نزل، فتهرع لتشتري هذا الغالي، لأنو كان حقه ستين ألف يا عزيزي، وما أدراك ما الستين ألف عند جماعة راتب المعلم مربي الأجيال عندهم تلاتماية دولار، المهم أنك بتركض بإيديك ورجليك لتشتري موبايل متل موبايل رفيقك اللي ما ركض لأنه الموبايل اللي جابه ركيض، موبايل من ماركة كارل لويس،

هو بيركض لعنده، وبيصير عندك موبايل، وبتصير عضو بنادي الموبايليين، وبتصير بتقعد بالقهوة معهم وكل واحد منكم عم يطق حنك مع واحد قلت له أنو ما فيك تشوفه، واللي هلأ عم تشوفه بيكون عم يطق حنك مع واحد كان قايله أنو مو قدران يشوفه، وأنتو اللي قررتوا تشوفوا بعضكم قعدتوا تحكوا كل واحد من موبايله مع حدا ما كان حابب يشوفه، بس مشان يشوفوك أنو عندك موبايل، عندك تلك السلعة التي لا يستطيع تلات أرباع القاعدين حواليك يجيبوا منه، وبتصير شايف حالك بالموبايل، وبتصير كل ما بتشوف وحدة أو واحد بالشارع بتعطيه رقم موبايلك، وبتنمغص وقت اللي بيطلبوا رفقاتك يستعملوه، بس بتخدمهم شوي، ومن ثم بتطلِّع قوانين لاستخدامه، وبتصير بتذلهم فيه، بحاجتهم لتلمسه، لاستخدامه، للحديث عبر نسماته الفضائية، وبتصير المعلم بقوة الموبايل، وبتصير بتحبه للموبايل، بتعشقه للموبايل، بتعبد سماه للموبايل، وبالحقيقة فكرة حلوة، يعني ليش لما تشتري موبايل؟!.. لكن بتروح الأيام وبتجي الأيام، وبيصير الموبايل بعشرين ألف، وبيصيروا كم واحد من اللي حواليك اللي حرابيق شوي عندهم موبايل، وبتصير مو البطل الأوحد عالطاولة، وبتصير متعلق بالموبايل بس مو كتير حابُّه، لكن ما فيك بلاه لسه، وبيصير اللي عم يحمل موبايل عدوك مين ما كان، إلا جماعة الستين اللي من نفس طبقتك المشتهاة ومن نفس مودك الرفيع المستوى، لكن لما بيجيك الكف التالت يا غالي وبينزل سعر الموبايل كتير، العمى رخصوا الغوالي، رخص كتير، صار من هب ودب حامله وحاضنه ومنيمه بحضنه بتنبهت، بتندهش، بتنصدم، بتتبلكم، وبتحس كل واحد حامل موبايل سارقه منك، بتنظر بكراهية لكل مين حامل موبايل، كأنو قاتل لك قتيل وخاينك مع عزيز، عزيز قوم ذل ارحموه، لا تلوموه، لا تعاتبوه، لا تتشاجروا معه، لا تؤنبوه، لا تحاولوا أن تصلحوا من وضعه وتصلحوه، فقط اتركوه، هيك بترحموه.
لكن اهتدِ بالرحمن يا رجل، يمكن لو موبايلك اشتريته بلحظة وأنت مع اللي بيحبها قلبك الكبير، يعني قالت لك تعا نشتري موبايلين متل بعض، وأنت لحالك اشتريت، وهي لحالها اشترت، أو هي أهدتك واحد، أوربحته بمفاجأة يانصيبية، أو اشتغلت كذا شغلة مشان تلم حقه، فما رح يرخص وحياتك، رح يضل غالي، رح يضل موبايلك المميز بأنو هدية من أحلى بنت بالعالم، رح يضل موبايلك أجى نتيجة شغلك لكذا ومذا ونذا وشذا ورشا ومها قلبي يحبها سمراء لعبتي تفهم همزتي، إنها قوتي، قطعتي، التي لي قصة معها، ولها قصة معي، إنها غالية، ولن ترخص أبداً حتى لو رخصوا الغوالي."

٠٣‏/٠٩‏/٢٠٠٨

وات إز زيس ميسي


"هل تعرفون ميسي، هو ذاته لاعب الفوتبول الأرجنتيني الانتماء والكتلوني الهوى، هو جرو صغيرٌ مشاكس وفنان وموهوب يلعب بين الكلاب الضخمة الشرسة، بل ويفلت منها ويتلاعب بها فلا يتم إيقافه إلا بالخروج السافر على القانون، حتى إن مارادونا أسطورة الأرجنتين الفريدة من نوعها والتي لا يجوز المساس بها اعترف بموهبة ميسي وأشاد بها وتواضع أمامها، نعم مارادونا اللي ما بينخ لبيليه نخ لميسي،

ويمكن عم يتمنى يكون ميسي صهره بدل اللاعب الأرجنتيني الهداف أغويرو، يعني لو كان ميسي صهره كان مارادونا بيزور ميسي كل يوم عالبيت ووراه الصحافة لتصور كيف ميسي عم يبوس إيد عمه، وهيك بيضل هو الملك الرمز وبيصير ميسي كمان رمز بس تحت جناحات عمه، له كان حتى مارادونا بيحبه، وبيتمناه لبنته، أو بالأحرى لنفسه العميقة، لأنو بيصير كلما حط ميسي كول رح يقول المعلق العربي بالتحديد : هدف لميسي صهر مارادونا، مارادونا الأسطورة، مارادونا الملك، مارادونا الساحر، مارادونا المثال، وبينسى ميسي وكول ميسي وإبداعات ميسي وفنيات ميسي ومهارات ميسي وقوة ميسي ودأب ميسي وذكاء ميسي وجنون ميسي وعبقرية ميسي، بينساها ببساطة، بيتجاهلها، لانو بنحب الماضي أكتر، لأنو بنموت بالماضي، لأنو بنعبد الماضي، لأنو بنتجاهل المستقبل، بنطنشه، بنطنش رموزه القادمة، وفجأة لما بياخدوا مكانهم بنقول ولي ليش ما شفناهم، ليش ما حكينا بالخير عنهم، يالله خلينا نطبل مع المطبلين، ونشبك إيدينا بإيدين الدبّيكة، وننفخ مع المزمرين، لأنو بصراحة ما خرج نعبِّر عن إعجابنا هلأ والآن وبعد فوات الأوان من خانة الفهمانين والأحرار والمنصفين، لا .. خانتنا هي خانة الدبيكة والاتباع والمرددين والهتّافين والصناجين والمزمرين والطبالين، ليست خانة المتلذذين بالفن، المتذوقين للإبداع، المحترمين للموهبة، عشاق الطيور الحرة الفريدة النادرة، وعشاق الحياة، لا لا مكان لنا سيكون حتى لو أبدينا الإعجاب، بل لا يحق لنا الإعجاب، فمن نحنُ حتى نبدي الإعجاب، نحن سنتعجب فقط، شغلتنا نتعجب، عملتنا نتعجب، ألله خلقنا لنصفِّر هديك التصفيرة المتعجبة تبع اللي انعقد لسانه من كتر التعجب، لك حتى التصفيرة مو عجيبة، متعجبة، لأنو الإعجاب يا حبيبي بده ذوق وتذوق، وهدول بدهم خبرة وتعلم، والإعجاب بده حب ولطافة، وهدول بدهم حدا معايش وشايف، وهدول بدهم واحد حقاني وعادل، بقى مين بيطلع له يحب ميسي، غير اللي شاف ميسي، واستطعم حركاته وفوتاته وشوطاته، وحس بطفولته وبراءته وتواضعه واندفاعه وإخلاصه لبرشلونة وللأرجنتين ليس كفعل توازني، بل كفعل إنساني أصلي عميق إلى درجة أن ميسي نفسه لن يلمسه
إلى الضحكة الطفولية عندما خطف كرة من زميله ديكو وسجلها ضاحكاً فضحكتْ الملايين، إلى اللحظة التي أصيب بها فخلع حذائه وخرج وهو يعرج باكياً فبكت الملايين.

إلى روح ميسي الطاهرة الموارة بالحياة هذه الإشارات!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!."

٠٢‏/٠٩‏/٢٠٠٨

البحث عن بطل


"وكان أن سمعنا أن القدس محتلة، فقلنا بالله تالله لن ننام حتى نحررها، وقررنا إعداد العدة للتحرير، فجمعنا الفلوس اللازمة لحربنا القادمة ضد العدو اللي ما يتسماش، ثم جمعنا المقاتلين من فنيين وممثلين ومخرج وقررنا إنتاج مسلسل ضخم نحرر فيه القدس ونزيح هذا الهم عن قلوب شعوبنا التعبانة والعيفانة التنكة، ما حدا جاب سيرة البنزين الله وكيلكم، المهم مالكم بهالحديث وخلينا بحديثنا،

صارت أمورنا تمام، وأخدنا موافقة من الرقابة والإعلام، وقالوا لنا أنو ما عندهم مانع نحرر القدس، وصفي عنا يا شباب نجيب البطل، لأنو بلا بطل ما بيصير تبرير للتحرير، وبعد ما قعدنا واجتمعنا على عادة العربان في حب الاجتماع وعشقه إلى حد الذوبان اخترنا البطل، واتصلنا بجمال سليمان وقلناله يا أستاذ بدنا اياك تحرر القدس مقابل هداك المبلغ المجقوم، بالإضافة لوضع اسمك في مقدمة الأسماء المساهمة في التحرير، فقال لنا بأنه لا يفهم في الصحافة ولا يريد أن يعمل رئيس تحرير لأنو الزلمة شغلته ممثل، قلنا له فهمتنا غلط يا ابن الحلال، بدنا اياك تمثِّل دور البطل في مسلسل تحرير القدس، وهو مسلسل فريد من نوعه، وما صار منه أبداً من ستين سنة، فقال لنا معتذراً بلباقته المعهودة، أنو لا تآخذونا يا شباب، يعني كان بودي، ليش مين ما بيتمنى يحرر القدس من أيدي الأعداء، بس العين بصيرة والإيد قصيرة، لأني محكوم هلأ بأجواء العربان، وعم أشرب الدم من الفنجان، غير أني بعد الضهر عم أشتغل مع الشوام بأهل الراية، ويا ريتكم حكيتم معي من زمان كنا نسقناها وظبطناها، إذا بدكم انتظروني لبعد رمضان، ولكننا لم ننتظر وهرعنا إلى سلوم حداد وقلناله يا أخي يا أبا أمير ما لنا غيرك تحررلنا القدس، فقال لنا بأسى أنو مو فاضي لأنو علقان مع الحوت بسام كوسا وما فيه يترك الشباب لحالهم لأنو الحوت مو قليل، قمنا حكينا مع الحوت فضحك البسام كوسا وقال أنو هلأ موده شرير ومو فاضي لفعل الخير، فاتصلنا بالياخور باسم فابتسم وقال أنو مو بس مو فاضي، بل بالعكس وقته مليان، بين مصر والشام، وأنو يا ريتنا حكينا معه قبل، كان بطريقه من الشام لمصر حرر القدس عن طريق البر، حملنا درب طريقنا ورحنا لعند عبد المنعم عمايري قلنا لحالنا هادا فلسطيني ورح تدب فيه الحمية فقال أنو وقته مو ملكه هلأ، وقته هلأ كله لخيال وأشعار طويل العمر، ومو فاضي للصراع من أجل القدس لأنو فايت هلأ بالصراع على الرمال، ومنه اتجهنا لباسل خياط فأجاب بنفس الإجابات، وكذلك فعل قصي خولي اللي فايت السبع فوتات ومو فاضي يحك راسه، حملنا حالنا ورحنا على تركيا، قلنا مالنا غير يحيى، قام اعتذر لأنو عم يعمل شغلة جديدة مع لميس مكونة من ألفين حلقة كرمال عيون العربان، ورحنا لعند مهند، قام طلع نفس الشي،رجعنا خائبين ومرينا بطريقنا على مكسيم خليل، قام كمان اعتذر لأنو عم بينام بغرفة الدوبلاج تبع مهند، قعدنا وصفنَّا.. وقررنا تأجيل التحرير إلى رمضان القادم. فإلى القادمات من الأيام، يا محلا الانتظار."

٠١‏/٠٩‏/٢٠٠٨

كلمة مكونة من أربع كلمات


"فجأة تنفرد بنفسك للحظة بعد الركضة والركيض على مدى شهر أو شهرين أو ثلاثة، وتأخذ شفّة من الجمايكا بدون كحول تبعكْ.. وتتفعَّل الأحزان عندك، أوه.. أنت حزين ولكنك لم تكن منتبهاً إلى ذلك، كنت تمرح وتعمل وتخترع وتفشل وتمشي وتجلس وتأكل وتشرب وتحب وتعشق، دون أن تنتبه إلى ذلك الشعور المختبئ في أعماقك السحيقة، خائفاً من الظهور في لحظات غضبك فتسحقه، نعم يمكنك في بعض الأحيان أن تسحق حزنك، تخنقه، تقتله دون شفقة، ثم ترمي به إلى أعمق أعماقك حيث سلة محذوفاتك.

ويتغيَّر المزاج، يدخل صديق لك على الخط، ترفع الموبايل كله، لأنو لو كان تليفون أرضي كنت رفعت السماعة بس، وتتحدث وتدخل في عوالم المواعيد والتواعد مع رفاق شعر ورفاق عمل ورفاق مسرح ورفاق صحافة ورفاق ثقافة ورفاق جملة ورفاق مفرَّق ورفاق سوء ورفاق سوق.. وسوق هالأحزان سوقها معك، وين ما رحت خذها معك، وين ما قعدت خذها معك، ولا تنس أن تأخذ معك الجرن مشان تحط فيه الحزن، كما يقول أسلافك، فلا مكان للحزن مع كل هؤلاء الرفاق، لا أحد سيشم زفراتك في الشعر، لا أحد سيستمع لآهاتك في العمل، لا أحد سيشاهد دمعاتك في المسرح، لا أحد سيقرأ عبراتك في الجرائد، لا أحد سيحمل معك، لا بالجملة، ولا بالمفرق، ما حدا رح يحمل معك تنتوفة حزن، بل وإذا دهدرت لك شي دهدورة حزن على الأرض بدون علمكْ.. فممكن كتير يدعس عليها رفيق السوق وهو وعم يودّعَكْ، لا مكان لأن يخرج فيه حزنك إلى ساعة الشمس إلى ساعة التنفس إلا إذا كنتَ وحدَكْ.
ويأتيكَ أحدٌ ما، فتبتسم، وتقول لحزنك هامساً أن يختفي، تقول له ذلك برفق، هيا.. كلها لحظات وأعود وحدي وأخرجكْ، ثم يأتي أحدٌ آخر فتدفع حزنك برفق إلى الأعمق أكثر، فيفهم عليك أنو الوضع برة تأزم، وأنو طلعته عن قريب صارت شبه مستحيلة، فيعود أدراجه بخجل، ويتلمس جدران أعماقك وهو يزحط، يتسند بأكواعه وأصابعه وأظافره بأي شيء يصادفه من ذكريات قديمة مرحة غابرة، ينفض الغبار عنها، يحفر في طبقات الأيام والانشغالات والالتزامات حتى يصل إلى لحظة فرح، يمسكها بيده الرقيقة، للحزن يد واحدة فقط، وينفخ عليها بأنفاسه الحارة المقهورة، ويتاملها بفرح، حزنٌ حيٌّ يتأمل فرحاً راحلاً منذ ردحٍ من الزمن.
وها أنتَ الآن وحدك، فتخرج المشاعر متراكضة متزاحمة إلى بوابة الخروج حيث الحرية والهواء والأضواء، تتزاحم على الباب، فيختلط القهر بالغضب، والكآبة بالغم، والإحباط بالملل، واليأس بالتعب، والسيول بالحمم، والشلالات الهادرة بالأمواج المتلاطمة، والبكاء بالشهيق، والنحيب بالزفير، والملامة بالعتب، واليا حيف باليا حسافة، واليا ليلي بالياعيني، والذل بالرجاء، والمكابرة بالكبرياء، والفصحى بالعامية، والنحو بالإعراب، وهمومك بهموم غيركْ. حزن بكل اللغات.

حزن حزن حزن حزن.... كلمة مكونة من أربع كلمات."