"ما إن يصل الطفل عندنا إلى سن المراهقة حتى يصبح الحب مشكلته إلى أن يموت، فترى الشلاليف الجدد يجوبون الشوارع والآفاق بحثاً عن الحب، وترى جحافلهم في الشعلان والحمرا والغساني وما يعادلها من أسواق وشوارع في باقي المحافظات، وعيونهم تبحث عن الحب، عن عيني فتاة تبادلهم النظرات، وكذلك تبحث الفتاة، يؤرقها الحب،
وأخيراً بيمشي الحال، وبنشوف العينتينتين على مقعد في الجنينة يفصفصان البزر ولا يرميانه على الأرض، لأنو ما بعرف ليش العشاق أكابر عادة بيكونوا، بس لو كان نفس الشاب قاعد مع رفقاته الشباب عينك ما تشوف قشر البزر وقشر الموز وقشر البطيخ بالأراضي، المهم خلونا بالعشاق اللي بيتركوا بعض لأنها شافت واحد أحسن منه وأوعى منه وأكبر منه، ولأنو هو راح على الخليج ليكوِّن نفسه، ذلك أن تكوين النفس عنا صار معناه تكوين مصاري، ورجع هو يبحث عن حبه الخالد، ورجعت هي تبحث عن حبها الضائع، وبتقول لحالك هلأ بيكبروا هالشباب والبنات وبيبطلوا يبحثوا عن الحب، بيهدوا وبيكنّوا، ما في أمل، البحث عن الحب جار على قدم وساق، هو يبحث عن ملكة الجمال الخارقة الحارقة المدمرة واللي بطريقها رح تظبط له أموره المادية لأنو بالصدفة رح يكون أبوها مليونير، وهي تبحث عن الفارس المقدام اللي جلده مليان مصاري، وبيحبها وبيموت على صرمايتها، وفوق كل فضائله ومزاياه حمار، يعني عز الطلب، حمار معبى ببنطلون، ويبحثون ويبحثون ويبحثون، يصلون إلى حواف قبورهم وهم ما زالوا يبحثون عن الآخر الذي سيخلصهم من واقعهم المرير وهزائمهم المريرة، يموتون وهم يبحثون عن ذلك الآخر المنقذ المخلِّص، يبحثون في كل مكان، يبحثون في الجامعات والمؤسسات الرسمية والمؤسسات الخاصة والجامعات الخاصة والمطاعم والكازينوهات والحارات الشعبية منها والراقية والوسط، يبحثون في الشرق والغرب، في الشمال والجنوب، ولكنهم لا يجدون شيئاً، يبحثون في كل مكان، وهم لا يعرفون أن الحب ما بيجي غير فركشة، ودائماً ما يأتي على شكل حفرة عميقة أو مطب مفاجئ، فهل سمعت بحياتك عن شخص يبحث عن حفرة ليسقط فيها، أو عن مطَّب يرميه خمسين متراً لقدام مع نترة كهربائية، الحب يأتي لوحده، يأتي لطيفاً ورقيقاً وعنيفاً ومفاجئاً، وما إن تقع فيه حتى تكتشف أنك صرتَ في الجورة، وأنو يا ريتك تطلع، وبس تطلع بتصير بدك ترجع، ولوين، عالجورة، يعني شغلته مو سهلة هاد الحب، ووقعته مو وقعة، وستنط صبية رومانسية وتقول لي أنو وين المشكلة إذا الشباب بحثوا عن الحب؟!!.
المشكلة يا صديقتي هي أن الشباب يبحثون عن الحب كأولوية، البحث عن الآخر أصبح أولاً، بينما لا أحد يبحث عن نفسه، لا أحد يبحث عن ذاته، لا أحد يتوقف مع نفسه ويسأل نفسه ما الذي يريده وما الذي يجب أن يقدمه لنفسه ولأهله ولبلده وللبشرية بالنتيجة، فإذا ما كانت الذات ضائعة فهل تتوقعين منها أن تعثر على الحب!!."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق