| |
الصحفي الشاب الشهير منتظر الزيدي في السجن، وهو يعاني، يعاني من آلام مبرحة بعد الاعتداءات الجسدية التي مارسها حراس العراق الجدد على جسده، فهناك كسور.. وهناك ضربات على العين، وضربات على الراس، لا نعرف ما الذي تعطَّل من جسده وما الذي بقي على حاله، بينما تعقد الندوات لشرح ماهية الانتصار، وفي نهاية الأمر يصبح كل شي عالعين والراس بمعية القندرة تبع منتظر، بل وأصبحت كل القنادر على العين والراس بسببها، لكن شو مشان الشاب منتظر؟!.. شو مشان المئتي مليون فيلسوف في شؤون القنادر، شو مشان الندوات التي تُعقَد حول القندرة، شو مشان تحويل هذا الفعل اليائس المُحبط إلى انتصار، وهل نظلم الفتى إذا قلنا إنه فعل فعله هذا في حالة يأس وإحباط وتشاؤم ندر أن تجتمع في إنسان عبر التاريخ إلا الإنسان العربي الآن؟!.. ألا يشبه ما فعله الشاعر الراحل خليل حاوي عند حصار بيروت عام 1982 وسط صمت عربي مهين فانتحر احتجاجاً وياساً وإحباطاً، فكان احتجاجاً نبيلاً مهيباً حزيناً، لكنه كان تتويجاً للحظات مريرة من اليأس والإحباط، أولا يشبه ذلك لاعب الكرة المخلص الذي يرى فريقه غير مبال بالهزيمة الكبيرة، ويرى في نفس الوقت أنه لا يستطيع أن يقلب النتيجة وحده، فراح سالخ الحكم قتلة من كعب الدست قبل انتهاء المباراة كنوع من أنواع فشة الخلق له ولجماهير فريقه المهللة والفرحة والسعيدة، مع أنَّ النتيجة بقيت على حالها كما قلنا في مقالنا الأول عن حادثة القندرة 100 صفر لصالح بوش، أم أنه لا يشبه مسرح فشة الخلق أو التنفيس في أحواله النظيفة والراقية عندما يخرج الجمهور سعيداً بالانتصار على الحكومة لكن على المسرح، تحت الأضواء الزاهية والفلاشات اللمّاعة، أما في الظلام فكل ما كان بقي على ما كان، لا الحكومة تغيَّرت، ولا الشعب غيَّر شي، كل شيء على ما هو تمام، والقتلى هم هم في العراق وفلسطين، وهذه نظرية من نظرياتنا العجيبة، أن نخاف من التغيير، نخاف من التطوير، نرضى بالنصيب، ونرتاح للحبيب، حتى لو كان النصيب حرباً دائرة منذ عدة أعوام، فما في خيالنا دائماً هو أنَّ القادم أعظم، وألله ينجينا من الآت على قولة مارسيل خليفة. الصحفي منتظر أحبَّ أن يفشّ خلق بلاد العرب أوطاني بطريقته الخاصة، ولقد فعلها، فش لي خلقي، ريَّحني، وقلتُ في نفسي إنك بتستاهل يا بوش، لكنني قلتُ في نفسي أيضاً ترى ما هي درجة اليأس التي وصلتَ إليها يا منتظر حتى فعلتَ هذا وأنت تعرف أنهم سيكسرون لك يديك وأصابعك، وسينتقمون لمعلمهم الذي عينهم من قدميك، وسيعذبونك ويشتمونك، ويهينوك وما أنت بمُهان، وقلتُ في نفسي أيضاً ترى ما الذي تقوله بينك وبين نفسك وأنت ترى المنافقين من المثقفين العرب وهو يترنَّمون من الطرب، ماذا ستقول في نفسك لأنك لن تستطيع يا منتظر أن تقولها في العلن وأنت تراهم يعقدون الندوات عن حذائك، بينما بصوت راجف وعينين واسعتين واثقتين كان شقيقك الصغير ينتظرك، يخاف عليك، يحبك، يفتخر بك بجد، لكنه لا يريد شيئاً سوى أن يعيدوك إليه، لم يقلها.. فلقد منعه كبرياؤه من ذلك، عرف أنَّ القدر جعلك الشخص المنتظر لفش خلق كل هالأمة المُرهَقة المُتعَبة اليائسة المُحبطة، لكنه لم يعرف أنهم بدل أن يخافوا عليك مثله سيعقدون الدبكات ويقيمون الاحتفالات ليسجِّلوا في دفاترهم.. دفاتر المثقفين التافهين السخفاء، الانتصار.. ويا عيني على هيك انتصار.. نعم..عرف شقيقك أنَّ كل هذا قدر.. وسلَّم أمره للقدر. يا لبؤس المثقفين العرب وهم يتشاجرون كي يفوزوا بمنصب الناطق الرسمي باسم حذائك!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!. |
١٨/١٢/٢٠٠٨
قنادر اليأس.. أحذية الإحباط
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق