١٨‏/١٠‏/٢٠٠٨

اوتوستراد وتصدير


"وحملنا حالنا وحجزنا في رحلة برية إلى المزة الشرقية، فطالما هناك مزة غربية من سلطة روسية إلى كافيار بلطيقي وانتهاء بالباستا الإيطالية، فلا بد أن تكون هناك مزة شرقية من تبولة وفتوش ويالنجي وبسطة عراقية، والبسطة العراقية هي نوع من أنواع القتلات التي يأكلها الإنسان من أخيه الإنسان فتسبب له السعادة لأنها انقضت بكم كف وكم رفسة وكم بهدلة وألله يجيرنا من الأعظم،

والأعظم في المزة الغربية الفيلات، بينما في المزة الشرقية الحواكير والحارات، وهناك في المزة الغربية النقابات والمؤسسات، وفي المزة الشرقية البيوت والسفارات، ويقطع بين المزتين خط طويل له فتحات اسمه أوتوستراد، فإذا دخلت على اليمين وأنت قادم من ساحة الأمويين فإنك تشاهد على يسارك بنايات وبنايات من المزة الشرقية لكن دون أن تصل إليها بسهولة، والسبب.. أن الجماعة سدوا كل الفتحات التي تؤدي إلى الشرق، محافظين على فتحة واحدة فقط كي يتسنى لأهالي المزة الشرقية العبور إلى المزة الغربية لدفع فواتير موبايلاتهم لا قطعت لكم شركة خطاً وأنتم إلى المكالمات مضطرين، اما إذا أراد كائناً من كان الذهاب إلى المزة الشرقية فعليه أن يتعرف على وطنه كاملاً قبل الوصول إلى هناك، فالانطلاق الذي قد يتم من تحت جسر الرئيس، في ميكرو أو سرفيس، سيتم تحت شعار أن الاوتوستراد يتشكل من خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً إلا عند شركتي الموبايل، وهذا يعني أن الموبايل عندنا مستثنى بإلا، ويعني أن تطبيق دروس الرياضيات على حياتنا العملية بات حلماً أقرب للحقيقة، وربط الجغرافيا بحياتنا العملية أيضاً حلماً واقعياً قابلاً للتحقق، فتصعد في الميكرو في سباق رالي اسمه اكتشف سورية باتجاه الاوتوستراد، وتجتاز العجقة التي عند شركتي الموبايل والفتحة الأولى والأخيرة للتلاقي بين الشعبين المزاويين الغربي والشرقي، وتشاهد على الطريق الطويل البنايات والسفارات على الضفة الأخرى دون أن تلمسها أو تستطيع الوصول إليها إلا إذا نزلت من الميكرو وقطعت الشارع دون أن تندعس طبعاً وقفزت من فوق الجدار العنصري العازل باتجاه المزة الشرقية، او إذا تابعت الرحلة وتجاوزت كافة الحواجز والصعوبات من شرطة مرور متربصين أو عابري سبيل للاوتوستراد عابرين وللسيارات المسرعة مطنشين ومن على السور قافزين وإلى المزة الشرقية واصلين، وإذا سهوت قليلاً عند مفرق جامع الأكرم الذي أصبح فتلة عاليمين ورجعة عاليسار وكسرة عاليسار الشرقي فستجد نفسك وأنت تتفرج على معالم الحضارة السومرية على يمينك من كراجات ومساكن شعبية إلى أن تشاهد بأم عينك مفرق المعضمية، فإذا كان نصيبك من نعمة النسيان قوياً فإنك ستصل إلى الجديدة بإذن الله لتمتع نظرك بدمشق الحديثة وتعود أدراجك بالسرفيس إلى المزة الشرقية التي أصبح الوصول إليها حلماً أيضاً ولكنه حلم قابل للتحقق، إلا أن الشكاوي تأتي وتقول إن القادم من بيروت يصل إلى المزة الشرقية قبل القادم من دمشق، فنقول .. حلو .. هذا يعني أننا نمشي في الاوتوستراد الصحيح نحو الوحدة العربية، ونطالب أيضاً بتصدير فكرة الاوتوستراد الخطر إلى كافة المدن السورية حتى نخلق شبكة تتيح للمواطن السوري القادم من حلب إلى إدلب أن يمر بالشام والسويداء ودرعا، بينما شكا السواح القادمون من بيروت أنهم لكي يذهبوا إلى المزة الغربية بات عليهم أن يصلوا إلى المرجة، وهنا نقول بأن شبكة طرقنا الحديثة ستوصل القادمين من بيروت إلى الحسكة وتعيدهم إلى المزة الغربية سالمين، وإنا للسياحة في وطننا الحبيب لمفعِّلين."
..

ليست هناك تعليقات: