٠١‏/٠٨‏/٢٠٠٨

المزعجون في الأرض


"وهناك المزعجون بقصد الإزعاج، فهم بما يفعلون عارفون، وفي غاياتهم وأهدافهم واضحون، والنتيجة النهائية التي قد ترضيهم هي أنك ستنزعج على الأقل، وهناك المزعجون بدون قصد، فهم غير عارفين ما يفعلون، أما غاياتهم فهي في نفوسهم، وفي الحالتين فالمزعج مزعج، كأن تكون في لحظات رومانسية مع حبيبة الروح والقلب
المجروح فيخبط أحدهم باب بيتك خبطاً، أو أن يتلاعب بعض الأطفال الأبرياء بالكرة تحت بيتك وقت قيلولتك، أو أن يكبس أحد معارفك على بيتك أثناء إقامتك لحفل صغير دون أن تعزمه، وأن يطيلس ويدخل ويبقى رغم خلقتك المقلوبة في وجهه، ورغم معظم السحنات التي اصفرت بدخوله، كأن تكون في عز انغماسك بعملك وعز الإبداع فيه فيتصل بك شخص من قلب الدنيا وتطلع النمرة غلط، كأن تكون مع أشخاص مهمين فيأتيك مستر كول من أحدهم ثلاث أو أربع مرات فتتصل به ولا يرد، كأن تكون في وضع حرج وصعب، وتحاول أن تتصل بأحد أصدقائك طلباً للمساعدة ولكنك لا تفعل خوفاً من إزعاجه، ثم يأتيك اتصال من صديق يطلب فيه منك المساعدة، كأن يصلك خبر مفرح ولكن لشخص تكرهه، كأن يصلك خبر مفرح ولكن فحواه هي أن الفتاة التي تحبها تستعد للزواج من غيرك، كأن ينجح ابن جيرانكم الغليظ في البكالوريا، وأن يصبح أغبى الأغبياء في أرقى المناصب، وأن تعطي أمك لكل شحاذ نصاب يدق الباب المال، وأن يعود صاحبك التعبان إلى الاتصال بك كي تساعده بعد أن فهَّمته أنك أنت الذي تحتاج المساعدة، وأن تطلب طلباً قانونياً من فاسد فيستشرف عليك، كأن يلقي عليك لص محاضرة عن الشرف، وأن يصفق له الحاضرون، ويكتب عنه الكتَّابون، كأن يحدثكَ محدَثُ نعمة عن ثمن سيارته، وأن يحكي لك عاطل أزلي عن العمل معاناته، وأن يشتم طالب راسب أستاذه، وأن يحدثك عاشق فاشل عن حبيبته، ويقرأ لك شاعر تافه قصائده، كأن ترسل لك امرأة لا تحبها الورود، أن ترفض امرأةٌ تحبها ورودَكْ، أن يتفرج أطفالك على نور ومهند ويحيى ولميس، أن ينطق أمامك الطلطميس، ويأتيك الضيوف يوم الخميس، كأن يطلب منك قروي بعد أن يعطيك موبايله الفوتوغرافي أن تلتقط له صورة بجانب تمثال علاء الدين الأيوبي، وأن يسعل مهندس شوارع بافتعال أثناء مرورك، كأن تشير للتكسي فيشير لك بيده أنو دايمة، وأن يتغزل صديقك الكبير بصديقتك ممازحاً كلما صادفها، وأن تذهب مع زوجتك للتسوق، كأن يحبك طفل غليظ، ويُعجب بك شاب غبي، ويزعل منك صديق عزيز، كأن يخورفك شوفير التكسي وترضى، وأن يقدموا لك البرامج الغبية فترضى، وأن يقيموا الاحتفالات لنجاحاتهم الوهمية وترضى، كأن تصمت باسم الأخلاق، وترضى بالغلاظة والسماجة من أجل شاشة أفضل."

ليست هناك تعليقات: