١٨‏/٠٧‏/٢٠٠٨

وانعقد اللسان


"وصعدنا في التكسي يا ابن الحلال، وطبعاً ما انتظر الشوفير السوري المشهور أن أضع حزام الأمان، بل انطلق في سباقه الخيالي مع إشارات المرور والسيارات المعادية وهو يقول لي أن أضع الحزام، وبحثنا عن هي الشغلة الحمراء كالعادة، ولاقيناها كالعادة تحت كاسة الشاي، واستغربنا كيف أنو رغم الزيكزاك، فإنَّ كاسة الشاي تبقى
على حالها، ولا تفقد نقطة منها، بينما أذهب يميناً وشمالا بعد أن قبضتُ على القطعة الحمراء التي سأضع فيها شبه السهم الفولاذي وأجمعهما بالحلال، ولكن حبل شبه السهم الفولاذي لم يقبل بالمجيء معي لعند القطعة الحمراء، ربما لأن الفولاذي ما بده إياها للحمراء، وشدينا يا شباب وشدينا، لكن دون جدوى، وسألنا الشوفير عن المشكلة التي قد تتحول إلى مصيبة إذا ما لقطنا عمو الشرطي أو العينتين الساهرتين كما يقولون عنه في التلفاز، فقال لنا الشوفير أنو يمكن الحزام أو الحبلة علقانة بالباب، فتحنا الباب، وسكرنا الباب، لكن الحزام بقي حروناً، والسهم الفولاذي بقي في مكانه مركوناً، واعدنا محاولة فتح وتسكير الباب بنفس اللحظة اللي كان عمو الشرطي العينتين الساحرتين قد نظر فيها إلينا بعين كعين الصقر، الذي يبحث عن أرنب لم يسمع كلمة أمه وراح عالبستان، وصفَّر لنا، وتوقفنا، ولما رأى حزامي مو على هامي ابتسم، وقال لي أن أعطيه هويتي، وسألني بطريقه عن اسمي ولكنني أعطيته الهوية، وقرأ اسمي على ما أعتقد وقال لي: حضرتك نعمان؟!.. فقلتُ له مصححاً ومتنحنحاً: لقمان يا أخي لقمان، فنظر إلي وقال: يعني أنت مو نعمان؟!.. فقلتُ له: لا والله للأسف.. أنا لقمان، فاستغرب ونظر إلي متفحصاً ثم قال: طالما أنت لقمان ليش عم تعطيني هوية نعمان؟!.. فقلتُ له ودمع العين يغرقني: أنا لقمان.. والهوية كمان للقمان، مين قال إنها لنعمان؟!.. فعاود النظر إلي مستغرباً، وساعدته بأن شعلت له القداحة لتضيء معالم الهوية فربما يكون الظلام هو السبب، وبالفعل فقد ضحك عندما اكتشف فعلاً أن اسمي لقمان وليس نعمان، ثم أمرني من بد أمري أن أذهب معه إلى المخفر كي أدفع المخالفة، فقلتُ له إنَّ الحزام عطلان، فحدجني الشوفير بنظرة ما أنزل الله بها من سلطان، وجربنا شدّ الحزام أمامه، والحمد لله أنه لم يخجلني كما يحدث في الأفلام، وبقي صامداً لا يتزحزح، وأضحى موقف العينتين الساهرتين حرجاً، فلقد طرتُ من بين يديه بكل سهولة، ثم كان حبَّاباً معي وحلق لي عالسريع بعد أن أعطاني هويتي، وضحكنا أنا والشوفير على هالسوء تفاهم، ووصلنا، وهممنا بالدفع فوجدنا العداد قد تدوبل بسبب الوقفة تلات مرات، ولكننا دفعنا المعتاد، إلا أنَّ الشوفير أصرَّ على العدّاد، ولما حاولنا نفهمه أنو المشكلة مشكلة حزام الأمان تبعه، أصرَّ على عدم الفهم، وأصرَّ على النظام، وعلى الدفع حسب العداد كما في بلاد بني فهمان، ولكي أكسر الشرَّ دفعت له علاوة على ما هو معتاد، ونزلتُ مسرعاً من السيارة وهو يقول لي محملاً إياي كل المنّيات الممكنة: تكرم عينك أستاذ نعمان."

ليست هناك تعليقات: