"لا توجد مهنة أريح من مهنة كاتب عندنا، فطالما أنَّ أحداً لا يقرأ فالكل يستطيع أن يكتب، لا رأي لا قراء، لا رأي لجمهور، لا رأي لمتابعين، لا رأي لحاقن، لأنو مافي لا قراء ولا جمهور ولا متابعين والكل رايقين لذلك ما في حاقنين، مهنة بلا جمهور، هكذا تشاهدها هنا، أما ببلاد برّة فتُفاجأ عندما ينتفض محدثكَ حالما يعرف أنك كاتب، ويرفع
القبعة، ويبدي آيات الاحترام، تُفاجأ لأنك في بلادك تصادف في اليوم الواحد أكثر من عشرة كتّاب جدد يُضافون إلى قائمة الكتّاب القدُم، والسبب هو غياب القارئ، فلا تحتاج وقتها -عزيزي الكاتب- إلى مبررات لوجودك، ولا إلى شهادات سوى من هالكم صحفي اللي صاروا صحفيين متل ما أنت صرت كاتب، وبعد ذلك تنتقل إلى حقل المراسلين، فيسلخك أحدهم خبراً فتصبح ليس كاتباً على الحلّ، لا.. تصبح كاتباً مهمّاً، تعود إلى البيت مرتاحاً، وقد قنصتَ القنيص اليوم، وغزوتك نجحت، والفلوس في مجاريك هدرت، والموائد أمامك عمرت، والخلان حواليك، والصبيان حولك وحواليك، أما النسوان فحدِّث ولا حرج.. صحيح أنهن من نوع قطط التكية حصراً حواليك، بس هيك الظروف، ستايلَكْ قديم شوي ما بيجذب نسوان أحسن، يا أخي ليس بالإمكان أفضل مما كان، ارضَ بالنصيب، وارتاح للحبيب، حتى لوكان مو كتير حبيب، وعالقلب مو قريب، ومثلك مو من جماعة نيوتن، يعني بدون جاذبية، كتلة مصبوبة على شكل متابِعة ثقافية، أو كاتبة ألمعية، أو صحفية (حسناء) حتى لو ما كانت حسناء، بس عندك كله حسناء، وكله صابون، وكله يساعد على تنظيف المجاري الحسية والشعورية المسدودة منذ أن قررتَ أن تُمسك القلم لأنو ما حدا عن ذلك مسكَكْ، والقلم.. وما أدراكَ ما القلم، فهل تعرفتَ عزيزي على أهل القلم، وهل صادفتَ شخصاً من حملة القلم، وهل رأيتَ كيف يصبح الشاعر شاعراً والكاتب كاتباً بجرة قلم، هل رأيت مائدة عليها بضع شعراء يتحدثون، وبعد يومين تشاهدهم على صفحة واحدة في الجريدة يبيضون، وبعدها تجدهم من على منبر واحد عليكَ يتهاطلون، ومن شاشة واحدة يطلون، وبأسنان موحدة يبتسمون، ينكشونها بالقلم آخر الليل، لأن أقلامهم خُلقتْ لقطع اللحمة.. ومن ثم للتمتع بنكشها بين الأسنان، هل صادفتَ قلماً لا يعمل قبل الظهر سكين لحمة وبعد الظهر نكاشة أسنان؟!
خبرني عالسريع.. لأنو ألك جائزة طقم نكاشات أسنان بدون حبر، الكلام ألك يا أنيس فاسمع يا بدر.. وافتح يا سمسم أبوابك نحنُ الكتّاب."