٠٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

خدمة الأمل


"تصادف في حياتك في الكثير من الأحيان واحداً من هؤلاء الذين يدقون على صدورهم ويمسكون بشواربهم أنو شغلتك عندهم، فتضع يديك ورجليك في مياه باردة طالما أن العينتين وضع يده على شواربه، وتمضي الأيام ثقيلة عليك وأنت تنتظر نتيجة جهود صاحبك، ولكن لا مجيب، الزلمة غط وسكَّر موبايله ومعاملتك اللي كان بده يمشّي لك اياها مازالت مكانها راوح،

وتراوح بينك وبين نفسك بين الانتظار قليلاً ريثما يذوب الثلج وبين أن تقطع الأمل وتباشر بنفسك في كيّ جرحك وملاحقة شغلك، وتضيع الأوقات، وتختلط ببعضها الأزمان والمشاعر، فلا تعود تعرف هل تكره هذا الشخص أم تحبه، هل تغضب منه أم ترضى عليه، وكيف لا تختلط مشاعرك هكذا وقد منحك هذا الشخص في لحظة من اللحظات الأمل؟!!.. ولم يكن ليمنحك هذا الأمل لولا أنه كان ينظر إليك بعينين صادقتين واثقتين مصممتين على مساعدتك، لولا أنه خبط بكامل كفه على صدره فسعل هديك السعلة العجيبة لدقيقة ثم قال أنو ولا يهمك عندي، فتقول في نفسك من جديد إنَّ الأمل الذي أنت في رحابه الآن لا بدَّ وأن يكون صادقاً، وإنَّ الوعد لا بدَّ أن يكون قادماً، ولكن نقزة ما في صدرك تقول لك لكن أين الرجل، ليش موبايله مسكَّر، ليكون مسافر ونسي موضوعي، ليكون قصداً مسكِّر موبايله مشان يتهرب مني، لكن ليش بده يعمل هيك، ما لو مضطر!! وتعود وتقول في نفسك بذكاء شديد إنَّ الرجل يعاني الآن في سبيل معاملتك، ولا يريد أن تشوش التليفونات على انغماسه في قضيتك، وأنو بالتالي كتَّر خيره، وبالتالي ألله يعلِّي من مقداره وشانه ومرتبته ليدوم ذخراً للوطن والمواطن اللي هو أنت الآن، وتنام وأنت تحلم بالنتيجة السعيدة، وتستيقظ من أربعتك بواسطة خدمة الكابوس المنبهة لك بأن معاملتك في خطر، وقضيتك راحت بشربة مي، وضاعت بين أدراج الدوائر وخزائنها، وتخرج راكضاً للبحث عن هذا الدقّيق والمسّيك في المقاهي .. وتنتظر قدومه ربما.. تشرب شاياً هنا وقهوة هناك، وتخرج بعدها إلى المطاعم، تلقي نظرة هنا، وتأكل لقمة هناك، وتخرج نعساناً من بعد وجبة الغداء لكنك تلغي قيلولتك وتقاوم استرخاءك وتمضي إلى البارات وتبحث، تأخذ لك شفة من هنا، وجرعة من هناك، وتخرج مترنحاً وأنت تبحث بعينيك عسى ولعل تلقطه في شارع ما خارجاً من سهرة ما، وتطلبه على الموبايل، لكنه مازال خارج التغطية، ولكنك لا تفقد الأمل بعد أن سكّرت كل البوبات والمطاعم فتأخذ وجهك إلى الملهى وتتفرج على الاستعراض الأوروبي الشرقي، وتؤنغج فتاة أجنبية وتقول لها بالإنكليزية المفشكلة : آي سيرش ماي فريند.. آيام نت زبوناً هنا كباقي الزبونات.. آيام حباب وما لي تبع هيك شغلات. فتفهم عليك وتبتسم وبعد ذلك تتخورف بالمبلغ المعهود وفوقه سكّرة منك، وتعود إلى البيت مزهزهاً وتضحك.. نعم تضحك.. فلقد عرفت المسألة أخيراً.. وأنَّ صاحبك درويش معتر.. لا بيحل ولا بيربط بدائرته.. وأنو كلمته مو مسموعة بنوب.. هذا إذا كان ألو كلمة.. وأنو الزلمة على باب ألله.. وأنو مشكلته أنو حباب وطيب وبيحب يقدّم الخدمات المجانية اللي هي عبارة عن خدمة الدق على الصدر، وخدمة مسك الشوارب، اللي بيندرجوا تحت خدمة الأمل الأسبوعي التي هي أضعف الإيمان من موظف تعبان يقدمها إلى مواطن غلبان."

ليست هناك تعليقات: