١٣‏/٠٧‏/٢٠٠٨

مطر مطر


"طيلة الأيام الستة التي قضيناها بين ليدبوري ولندن لم يتوقف المطر عن الهطول، وين ما رحت مطر يا معلم، وأكلناها، على اعتبار أنو كنا محضرين حالنا عالصيف والضيف وغدرات الزمان، لكننا لم نشاهد الصيف، كما أننا لم نُصدم بضيف، فقد كنا نحن الضيوف، ولكننا مع ذلك انغدرنا لأنو بصراحة نحنا ضابين الشتوي من زمان، ضابينه من شهر شباط، دافنينه سوا شو بكم، وقلت لحالي أنو لو شي مزارع من عنا من الجزيرة شهد على العصر في لندن، وشاف المطر شلون عم يكت كت بعز دين أربعينية الصيف،

لقال بانو في مؤامرة ضدنا، أش معنى نحنا تحديداً ما عم تكبس عنا، لك بعز أربعينية الشتاء عنا بتلاقينا لا بسين نص كم واسم الله علينا، شتويتنا نص كم، وعيشتنا نص كم، ومسرحنا نص كم، وسينمانا نص كم، وأدبنا ربع كم، بس اللي عم ناكله كم كامل، الله يرحم ترابك يا أم كامل، وتذكرت لكم أنو شفنا بنته لأم كامل أنور البابا الله يرحم والدينا ووالديك، عايشة بليدبوري، وعندها بنت الله يحرسها ما زالت بتعرف عربي، والست مها البابا عاملة ميكس بين عماتها سعاد حسني ونجاة الصغيرة ما شاء الله عليها، بينما ابنتها سارة عاملة ميكس بينا وبين الإنكليز ومو نسيانة العربي بنوب، وطبعاً حضروا أمسياتنا بليدبوري، وشجَّعونا سواسية مع أنو مها بالأصل رفيقة رشا عمران، المهم ما لكم بالطويلة، دايماً بنكون بش وبعدين بنصير بش تاني، خلونا بسياحتنا النص كم، ومرافقنا النص كم، وثقافتنا الربع كم، وفوق اللي منها ما في مطر، يا أخي مؤامرة، لو كان في مطر كنت شفت عنا أحلى مسارح، وأحلى مطارح، وأنظف شوارع، وأجمل سينما، وأحلى بساتين طبعاً، مو صحراء بين حلب والشام ما بتغير شكل بمنظرها غير لما بتمرق بجيرود وبتشوف بدل التراب ملح، السبخة عنا تغيير شكل، والخضار عنا حرام، فزرع الأشجار حرام، وقطعها حلال باسم الجمعيات السكنية المخالفة والنظامية، والرمل يا شيخ ما يطلب المطر، والمطر إذا ما طلبه الشجر ما ينزل، ما يحب يخفف حاله ويجي لحاله بدون عزيمة، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، بس عنا ما حدا عم يعزمه للمطر، ما في شجر، والرمل ما ينعجن، والشوك ما ينداس، وطيارة طارت بالسما، بيضا ودرجها نحاس، والعلة اللي بالقلب، ما تنقال للناس يا يابا، والمتاحف الوطنية هناك ببلاش، بس الخاصة بمصاري، وبين المتحف والمتحف بتلاقي بيت على شكل متحف، والشوارع متاحف، والدكاكين متاحف، والسواقة فن وذوق وأخلاق عن جد، مو حكي فاضي معلق على هالطرقات ولا مين شاف ولا مين قرا ولا مين دري، أذن من طين وأخرى من عجين، وفالج لا تعالج، وكل الحق عالمطر، بس الله يبعت المطر شوفنا شلون رح نعجبك، بعدين صرعتنا ها، ما عاد نبعتك على لندن، من هلأ ورايح رح نبعتك عالسودان واليمن وجزر القمر، ونخليك تترحَّم على أيامك في دمشق وليالينا."

ليست هناك تعليقات: