"وقرأنا أشعارنا في مكتبة لندن الشهيرة، وكان الجمهور قد حجز بطاقات الأمسية كاملة، حتى إنني شاهدتُ بعضاً من الجمهور واقفين أمام باب المكتبة، لم يدخلوا، ثم فهمت أنهم ينتظرون تخلف أحدهم عن المجيء كي يدخلوا، يعني كانوا على قائمة الانتظار، أو بالعربي على الويتينغ ليست، يا عيني، ناس على الويتينغ ليس في أمسية شعرية وليس في مطار من مطارات الوطن العربي،
وكان هناك بعض الأصدقاء من الكتاب والشعراء العرب والسوريين، ولكن الجميع دفعوا هداك المبلغ المجقوم، 12 جنيهاً استرلينياً، يعني شي ألف ليرة عالسوري، وذلك في عادة أصيلة فينا عندما نسافر وهي أننا نقرِّش أي حاجة على السوري، وكنتُ قد صادفتُ فتاة خارقة الجمال تعامل معها كل المارة بشكل اعتيادي، فتخيلتها بالسوري يا شباب، وتخيلتُ المظاهرات التي كانت ستسير وراءها في أحد تجليات تقديراتنا للجمال، وأعجبتُ بنا كيف نلطِّش، واستغربتُ عدم وجود طبقة الملطِّشين في لندن، فنظرتُ إلى الفتاة ودمع العين يسبقني ولطَّشتها، وهذه أول تلطيشة لي بعد تلطيشتي الشهيرة للمرأة ذات الحجاب الأسودِ(تحت الملاحف متاحف)، وقتها رفعت الملحفة عن وجهها وسلختني هديك البزقة بنص وجهي يا شباب خلتني حرِّم التلطيش على نفسي منذ ذلك الوقت، المهم لطَّشنا البنت، وقلنا لها بالإنكليزي( يو لوك واندرفورل) فنظرت إلي بتعجب وقالت بالعربية (اخرس .. تضرب بها الموديل)، فعملت نفسي ما فهمت شي وقلت لها(وات؟!) ومشيت تحت شعار الفريكة تلتين المرجلة، وأمام المكتبة شاهدتُ ليبياً يعيش في مانشستر اسمه محمد المصراتي، وهو كاتب قصص ورواية، وعمره 18 عاماً، يعاني عندما يدخل إلى البارات كي يشرب بيرة شعيرية من سوء معاملة البارمانات له، فهم يطلبون منه إبراز بطاقته الشخصية، كي يتأكدوا من أنه فوق السن القانونية لشراء الكحول، وكان أن المصراتي كاتب ذو مزاج يحتاج إلى القليل من البيرة مما دعاه لتزوير هويته، فأصبح عمره في الهوية الجديدة فوق العشرين سنة، لكن لا أحد يصدقه بسبب وجهه الطفولي، أو البيبي فاس، فتراه متورطاً في البارات ومراكز الشرطة، وكأن بريطانيا كلها ساهرة على صحة وأخلاق هذا الفتى الكاتب، المهم جاءنا المصراتي ودخل إلى المكتبة، ودفع للفتاة فقط جنيهين، ولكنني شاهدته يشير إلي، وسألت الفتاة عنه، فقالت لي متعجبة إن هذا الفتى قال لها بأنه ابني فلم تأخذ منه سوى جنيهين، فضحكتُ وقلتُ إن هذا الولد النصاب يحتاج إلى أب فاضل مثلي، وقرأنا في المكتبة، وتناقشنا مع الجمهور، وسهرنا معهم أيضاً في حديقة المكتبة، وكان اسم سورية هو القاسم المشترك في أحاديث الجميع، وجاييكم بكرة إن شاء الله."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق