"وقال لي قائل على سيرة أنو رجعت من لندن مقهور على حالنا، وزعلان على مالنا، اللي عم يروح هدر، باسم الثقافة والسياحة والاستيراد والفن، قال لي القائل أنو يا أخي الطقس عندهم بيشجع على التفكير والكنكنة، تلات أرباع السنة عندهم برد، لذلك تراهم جالسين مكنكنين بهالمكاتب عم يشتغلوا من قلب ورب ثماني ساعات .
بالتمام والكمال، وبس يرجعوا عالبيت بينضبوا جنب الصوبيا أو بيتمتعوا بالشوفاج، وبيطلطلوا من شبابيكم عالمناظر الطبيعية، وبيفكروا بأحوال الكرة الأرضية، وبيطقوا هالاختراعات، يا أخي الجو بيساعدهم، بس عنا شوب، الواحد منا عايف خلقه من طلعة الشمس لطلعة الشمس، لأنو الشوب يا حبيبي بيشلّ، بيخلي الواحد منا لا من تمه ولا من كمه، بالشغل بتلاقيه فاتح تمّه ومرتخي كأنو خرقة يبسانة، وبتلاقيه رايح جاي عالحمام وهو عم يغسِّل وجهه الوضاح، ويغب بهالمي الباردة بفمه الباسمِ، وبعد ما يطلع من الشغل رح تشتغل فيه الشمس عالأربعة وعشرين وترجعه خالص على بيته، هذا إذا كان في عنده بيت، وأول ما يوصل رح ينزل تحت الدوش ويتنعم بالمياه الباردة، لكنها يا حبيبي ستنزل متل النار عليه لأنو الشمس فاتت بكل الخزانات وخلت المي اللي جواتها تغلي غلي، وتعا بقى دبر صيدلي، ودبر دوا ألها ودبر دوا ألي، من نوع المراهم المضادة لحروق الدرجة الثالثة، لأننا حتى بالحروق ما قدرنا نطلع الأول، وبس يجي بدو ينام الضهر على أنغام المروحة قبل أن يصبح الكونديشن شعبياً رح يشوف عشر بنيات وأولاد كزغب القطا يردّدن بعضهن إلى بعضِ، وعلى سوء تفاهمات بين زغبات القطايات رح تحصل خناقات وتطلع الأصوات، وبدك تنط من أربعتك وتصرِّخ بما معناه أنو اقعد ولاه واخرسي وليه في الحالات الراقية، أو ممارسة هواية الضرب الحلال بدءاً من أكبر زغبوبة ألا وهي الأم وانتهاء بآخر زغبوبة ألا وهي الببو الذي يبكي على الأرضِ، ولا تنام، ولا تمضي في أحلامك النهارية التي تتضمَّن عادة جنة من الثلوج تصطكُّ فيها أسنانك من البرد وليس من الغيظ أو القيظ، ويأتي المساء، وأنت ومحمد عبد الوهاب فقط تعرفان ماذا يحدث عندما يأتي المساء، فالهواء لا يتحرك عندما يأتي المساء، وإذا تحرك فهو ساخن متل النار بيشوي خاروف وبيسلخ حمار، فتعود للتمجلس تحت الدوش أو الشاور، على أمل أن تكون حرارة الماء قد خفت في المساء، لكن صنبور الدوش ذي البخوش يصرخ فيك بصوت مبخوخ بخخخخخخخخخخخخخخخ، فاضي، ما في مياه، وليييييييييييييييييييي، وتبكي وتبكي، ولن تنسى أن تضع طاسة الحمام تحت عينيك اللتين لن يسترضي الدود أن يأكلهما، وتملأ الطاسة من دموعك الساخنة وتتحمم، تصب الدموع وتتحمم، طاسة تلو الطاسة، حتى تنشف عيناك، وفي الليل تنام بألف يا ويل، وتستيقظ في الصباح لتجد موظف شركة الدموع أمام الباب ودمع العين يسبقه، وفي يده فاتورة، وفاتورتك كبيرة، كبيرة جداً، فلقد استهلكت الكثير الكثير من الدموع، ولم تراعِ الإرشادات، لم تلتزم بحملة ترشيد الدموع، فادفع الفواتير، وانطر مع الناطرين هطول المطر أو تساقط الثلوج"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق