١٧‏/٠٧‏/٢٠٠٨

الغرباء


"غرفتان صغيرتان
وحمام
ومطبخ عاثت فيه الخادمات طويلاً..
* * *
شرفتان واسعتان
إحداهما تطلُّ على قاسيون
والأخرى على دمشق

* * *
غرفتان صغيرتان
وسرير نجلس عليه
بينما “حكيم” على الكرسي الأبيض
دائماً تفتحين النوافذ
ودائماً أغلقها
كي أغمض أعين الجيران
* * *
ثم جاءتا.. ابنتاي
واحتلتا السرير
فجلسنا جميعاً على الكراسي البيضاء
واستعرتِ من ابنتكِ البعيدة
ثلاث حكايات وأغنيتين
وما كانتا لتناما
جاءتا
فامتلأ البيت بالألعاب والشوكولا
وأطعمة الأطفال
كي تحكي قصة للغريبتين الصغيرتين
كنا ننسى القبلات
واستمع بحزن لحديثك عنهما
كنتُ أقف أمام الباب لأعانقك
وهما الآن تعانقانك قبل أن تصلي أمام الباب
* * *
تمضين فأنظر إلى ابنتي النائمتين
وأقرأ على ملامحهما حكاياتك الثلاث
وأنام
* * *
ثم مضتا
دخلت فانقبض قلبك من الفراغ
وحدثتني عنهما حتى الصباح
* * *
غرفتان صغيرتان
هنا لعبة منسية
وهناك بيجاما طفولية مهجورة
* * *
ربطة شعر وحيدة على مغسلة الحمّام
علبة شامبو الأطفال تبكي على الرف
مطبخ..
عاثت فيه الخادمات طويلاً
وبقايا بسكويت وشكولا لا تغري أحداً
* * *
عيناكِ تتساءلان عن طفلتكِ
وأنا أفكر
ماذا فعل بنا.. هؤلاء الأطفال الغرباء


انظر إلى الشمس التي ستبزغ اليوم
انظر إلى البرتقالة أمامك
لوّنها بأيّ لون تشاء
حتى ولو بالأسود
ولكن لا تمنع ضوءها عن أحد
دعها دافئة ومضيئة على الآخرين.. وعليك
ثم وقع عليها كأيّ رسام محترف
لكن.. لا توقِّع بسكين..


يمضي الأصدقاء
واحداً تلو الآخر
وفي أيام متقاربة
يأخذ منك الموت
قليلاً من الدموع
قليلاً من الدموع
والحسرات والأسى
يأخذ منكَ
إطراقة حزينة
مفتعلة أو أصيلة
يأخذ منك
حديثاً طويلاً من الذكريات
مع من مات
وكؤوساً مطروقة ببعضها البعض
يأخذ منك الموت
بعض الوقت
للحزن والبكاء والكلام
ويعطيك الإشارة
لوجود من مات في حياتك .."

ليست هناك تعليقات: