٢٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

افتح يا سمسم


"لا توجد مهنة أريح من مهنة كاتب عندنا، فطالما أنَّ أحداً لا يقرأ فالكل يستطيع أن يكتب، لا رأي لا قراء، لا رأي لجمهور، لا رأي لمتابعين، لا رأي لحاقن، لأنو مافي لا قراء ولا جمهور ولا متابعين والكل رايقين لذلك ما في حاقنين، مهنة بلا جمهور، هكذا تشاهدها هنا، أما ببلاد برّة فتُفاجأ عندما ينتفض محدثكَ حالما يعرف أنك كاتب، ويرفع

القبعة، ويبدي آيات الاحترام، تُفاجأ لأنك في بلادك تصادف في اليوم الواحد أكثر من عشرة كتّاب جدد يُضافون إلى قائمة الكتّاب القدُم، والسبب هو غياب القارئ، فلا تحتاج وقتها -عزيزي الكاتب- إلى مبررات لوجودك، ولا إلى شهادات سوى من هالكم صحفي اللي صاروا صحفيين متل ما أنت صرت كاتب، وبعد ذلك تنتقل إلى حقل المراسلين، فيسلخك أحدهم خبراً فتصبح ليس كاتباً على الحلّ، لا.. تصبح كاتباً مهمّاً، تعود إلى البيت مرتاحاً، وقد قنصتَ القنيص اليوم، وغزوتك نجحت، والفلوس في مجاريك هدرت، والموائد أمامك عمرت، والخلان حواليك، والصبيان حولك وحواليك، أما النسوان فحدِّث ولا حرج.. صحيح أنهن من نوع قطط التكية حصراً حواليك، بس هيك الظروف، ستايلَكْ قديم شوي ما بيجذب نسوان أحسن، يا أخي ليس بالإمكان أفضل مما كان، ارضَ بالنصيب، وارتاح للحبيب، حتى لوكان مو كتير حبيب، وعالقلب مو قريب، ومثلك مو من جماعة نيوتن، يعني بدون جاذبية، كتلة مصبوبة على شكل متابِعة ثقافية، أو كاتبة ألمعية، أو صحفية (حسناء) حتى لو ما كانت حسناء، بس عندك كله حسناء، وكله صابون، وكله يساعد على تنظيف المجاري الحسية والشعورية المسدودة منذ أن قررتَ أن تُمسك القلم لأنو ما حدا عن ذلك مسكَكْ، والقلم.. وما أدراكَ ما القلم، فهل تعرفتَ عزيزي على أهل القلم، وهل صادفتَ شخصاً من حملة القلم، وهل رأيتَ كيف يصبح الشاعر شاعراً والكاتب كاتباً بجرة قلم، هل رأيت مائدة عليها بضع شعراء يتحدثون، وبعد يومين تشاهدهم على صفحة واحدة في الجريدة يبيضون، وبعدها تجدهم من على منبر واحد عليكَ يتهاطلون، ومن شاشة واحدة يطلون، وبأسنان موحدة يبتسمون، ينكشونها بالقلم آخر الليل، لأن أقلامهم خُلقتْ لقطع اللحمة.. ومن ثم للتمتع بنكشها بين الأسنان، هل صادفتَ قلماً لا يعمل قبل الظهر سكين لحمة وبعد الظهر نكاشة أسنان؟!

خبرني عالسريع.. لأنو ألك جائزة طقم نكاشات أسنان بدون حبر، الكلام ألك يا أنيس فاسمع يا بدر.. وافتح يا سمسم أبوابك نحنُ الكتّاب."

٢٤‏/١٠‏/٢٠٠٨

عند هطول الأمطار


"عند هطول الأمطار
وهبوب العواصف
أحتاج كأس حليبك
وعندما تغلق في وجهي الأبواب
أحتاج نافذتك المكسَّرة
.

وفي ساعات الخسارة
وفداحة الزمان
أحتاج يدك على كتفي
عند الجوع والعطش
أحتاج كأسك ولقمتك
وعند البكاء
أحتاج ـ على وجنتيّ ـ أصابعك.
في الضيق
أحتاج رحابتك
وعند الخيانة... تسامحك
وفي لحظات التكسّر
أحتاج صبرك
وأنت تلمُّ شظاياي
ودقتك... وأنت ترممني
أحتاجك بقوة
في كل مكان
وكل زمان
أيها الصديق
********************
لا تصعد الى منزلي
وإذا صعدتَ
لا تطرق الباب
وإذا طرقتَ
لا تدخل
وإذا دخلتَ
لا تعانقني... وتطعنني بعد ذلك
اطعنّي أولاً في صدري
وعانقني بعد ذلك
كما لو أنك... تندم
*********************
سنذهب إلى آلاسكا
وننام في أكواخ الأسكيمو الجليدية
سنمضي عمرنا
في أنفاق الديزني لاند
ونطير في الدواخات الهوائية
سنقرأ قصص تان تان
وأشعب وجحا الأممي
سنخرج إلى الشوارع سعداء
دون كلام مؤذ سمعناه من أحد
وسننام في دور السينما والأفلام (الهامة) تُعرضْ
سنركبُ على دراجة هوائية معاً
يوماً ما.. سنفعل كل هذه الأشياء... يا ابنتي.
***********************
لن أسامحك أيها المليونير
لأنك كنت مفلساً ذلك اليوم
وأنت يا مقهاي اليومي
لأنك كنت مغلقاً ذلك اليوم
لن أسامحك أيتها العاهرة القبيحة
لأنك كنتِ برفقة زبونٍ ذلك اليوم
*************************
وأنتَ... أنتَ يا صديقي الوحيد
لن أسامحكَ... لأنك متَّ ذلك اليوم.
******************
يا ابنتي
لوحاتكِ السعيدة
أعياد ميلاد
وقوالب كاتو
صحون حلوى وشموع
زينة وأضواء مبهجة
وأب وأم وأطفال سعداء
لماذا ترسمين كل هذه الأشياء
يا ابنتي..
**************************
فرحي طفلٌ يحبو ويتعثر
يداه هشتان
وساقاه لا تستطيعان حمله
فرحي طفلٌ لا يستطيع الخروج من البيت
قدماه صغيرتان
لا تصلان إلى الأرض
وقامته بطول الطاولة
فرحي طفلٌ
يزحفُ على الأرصفة
فأراه وحدي من خلف زجاج المقهى
فرحي طفلٌ
لا تلمحه أضواء السيارات
ولا تسمع المدينة أنينه
فرحي طفلٌ
تدوسه أقدام المارة ذاتهم
وهم يرمون عليّ التحية من
خلف الزجاج"

٢٣‏/١٠‏/٢٠٠٨

إلى عائلتي


"إلى أبي وأمي وإخوتي.. وإخوتي الذين ليسوا من أبي.. لأنّه فتتكم بالحديث أنو أبي متزوِّج وحدة فوق أمي وفي له منها أولاد، غير أنه كان متزوجاً من قبل بروسيا أيام الدراسة بس طلَّق، بس كمان له أولاد بروسيا، ولأني متحرر ومنفتح وطيب فإنني مضطر إلى إهداء هذا المشروع إلى كل عائلتي، بمن فيهم زوجتَا الوالد؛ البعيدة الله يسعدها ويبعدها، والقريبة الله لا يوفقها، لأنه بعد ما تزوَّجها أبي فجأة صار اسم أمي (القديمة)

بعد ما كانت ماما ماما يا أنغاما، ومع ذلك فإنني أهدي مشروعي إلى عائلتي، وبالطبع إلى عماتي وأعمامي وأولادهم وأولادهنَّ، وزوجاتهم وأزواجهنَّ، وخاصة زوجة ابن خالي الألمانية وبطريقنا اسمه جاءت سيرة الألمان فمو حلوة نتجاهلهم لذلك نهدي الشعب الألماني بشقيه الديمقراطي الشرقي والغربي الرأسمالي مشروعنا هذا أيضاً، وإلى ابن ابن عمي الأمريكي، هو الولد من هون أبوه ابن عمي وامرأته بنت عمتي، بس لما حبلت أخدها هي والداية تبعها مشان تولد بأمريكا، قال شو؟!.. بدو الولد تطلع جنسيته أمريكية، وعلى اعتبار أنه قرايبي خلق أمريكي فأنا أهدي هذا المشروع إلى الشعب الأمريكي كله، كرمال عين تكرم مرج عيون، بالإضافة إلى أنني أهدي الشعب الروسي الشقيق كله هذا المشروع كون أخوتي روس.. ولي هون كمان روس.. بس هدوليك روس روس، أما يلي هون فروس من تبع التيوس، وأهدي هذا المشروع بلا شك إلى ابن خالتي المقيم في فنزويلا، وإلى زوجته الفنزويلية طبعاً، وبالتأكيد إلى الشعب الفنزويلي الصديق، وإلى أولادهما الذين يقضون عشرة شهور في فنزويلا يا سنَدي وشهرين إجازة في السويداء يا قبّاري، وإلى بنت أختي المتزوجة من شب إنكليزي حباب ولطفلهما الاسكتلندي لأنه ولد في غلاسكو بالإضافة إلى أن حماتها اسكتلندية وبالتأكيد فإننا نهدي مشروعنا إلى الشعب الاسكتلندي اللطيف إلى درجة أن مشروبهم الشعبي هو الويسكي، قال شعبي قال، وطبعاً أهدي شعبي هذا المشروع، وباقي الشعب البريطاني من انكليز وآيرش واسكوتش وويلزيين، ونهدي الفرنسيين وذلك لأنني شخصياً تزوجت من فرنسية ولكنها طلقتني لأني ما قلت لها بونجور، كما أهدي إلى أصدقائي وخاصة الذين يشجعون مثلي فريق برشلونة، وبالتأكيد فإنني أهدي مشروعي إلى الشعب الكتلوني المكافح والشعب الإسباني المناطح والشعب الإيطالي المتسامح وباقي شعوب أوروبا من المحيط إلى الخليج، وعلى سيرة الخليج أهدي بنت عمة أبي المتزوجة من سعودي وإلى أولادهما وباقي الشعب السعودي ونميز في الذكر هنا الفنان طلال مداح وأغنيته (مقادير)، وبالتأكيد فإنني أهدي مشروعي إلى زوج بنت عمة أبي المقيمة في اليمن وزوجها اليمني الموحد الذي عندما تزوجته كان يمنياً جنوبياً عالحلّ، وسبحان مغير الأحوال وموحد الأقوال، وإلى باقي شعوب الخليج وخاصة إلى ابنة خالة جدتي من طرف والدي من طرف والدته وزوجها الهندي الذي يعمل في دبي وإلى أولادها الهنود وخاصة ابنها حمدو الذي فتح المطعم الهندي الأول بدمشق وإلى باقي الشعب الهندي والآسيوي والأمريكي اللاتيني والأمريكي يلي مو لاتيني.
ولن أنسى ابنة عمة خالتي المتزوجة من جزائري تعرفت إليه بالجامعة لما كانوا طلاباً، وراحوا سكنوا بالجزائر بعدين وإلى أولادهما وعزائي بوفاة ثلاثة من أبنائها في حوادث تفجير متفرقة فإلى روحهم الطاهرة في بلد المليون ونصف المليون شهيد وإلى شعب الجزائر بالتأكيد وإلى باقي القارة الأفريقية، وإلى ابنة عم ابن خالتي المتزوجة من عراقي مقيم في استراليا ويعمل مخرجاً مسرحياً أو سينمائياً على ما أعتقد وإلى كل الشعب العراقي بفنانيه ورساميه وشعرائه ومخرجيه وممثليه ونقاده وروائييه والأقلية العادية فيه، وإلى القارة الأسترالية بما أن أولادهم استراليون، وإلى الأخوة والرفاق الفلسطينيين.. وشكراً.
مشروع حلقة بحث للطالب عبدو عبيد العبود من المدرسة الصناعية المختلطة ـ دوام مسائي ـ حول طرق تركيب مسجلة سي دي في حافلة طريزينا معدَّلة 2007."

٢٢‏/١٠‏/٢٠٠٨

طنجرة وغطاها


"جلستْ الطنجرة مستريحة من عناء النار التي تشوي الأساس وتحرقه بعد أن تم إطفاؤها بالماء وجليها بالصابون وعمل مساج لها بالليفة بعد عملية القحط القاسية التي سبقتها بالسيفة، جلسَتْ والحزن بيديها تتأملُّ غطاءها الحبيب، وما إن رأى الغطاء محبوبته الطنجرة في لقاء غير جهنمي هذه المرة حتى انفرجت أساريره المصنوعة من الألمنيوم لدرجة الانطعاج، وقال لها متقرِّباً ومتشاطراً ومتذاكياً ومتملعناً ومتمسكناً وباقي عدة التطبيق الشعورية:

- تاخدي كتشَب؟!
- لأ شكراً .. أنا بعكسَكْ بحب المايونيز.
- بحبّ البرغل.
- أنا بحب الرز.
- بحبّ الشقف.
- أنا بعكسك.. بحبّ الكباب.
- بحبّ السكّر.
- أنا بحبّ الملح.
- بحبّ من العصير بس البرتقال.
- أنا بعكسَكْ تمام.. بحبّ كل شي في عصير من عدا البرتقال.
- بحبّ الفوتبول.
- ما بطيقه .. بحب التنس.
- بحبّ ريال مدريد
- أعععععععع.. أنا بحبّ برشلونة.
- بحبّ الاتحاد.
- أنا بعكسَكْ بحبّ الحرية.
- بحبّ البساطة.
- ما بطيق البطاطا.. أنا بحب الفخامة.
- على فكرة بحبّ الفحّامة.
- وليييي.. لأ أنا بعكسَكْ بحبّ أبو رمانة.
- أنا بحبّ الرمان.
- أكله صعب وبيوجع الأسنان.. أنا بعكسَكْ بحبّ الأنجاص.
- بحبّ اللون الأحمر.
- فاقع كتير .. أنا بعكسَكْ بحبّ الأخضر.. هادي.
- بحبّ الأسود.
- معتم.. أنا بعكسَكْ بحبّ الأبيض.
- بصراحة .. وحتى لو كنتِ بعكسي بكل شي بس أنا من بين كل البنات بحبِّكْ أنتِ.
- أنا بعكسَكْ .. من بين كل الشباب بحبَّكْ أنتَ."

٢١‏/١٠‏/٢٠٠٨

كاشف ومكشوف

لم يطل بنا الزمن الذي أصبحنا فيه كلنا نملك جهاز الكاشف على تليفوناتنا الأرضية، وهذا التليفون الأرضي نوع من أنواع الاتصال يمكن أن يتحوَّل بين لحظة وضحاها إلى نوع من أنواع الإزعاج وهزِّ البدن وعضِّ الأصابع وشدِّ الشعر وأكل أطراف الشفايف وقرض الأظافر وأكل الهوى، ونوع من أنواع الهوى، لكن الهوى الثقيل الغليظ الذي يدخل عبر الجدران ليرغم الناس على الاعتراف بوجوده حتى لو كان من نوع الأكل هوى، فكانت تلك المكالمات المزعجة من ذلك المجهول الغريب الذي خيَّم كظلٍّ عليك وعلى عائلتك فأصبحتم متعايشين معه لأيام وشهور بل وقلْ لسنوات، أولم يمر في حياتك ذلك الشخص ذات يوم؟!!! ألا تتذكَّر كيف كنتم تقفزون من أماكنكم منزعجين بعد كل اتصال غليظ منه، وكيف كنت تبهدله وتهينه، وكيف كان ببرود يتلقف إهاناتك، وكان يقبل كل ما تقولونه له، وكان يضحك من كل ما توجهونه له، لكنه فقط كان يرفض الكشف عن هويته، لأنَّ في غموضه قوته، في تستُّره جبروته، في انكماشه وانعزاله واختبائه حمايته لنفسه، إلى أن تعوَّدتَ عليه، وعلى فصوله، وتعوَّدت عائلتك عليه، فصرتَ تفصل الفيش قبل النوم، وألغيت التليفون من حياتك وأنت نائم، لأنَّه لا أحد سوى الطوارئ أبعدها الله عنك، وسوى الغليظ، فإذا كانت واقفة على سماع أمر طارئ وهو دائماً سيئ لدينا، لأنَّ المتصل سيكون واحداً من أصدقائك المقطوعين أو المذهولين في هذه اللحظة بسبب حدَثٍ جلل ما، وكلهم من النوع الملهوف المحتاج إلى عملية إغاثة، المغيثون لا يتَّصلون في منتصفات الليالي، عليك أنت أن تتَّصل بهم أصلاً، والأفضل في نصاص الليالي، لا توجد لدينا مفاجآت سارة أصلاً تصلنا عبر تليفون في نصاص الليالي، لذلك ألله أغنانا عن الطوارئ، بتتأجل لبكرة، بلاها هالقومة من الفرشة بعز دين الغفوة الفجرية لإغاثة الملهوف ونجدة المقطوع، وفي الصباح ما إن تستيقظ وتضع فيش التليفون متلهفاً للتواصل مع البشرية حتى يرنّ فترفع السماعة فإذا به الغليظ، لقد بدأ ينظِّم وقته على أوقات نومكم، وبات لا يسهر كي يوقظكم، بل أصبح إنساناً نظامياً ينام الساعة الواحدة بالليل ويستيقظ في الصباح الماكر ويشرب الحليب وينظِّف أسنانه مع أنها لن تظهر لكم على التليفون وهو يضحك، وستتحدَّث معه إذا كنت رايقاً وتتغالظ مع غلاظاته، أو تغلق فور سماع صوته بحركة أوتوماتيكية، فيعيد الكرة، وتغلق في كل مرة، وببرود تتصرَّف، حتى بهدوء يتقردف، وعن نفَسِكَ يترجل، بعد أن امتطى صهوتها لأعوام، لكن الكاشف جاء ودمَّره، هزمه، وإلى التخفي المتعب شلَفَهُ، وإلى الكولبات رماه، حتى الكولبات ملّت منه وأغلقت أبوابها، بل إنها اختفت لأنها لم تعد من الضرورات على ما يعتقد المسؤولون عن مدينتنا، وبات المزعج الخفي الذي يبعبص في حياة الآخرين رمزاً من رموز الماضي، بفضل الكاشف العجيب، لكن الكاشف لم يعد مهماً الآن، لأنَّ التغالظ وإزعاج الآخرين بات يُلعب هاليومين عالمكشوف، حتى الكاشف ما عاد يخوِّف، لأنَّ عِرق الحياء قد طقّ.

٢٠‏/١٠‏/٢٠٠٨

وراء كل رجل

ما في شك أنَّ وراء كلِّ رجل عظيم امرأة أعظم، لكن ما في شك أيضاً أنَّ وراء كل رجل عظيم امرأة أجمل، وما في شك كمان أنَّ وراء كل رجل بهيم امرأة أبهم، وإذا ما كان في امرأة وراء هالبهيم فلا شك في أنَّ هناك وراءه من يدفشه، وهذا الدفّيش ليس بالضرورة أن يكون بهيماً، لكنه بالضرورة سيكون ابن حرام، وعلى مبدأ ادفشه وشوف ما أجحشه يمكنك مشاهدة البهائم تسرح وتمرح في البرية الشاسعة أمامك،

فتقول لنفسك: أنت الشاب اللطيف الحائز على الكفاءات والمشمول برعاية الرب وعطاءاته من الموهبة والذكاء، أنو شو جاب هالبهيم على هالمرعى، أنت قلتها بنفسك.. مرعى.. وبالتالي فلا مكان لك لأنك ذكي وشاطر، معقولة على آخر الزمان نرمي الفهمانين بهالمراعي ليرعوا بجنب البهايم، لأ مو معقول، بس إذا بدك بنعينك حارس على الحشيش بتسقيه وبتقصقصه وبترتبه مشان تضل هالبهايم عم ترعى، بصراحة صرنا خايفين يخلص الحشيش ويقوم يموت الكديش، وأنت بتعرف أنو نحنا عم ننظم سباق الكدش في مطلع العام الحالي، سباق في قوة التحمُّل .. للجمهور طبعاً، بقى برضانا عليك يل بني يا أيها الفتى الباحث عن عمل هيا.. اسقِ العطاش.. بخبخ المياه العذبة على العشب الأخضر كي ينمو أكثر وأكثر، وكي تأكل البهائم أكثر، وتجترَّ أكثر، وتعلك أكثر، ولا مانع من أن تترنَّم بأغنية رشرش حبك يا جميل وأنت ترشرش الماء، وبعد أن تدخل غمار العمل، ويصبح المرعى غير شكل، بينما البهائم التي ترعى لا توجِّه لك كلمة شكر واحدة على بخبختك ورشرشتك، ولا حتى رفع قبعة، ولا تحية بالإبهام أنو كل شي تمام، مستحيل، فالبهيم لا يستخدم علم الإشارات ولا يستقبلها أصلاً، فهو من الإشارة لا يفهم، وقد كتب بهمانوف الأول مشدِّداً أنَّ البهيم من الإشارة لا يفهمُ، وهو بهذا يغلق كل محاولة متمردة للبهائم في فهم شي إشارة، حتى إشارة المرور لا يفهم البهائم عليها، فتراهم يتجاوزون ويطحشون حتى اخترعوا لهم عصاية عمو الشرطي التي تتضمَّن ما فوق الإشارات من مخالفات وبهدلات وشفط ديّات وخوّات وإكراميات، فلا تحاول يا ابني، فتغيير الحال من المحال، ولكنك مازلت تملك الإصرار، وتريد أن تعرف من أين يأتي البهيم كي تسدَّ الطريق وتكتفي بهالكم واحد اللي عندك بالمرعى، حاكم عم يجوك أفواج أفواج على مبدأ أكل ومرعى وقلة صنعة، وبالنسبة للصنعة فلا تُحدِّث بأمرها، فالبهيم مستحيل يتقن صنعة، حتى وقت اللي بيجتر وبيعلك ما بيعرف يجتر.. بينشِّز بالعلاك.. ومع ذلك تريد أن تعرف المنبع، من أين يأتون.. يتكاثرون.. يتدفَّقون.. وبثقة بالنفس يختالون وخبباً يمشون.. وبغرور وصلف مع الناس يتصرَّفون.. ولأنوفهم يرفعون.. وللبوزات يسحبون.. يا للسر الذي لن تستطيع مسكه، ويا للغز الذي لن تستطيع حله، لذلك فالأسهل أن تقول طالما أنَّ وراء كل رجل عظيم امرأة أعظم، إنَّ وراء كل رجل بهيم امرأة أبهم.. أو دفّيش.. وادفشه وشوف ما أحلاه..بلبل.. تقبرني على هالصوت شو حسون!!!!! .

١٨‏/١٠‏/٢٠٠٨

لا تتذكري شيئاً


"لستُ سوى خراب، اتفاق شخص على شخص، بقايا سعادة تمر في البال، ولا شيء سوى المارة وصوتهم للحظة العبور من أمام الباب، صوت الضوء وبرد، أتذكر يدكِ وأحزر ما الذي كان يدور في بالك وأنت تخربين القصة هكذا..
!!

أحسدكِ على الشام
أحسد الشام عليكِ
فنامي أيتها المرأة نامي
ولا تحكي لأحد ما فعلنا
ولا تتذكري شيئاً

**
لأجل من سأقف في الظهيرة الحارة، لأجل من سأرحب بالذباب والرطوبة والضيوف العابرين، بالماء البارد والأجساد المستلقية على الاسمنت العاري، بالخناجر العالية والأواني الصدئة في الباحات. بالنصال الدامية وصوت السيارات العابرة وطنين الدراجات النارية من بعيد، بطلقات حرس الحدود في عز الظهيرة، بالرطوبة وصرير الأبواب، بالرجال المكشوفين تحت الظهيرة، بالرجال المقتولين في غفلة من الشمس.
**

بعد الحب
ما جدوى ما بيننا
فلست سوى جسرٍ يقودكِ إلى الهاوية
وروحي أشد ظلاماً
أقول الآن:
أستطيع أن أطرد الجميع من بالي وأطردكِ
ولكنك تستطيعين البقاء أكثر
أرجوك.. تستطيعين
**

تغلقين الأبواب عني وتوصدينها علي كي أسفك خوفي وأدلق فيك وحدتي، تتكونين من الخوف والكتمان وما على السرير سوى احتمال الخطيئة المدهشة، كذلك الموت، غمد أنثوي ونعاس ذكر يسقط فيه، كذلك.. امرأة تداري نعاسها ورجل يداري الأرق، أما قلتُ.. تمايلي علي، لميني من أنحائك عاشقاً يحتذي بحروبه القليلة..

**

ردي لي الأغاني والقصائد ومشاوير المساء واللقاءات الخفية، ردي لي سُكَّرَ القبلة الأولى وبحة صوتي، ردي لي عيوني العالقة فيك وعرقي الذي يسيل من مساماتك، لوركا لوركا.. هاتي السكين وقطعي هذا الجسد فلا سبيل إليك إلا قطعة قطعة.
**

أيها الوريث الأخير لمسافات الأرض أخرجْ الطرق من جيوبك وانثرها رحيلاً أمامي، لو تكلمت الأرض لباحت بك، لو بكت السماء لذرفتك، ولكني داخل الحرب وخارج الصليل لا أجد سواي
في أوراقك تتجمع نهايتي، في حبركَ يدور كلامي
أية ريح ستقتلع من فمك أسناني الهرمة
أي شجر سيمنح جسدي ظلالك

**


موحشٌ مثل فراشٍ باردٍ لا ينام فيه أحد


**


هذا الكلام غريب عن الشفاه
أنا الكلام وغيري يزين الشفاه
أعلن وقتاً لم تعلنه الساعة
أنا الكلام وغيري يربك الأقلام
أعلن صفيراً لا تصل به القطارات
أجتمع، لا شيء يبعثرني
أتناثر، لا شيء يلمني
أموت والبياض حولي خطيئة دامية
ما بقي من ركض في أقدامي لا يكفي للهروب
وما بقي من صوت في فمي لا يكفي للكلام
فماذا جنت السواحل من البحر
وماذا جنى البحر؟..

**

آه أيها السارد، كم بكيتُ على لعبتكَ وهي تخبو مع شخوصك، وكم عليَّ أن أدعك تكمل القصيدة، أيها المنهزم الوحيد في هذا الفضاء، أيها الغائب في متعة الأدوار، أَكملْ إذن، فأنتَ من ترك الثانويين يصعدون الحلبة..

**

ولو أنك تغيبين عني قليلاً وتهطلين كالحجر الثقيل علي
ولو أنكِ بعين تشدينني إليكِ وبعين تلمّين أعدائي عليّ
لأنكِ خيبتي في العلو، خيبة السنونو والزارزير في فضائي
خيبة كلامي في قفزة متر مع الراقصين عن الأرض
كم مرة علي أن أمد يدي لأرتب شعرك
كم مرة سأحضر البنفسج ولا تأتين
كم مرة سأُضرَبُ في الأرض دون أن ترمي حفنة زهور على جثتي"

اوتوستراد وتصدير


"وحملنا حالنا وحجزنا في رحلة برية إلى المزة الشرقية، فطالما هناك مزة غربية من سلطة روسية إلى كافيار بلطيقي وانتهاء بالباستا الإيطالية، فلا بد أن تكون هناك مزة شرقية من تبولة وفتوش ويالنجي وبسطة عراقية، والبسطة العراقية هي نوع من أنواع القتلات التي يأكلها الإنسان من أخيه الإنسان فتسبب له السعادة لأنها انقضت بكم كف وكم رفسة وكم بهدلة وألله يجيرنا من الأعظم،

والأعظم في المزة الغربية الفيلات، بينما في المزة الشرقية الحواكير والحارات، وهناك في المزة الغربية النقابات والمؤسسات، وفي المزة الشرقية البيوت والسفارات، ويقطع بين المزتين خط طويل له فتحات اسمه أوتوستراد، فإذا دخلت على اليمين وأنت قادم من ساحة الأمويين فإنك تشاهد على يسارك بنايات وبنايات من المزة الشرقية لكن دون أن تصل إليها بسهولة، والسبب.. أن الجماعة سدوا كل الفتحات التي تؤدي إلى الشرق، محافظين على فتحة واحدة فقط كي يتسنى لأهالي المزة الشرقية العبور إلى المزة الغربية لدفع فواتير موبايلاتهم لا قطعت لكم شركة خطاً وأنتم إلى المكالمات مضطرين، اما إذا أراد كائناً من كان الذهاب إلى المزة الشرقية فعليه أن يتعرف على وطنه كاملاً قبل الوصول إلى هناك، فالانطلاق الذي قد يتم من تحت جسر الرئيس، في ميكرو أو سرفيس، سيتم تحت شعار أن الاوتوستراد يتشكل من خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً إلا عند شركتي الموبايل، وهذا يعني أن الموبايل عندنا مستثنى بإلا، ويعني أن تطبيق دروس الرياضيات على حياتنا العملية بات حلماً أقرب للحقيقة، وربط الجغرافيا بحياتنا العملية أيضاً حلماً واقعياً قابلاً للتحقق، فتصعد في الميكرو في سباق رالي اسمه اكتشف سورية باتجاه الاوتوستراد، وتجتاز العجقة التي عند شركتي الموبايل والفتحة الأولى والأخيرة للتلاقي بين الشعبين المزاويين الغربي والشرقي، وتشاهد على الطريق الطويل البنايات والسفارات على الضفة الأخرى دون أن تلمسها أو تستطيع الوصول إليها إلا إذا نزلت من الميكرو وقطعت الشارع دون أن تندعس طبعاً وقفزت من فوق الجدار العنصري العازل باتجاه المزة الشرقية، او إذا تابعت الرحلة وتجاوزت كافة الحواجز والصعوبات من شرطة مرور متربصين أو عابري سبيل للاوتوستراد عابرين وللسيارات المسرعة مطنشين ومن على السور قافزين وإلى المزة الشرقية واصلين، وإذا سهوت قليلاً عند مفرق جامع الأكرم الذي أصبح فتلة عاليمين ورجعة عاليسار وكسرة عاليسار الشرقي فستجد نفسك وأنت تتفرج على معالم الحضارة السومرية على يمينك من كراجات ومساكن شعبية إلى أن تشاهد بأم عينك مفرق المعضمية، فإذا كان نصيبك من نعمة النسيان قوياً فإنك ستصل إلى الجديدة بإذن الله لتمتع نظرك بدمشق الحديثة وتعود أدراجك بالسرفيس إلى المزة الشرقية التي أصبح الوصول إليها حلماً أيضاً ولكنه حلم قابل للتحقق، إلا أن الشكاوي تأتي وتقول إن القادم من بيروت يصل إلى المزة الشرقية قبل القادم من دمشق، فنقول .. حلو .. هذا يعني أننا نمشي في الاوتوستراد الصحيح نحو الوحدة العربية، ونطالب أيضاً بتصدير فكرة الاوتوستراد الخطر إلى كافة المدن السورية حتى نخلق شبكة تتيح للمواطن السوري القادم من حلب إلى إدلب أن يمر بالشام والسويداء ودرعا، بينما شكا السواح القادمون من بيروت أنهم لكي يذهبوا إلى المزة الغربية بات عليهم أن يصلوا إلى المرجة، وهنا نقول بأن شبكة طرقنا الحديثة ستوصل القادمين من بيروت إلى الحسكة وتعيدهم إلى المزة الغربية سالمين، وإنا للسياحة في وطننا الحبيب لمفعِّلين."
..

الغرور


"دائماً تدخل إلى مكان فخم مطعم مثلاً أو مقهى فتجد شخصاً واحداً على الأقل محيطاً نفسه بهالة من الغرور دون أن تعرف سببها، لأنك أصلاً لا تعرفه ولا تعرف من يكون.
هذا الشخص الذي يبث طاقة سلبية في المكان، وظلاً ثقيلاً يخيم حتى على أحاديث الآخرين، فترى أصواتهم خفتت، وإيماءاتهم قلت، وضحكاتهم انعدمت.

وإذا ما حدث بينك وبينه أي احتكاك فهو ينظر إليك من تحت نظاراته السوداء الشمسية بغرور لا يوصف كي يثبت لك أنه من طينة مختلفة عنك ومن طبقة اجتماعية 'أرقى' وأعلى من طبقتك بالتأكيد وبكثير أيضاً.
ويجلس هذا الثقيل الظل مكانه ويرمق الداخلين والخارجين بقرف، فيقول عبر نظراته للخارج من المكان'أنت لن تعود إلى هنا إطلاقاً فهذا المكان ليس لك ولأمثالك'، بينما يقول لعبد الرحمن الداخل'مالذي أتى بك إلى هنا .. مكانك ليس هنا'، ويريد أن يقول للجميع إنهم طارئون على المكان فهو الذي يملك المال وهو يريد أن يثبت للجميع أهمية المال وخاصة لمن نسوا ذلك واكتفوا بالقليل، إنه يريد أن يشتري ويشتري ليثبت أنه الأفضل والأروع، بس ما بعرف لمين؟.

لقد نسي بعض الأغنياء أو المتنفذين أن بداية الرقي هو التواضع، وأن فن الإتيكيت ليس بتعلم الأكل بالشوكة والسكين، أو الأكل بالعصي الصينية بطلاقة، أو ارتداء أفضل الملابس وأكثرها أناقة وعصرية، نسوا أن هناك في فن العلاقات مع الآخر بنداً أساسياً وهو الانحناء للآخر، الانحناء المتواضع، وكيف لا يعرفون ذلك وهم الذين قضوا حياتهم ينحنون للمال وللنفوذ ولمراكز القوى بذل وليس بالتواضع الذي كنا نتحدث عنه، لأن هذا الانحناء المتواضع الصادق غير معروف عندهم ولم يجربوه، وهم ليسوا بحاجة لتجريبه، فهم أناس يحملون أقنعة كثيرة معهم، فتجد هذا المغرورالذي عوَّف المكان حياته بظله الثقيل وغروره قد قفز من أربعته عند دخول شخص ذي نفوذ أكبر، وأصبح ممسحة أمام كل الجالسين وهو ينافق ويتذلل، بل إنه نسي كل اعتداده بنفسه، لأن اعتداده كان كاذباً أيضاً وكان مجرد قناع من الأقنعة الكثيرة التي يضطر لاستخدامها في اليوم الواحد، إنه شخص غير عزيز بالأصل، إنه شخص من هؤلاء الأشخاص المزيفين الذين يبدلون جلد وجوههم كما يبدلون أحذيتهم، تتصارع على جلودهم كافة أنواع البارفانات، وعلى قوامهم كافة ماركات الأزياء، وعلى أقدامهم كافة أنواع الأحذية، وتتصارع داخل بطونهم الوجبات، أما في أدمغتهم فهناك سلام، سلام ... سلام.

لهؤلاء الذين هناك سلام في أدمغتهم لن أقول شيئاً فقط سأدعهم بسلام . ."

١٧‏/١٠‏/٢٠٠٨

مع مين رح يطلع؟


"ببساطة ما عندي سيارة، وكل ما بدهم رفقاتي يعملوا مشروع سيران أو طلعة لقرنة بعيدة بينطرح السؤال التالي: ولقمان.. مع مين رح يطلع؟!
طبعاً أنا ما لي علاقة، هم سيقرِّرون السيارة التي سآتي بها، وعادة ما تكون جلسة انتقاء الصديق الذي سيقلّني معه سرية، نظراً لأنو ما حدا قاتل .

حاله لتطليعي معه، صاحبي الأوروبي الطباع سيكون أول المنسحبين من السباق بسبب سيجارتي، فالرجل لا يحبُّ التدخين تحت أي سقف حتى سقف السيارة، وهو يرفض تحت ضغوطي أن يشتري سيارة كشف، وبالتالي يا أنا بلا سيجارة، يا بلاها هالطلعة من أساسها لأنو صاحبي الأوروبي متعنِّت ومستحيل يسمح لي بالتدخين، والتاني أعصابه مو قوية لحتى يفوت على نص البلد مشان يسحبني من شارع 29 أيار اللي مضى، والتالت بيفوت عالشارع الرئيسي بس مستحيل يفوت على حارات عين كرش مشان يشحطني من بيتي، قال ما في محل للصفة، وأنا مستحيل أطلع لراس الشارع لأنو ما بحب وقِّّف وأنتظر، والرابع مرته ما بتخليه يطلعني معه لا بحلال ولا بحرام لأنو حضرتي رح أتسلبط على مقعدها القدمَّاني، هيك شروطي، بتاخدني السيارة من قدام البيت، وبدخن، وبقعد قدام، وأحياناً بنزِّل قهوتي معي، وهادا رفيقي مرته بتحب تقعد قدام، وأنا ما بحب أقعد ورا وأفتح حديث معهم، رفيقي بيحاكيني وهو وعم يتطلع فيني بالمراية، ومرته بتندار كل شوي وبتقل لي (ليكها النفاضة قدامك)، بس من بعد ما اخترعوا حزام الأمان يا قلبي أمان في بلادنا حتى بتُّ أحب المقعد الخلفي، بل وصرتُ أصعد في التكسي خلفاً إذا كان معي صديق، كله مشان ما أحط الحزام، ومرة جربت أقعد ورا وأنا لوحدي قام الشوفير قال لي: شرِّف لقدام معلم، قام شرّفت، ما بعرف ليش الشوفيرية ما بيحبوا قعدة الرجال ورا، بيحسوا بإهانة، قلناله والله مو مشان شي يا معلم بس مشان الحزام، وبصراحة الحزام معت، سحبه معت، والبحث عن الأنتاية الحمراء معت، خاصة إذا كان في طرَّاحة، وخاصة إذا كان في كاسة شاي خاصة الشوفير وملكه، ويقول لي الشوفير أنو ما في داعي تحط الحزام، امسكه بإيدك، طيب هيك أصعب، يعني بحطه نظامي وخلص، لأ .. مافي داعي..

امسكه بإيدك، هيك قال الشوفير وتابع: أنا عندي عشر بلوزات سود، عالأسود ما رح يعرف الشرطي إذا كنت حاطط حزام ولا لأ، وضحك، وضحكتُ معه مجاملاً، لكنه كان طيباً، لم يخورفني، كما أنني كنت لطيفاً فلم أبخسه حقه، ونزلت، وتعاهدنا أنا والسائق على محاربة الحزام باللون الأسود، وبحثتُ في خزانتي، وفردتُ تيشيرتاتي أمامي، في شي خمس قطع سوداء، ولكنني ارتديت واحداً أخضر لأنَّ زوجة صديقي راكبة في المقعد الأمامي، وزمَّر صديقي، فقلت له أن لا يزمّر لأنَّ الغرب اخترع الموبايل، ونزلتُ، فوجدتُ رتلاً من السيارات يزمّر خلف سيارة صديقي التي أغلقت الطريق.

حيَّيتُ الجماهير التي تنتظرني، وكانوا يبتسمون لي وفي قلوبهم يشتمونني، جئتُ لأصعد في الخلف كي أرتاح من الحزام، لكن زوجة صديقي اللي لابسة أسود بأسود نزلت وقالت: لا والله ما بتقعد إلا قدام، وكانت السيارات تزمِّر، وكنتُ أحييهم معتذراً، وكانوا يبتسمون لي وفي قلوبهم يشتمونني بأقذع الشتائم، يا عيب الشوم"

بوجه شاحبٍ تكريماً لفراقكِ

"
أعودُ


إلى حلمي بكِ

لا أريد الحصولَ عليكِ

ولكنني لن أتخلى عنكِ أبداً

شو عم يحكوا عني؟!..

ما بيجيبوا سيرتك قدّامي

وأنت شو عم تحكي؟!..

لمّا بكون موجود

بعمل متلهم..

ما بجيبْ سيرتِكْ قدَّامي

لا يمكنكِ أن تكوني حياتي

لكن..


لا يمكن لحياتي

أن تكونَ دونكِ

هل تريد أن تطير

لا..
أريد وحلكِ

إذا عشتُ فلن أكتفي إلا بكِ

وإذا متُّ فلن يكون كفافَ موتي

إلا وردكِ

بيني وبين الموت خطوة

بيني وبينكِ مسافات

لم تكوني مستحيلة

ولم أكن منحرفاً

كان بالإمكان

لو أردنا

أن تكوني

شبه مستحيلة

وأن أكون

شبه منحرف
لم يتحمّل الجسد

دقات قلبي

كنتُ عجوزاً

على حبكِ

لم تكوني فارعة

ولا نخلة سامقة

لكن


لم تستطع امرأة

أن تملأ فراغكِ
لمّا بضعف كتير

بتذكّرِكْ

بستقوي بوجودِك

بأعماقي

كنتُ أقبلُ

أن أمشي

هكذا

*****

محني الظهر

بوجهٍ شاحب

مثيراً للشفقة

تكريماً لفراقكِ

حلمتُ بأنكِ تحبينني طيلة عمركِ


وحلمتُ أنني أحبكِ كذلك

لكنني

وعلى قمة خساراتي

أخرجُ

ظافراً بنفسي

وفي لحظات غضبي

كنتِ ضميري الباسم

اليوم أيضاً

صوتي ضعيف

ولن يسمعني أحد

" ..

١٦‏/١٠‏/٢٠٠٨

في 48 ساعة بريئة

نظمت دار الأوس في دمشق أول ملتقى شعري في مدينة دمشق على خشبة مسرح تياترو!!!!!..هو كذلك.. لم يكن هناك في دمشق ملتقى على مستوى عربي أو دولي للشعر من قبل؛ ربما لأنَّ الشعر ليس مهماً كهيبة اسمه. وتصديقاً لذلك، فإنَّ أمانة العاصمة بذاتها لم توجع رأسها بالأمر، ولو أنها تداركت الأمر بالإعلان عن مهرجان تلحيقة، بعد أن عرفوا أنَّ هناك ملتقى شعرياً أهلياً سيقام هو 48 ساعة شعر.

المهم شو بدنا بالمثقفين والفهمانين، وخلينا بالدراويش من جماعتنا الذين أسسوا لملتقى 48 ساعة شعر، وعنونه في دورته الأولى بشاعرات عربيات، وجاءت الشاعرات على الوعد، ولمعلومكم فإنَّ منظمة الملتقى ومديرته شاعرة أيضاً ومخرجة سينمائية كمان، لكن من النوع الوثائقي.. وهي هالا محمد التي تصرّ على كتابة هالة بالألف مما جعلنا نحترم رغبتها ونكتبها هالا، حتى لم يعد هناك داعٍ لأن تكتب الاسم الثاني، لأن مجرد ذكر اسم هالا مكتوباً هكذا تعرف منه أنها هالا محمد، ومن خلال تعرفنا على إصرارها الطفولي على الألف فلا بد أن نتوقع أن أساس هذا الملتقى بني بإصرار طفولي من هالا،
طفولي بمعنى براءته في الانتقاء، براءته في انتقاء العنوان أولاً، فلا أهداف نسائية من خلف جمع 12 شاعرة عربية من بيئات مختلفة ومجتمعات متمايزة بمساوئها طبعاً، ومساوئها تحديداً تجاه المرأة، البراءة عنوان هنا،
براءة من ثقل شعارات القضية النسائية العربية وليس من أشعارها، براءة من وطأة مغرياتها الجماهيرية في كشف عوالمها الداخلية بمعناها الأندرويري وليس من أعماقها السحيقة المتعايشة مع الحياة، والرجل كفعل طبيعي يقوم به إنسان طبيعي، براءة من الاستعراض الأنوثي ضرورة النجاح الأولى وليس من عرض الأنوثة بأصوات من قصب مثقوب، براءة من واقع المرأة المبهدل الدارج كتجارة ثقافية وليس من الحلم بعالم أكثر أناقة، براءة من لت المرأة وعجنها ودسائسها ومؤامراتها وباقي ملحقاتها الفولكلورية وليس من خصوصيتها وآرائها ووجهات نظرها، براءة من جدبة المرأة وحولة حسنها وليس من فكرها وفلسفتها،
فهو إذن ليس مهرجاناً تقليدياً يأتي فيه الشعراء العشوائيون نسبة إلى عشوائية انتقائهم للمشاركة كما درجت العادة ويقرؤون أشعارهم وعلى رسول الله السلام، لا.. هنا الأمر يختلف، فلكلّ دورة رسالتها على ما أعتقد، طالما أنَّ رسالة الدورة الأولى كانت واضحة، وهو هنا يفقد البراءة دفعة واحدة، فالملتقى في الحقيقة ليس بريئاً من قراءته من عدة وجوه، فتُمكن قراءته شعرياً، وتُمكن قراءته نقدياً، وتُمكن قراءته اجتماعياً، وتُمكن قراءته سياسياً إذا استوجب الأمر، لكن البراءة هنا تحمل معنى آخر للبراءة، إنها براءة الاختراع.

..

١٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

بونات عائلية


"وهي بونات توزع لكي يمضي المواطن وقتاً مع عائلته، قبل أن يشتكي فلاسفة المجتمع من تفكك المجتمع، هي بونات تقدمها الحكومة للآباء الذين يتناطحون مع الأقدار ليل نهار لتأمين ما يسد رمق الصغار، فيأكل الأولاد ويشربون، وإلى المدرسة يذهبون، وعلى مقاعد العلم يتعلمون، وإذا كان من حديقة بجانب البيت فإنهم فيها مع رفاقهم يلعبون، ويتشاجرون، ويتصالحون، وينجحون، ويرسبون، ولكلام الماما يسمعون، أو لا يسمعون، ويطنشون ويطيلسون ويهتمون وينفذون، ولكن شيئاً واحداً لا !!
يفعلونه هو أنهم بحضرة الوالد لا يلتقون، لذلك اخترع التقويم يوم الجمعة، واخترع الجمعة والسبت، وطبعاً السبت والأحد، ولا شك في أن الحلاقين وقّتوا عطلتهم يوم الإثنين، وذلك لأن عملهم يزدهر في عطلة نهاية الأسبوع، وكل هؤلاء يستغلون العطلة لمشاهدة العائلة والتمتع بشؤونها، أو حل أمورها العالقة، لكن حتى هذه العطلات لم تعد موجودة، فالمواطن تبعنا يحب العمل، وإذا ما كان في عمل بيخترع عمل، وإذا كان عاطل عن العمل بيطلع لبرّة وبيدوّر على عمل، أما الذي يعمل فالراتب لا يكفيه حتى العطلة الأولى من الأسبوع الأول من الشهر، فتراه في الصباح أستاذاً جامعياً يناقش الطلاب في أمور العلم بكامل مهابته ورقيه ومظهره، وبعد الظهر يركب بهالتكسي ويوصّل اللي بيسوى واللي ما بيسوى، وبيتحدث مع اللي بيسوى واللي ما بيسوى، أحاديث من تلك الأحاديث التي تذخر بها تكسياتنا، عن الغلاء، عن شرطة المرور، عن مجلس الشعب، عن مؤسسات الدولة، وبعد جس النبض بينه وبين الزبون يغمِّق صاحبنا بالحديث ويفش خلقه وخلق الزبون، ويعطيه الزبون أقل مما يجب لكنه يبلعها لأنه حكى.. وما كان لازم يحكي، واللي ما بتعرفه بتجهله، والناس مخباية بتيابها، وتيابها غالية وبدها هديك الحسبة، وتيابهم أغلى، وشناطيهم واقلامهم وصدرياتهم وإلخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ..خخخخخخخخخخخز.. غفوة ورا الدركسيون لعشر دقايق بعد صندويشتي الشاورما أفضل من الرجعة عالبيت والغدا والقيلولة، اقتصر يا زلمة، واختصر أوقات الراحة والأكل قد ما فيك لإعطاء العمل حقه من الوقت، كي يعطيك حقك من المصاري، أما بالنسبة للأولاد فيكفيك فخراً أنك تعود إلى البيت ليلاً فتجدهم نائمين، تربت على وجوههم اللطيفة وتنام وأنت تحلم بزمن يصبح فيه راتبك بدوام واحد قد راتب واحد بدوامين، بس .. مو أكتر من هيك أحلامك، مو مشان شي، لكن أنت مربي الأجيال لا تجد وقتاً تربي فيه أبناءك، لذلك ترى أن أولاد الأساتذة ليسوا بالضرورة نسخة عن أولاد الأساتذة ببلاد برة وبعيد، لا .. لا لمسات من الأستاذ على أولاده، لا تأثيرات، بل حتى أن اللمسة الليلية على وجوههم ليست لمسة أستاذ جامعة، إنها لمسة شوفير تكسي معتَّر أرهقته زواريب المدينة الفوضوية وأوتوستراداتها القاتلة، حتى أن صاحبي أبو علي ابتكر موعداً للقاء أولاده بنصاص الليالي موعد عودته، فهم ينامون في التاسعة مساء، ويستيقظون في الثانية بعد منتصف الليل ليلعبوا مع الوالد لساعتين وينام الجميع، طبعاً هذا الوقت يسرقه الوالد الحنون من نومه، فهل من بونات للجلوس مع العائلة قليلاً.. ولولساعتين كل يوم، لأننا إذا لم نفعل ذلك سنصل إلى اليوم الذي يمر فيه الأب في الشارع فلا يعرف ابنه، وأكثر من هيك تفكك ما في، وناولني هالمفك من عندك يا ابني، هيك بشوفك وبتشوفني"
..

١٤‏/١٠‏/٢٠٠٨

بعيداً بتبعد كل غليظ


"تعلن شركة بعيداً للاتصالات عن رمي أرقامها في الأسواق، ليتقاسمها من هبّ ودب، بعد أن امتلأت اللائحة الذهبية إلى آخرها، فلم يعد لدينا من تلك الأرقام الذهبية والبلاتينية والفضية والبرونزية أيّ رقم، فالرجاء من زبائننا الكرام عدم إرهاقنا بالطلبات، 'من وين بدنا نجيب لكم أرقام؟!! فتقاسموا الأرقام التنكية رجاءً وبدون نق وسق وحسد وضيقة عين وتطلعات إلى أرقام أحلى، وتأملات بأرقام أجمل، وأحلام بأرقام أزهزه، فهذا المواطن الذي يشتكي دائماً أن رقمه يشبه حالة شجار جماعية يؤرقني، لأنو كل رقم من ديرة حسب شكواه،

وحسب تفاسيره فإنَّ الأرقام إذا كانت كل واحدة من ديرة ستسبب شجاراً جماعياً لا محالة، لكنه على الأرجح شجار ودي يستعرض فيه كل رقم إمكانياته، وبعد ذلك يستوي كل في مكانه، ويلعب كل منهم دوره، لذلك احتفظ برقمك رجاء ولا تتأمل بوجود رقم واحد مكرر في نفس الخط من بين الخطوط التي تبقت لدينا، فلفها واندحر إلى موقعك الذي اختارته لك مشيئة الأرقام، وسيأتي يوم وتقرأ فيه قارئة أبراجي المفضلة نجلاء قباني الأرقام، فتقول لحامل الرقم الذهبي والبلاتيني صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة... أنو الصفر اللي على شمالك اعتبره إيمتى ما بدك عاليمين، لا تهتم، ولا تمش الحيط الحيط يا رب السترة مشانك.. لا.. مشان الحيط، وحط يديك ورجليك في مياه باردة وضع في بطنك خاروفاً سعيداً وبطيخة صيفية، وامض بأحلامك فأنت تستطيع شراءها امتلاكها سحبها من شعرها إلى عند قدميك، أنت لست بشراً عادياً، أنت شخص يذلُّ أحلامه، يركِّعها، يقلل من قيمتها، ويرفسها بحذائه اللامع، فامض خبباً على أنغام سعدون جابر خبب يمشي، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة عشرة عشرة عشرة تسعة.. فنيالك، السعد يتبع خطاك، السعد يتملقك، السعد ينافق لك، السعد وراك، أنت لست بشراً عادياً.. أنت جعلت السعد خلفك بينما مكانه دائماً في الأمام، السعد وراك سر، لكنك من النوع الذي لا يسير، فأوقفت السعد خلفك، يا لطيف شو أنك مو متل البشر، أما حامل الرقم صفر عشرة عشرة تسعة تسعة تسعة تسعة فلا يمكنني الجزم بسعادتك المطلقة لأن هناك بعض التطلعات لديك تنغص عليك عيشتك، منها طموحك باستبدال تسعة من هذه التسعات بعشرة لا غبار عليها، بل بغبار معليش، العشرة ما بتخبي حالها، ولا حلول لك سوى القناعة والغناء، فإذا أصبحت مطرباً فاعلم أن كل التلفزيونات ستتناقل أغانيك، لأنو طويل العمر رضيان عليك، وكلما رددوا رقمك أمامه شعر بصلة القرابة التي تربطه فيك، فاشتغل مطرب وخذ حسبك الله، منيحة.. لا تشكو من شيء، أما إذا كنت من حاملي الرقم صفر تسعة عشرة ثلاثة خمسة واحد تسعة ستة اثنين فالرحمة على والدينا ووالديك وبطريقنا عليك، وخود عليك، خلي الناس تمر، وما لك مكان بين الفرسان يا ولدي، والأرقام خلصت، وقدامك طريقين، وظيفتك الصبح، وشوفير تكسي بعد الضهر، وهنا أيضاً أمامك طريقين، أن تضع حزام الأمان وتسوق على مهلك، أو تتحدى وتمشي بلا حزام فتتوقف، وإذا ما توقفت بتفوت بالحيط.. وحتى الحيط رح يكون حيط النظارة، فلا تذهب بعيداً... استقرب.. وابق معنا. بعيدا بتبعد كل غليظ."
..

١٢‏/١٠‏/٢٠٠٨

كيف توزع جائزة نوبل ؟


"وعدناكم أن تبقوا معنا وها قد عدنا بعد فاصل إعلاني مثير من صنف الأبو علاك الذي يكون عادة عن العلكة نفسها، ونعود إلى المتن الأبو علاكي ونتابع توزيع جائزة نوبل من عندنا على من قرَّرنا وارتأينا فجأة على حين غرة، واستشرنا فنانين وأدباء وصحفيين وكلهم كانوا ماشاء الله متحدِّثين وفصيحين من النوع الذي لا يتحدَّث إلا بحضور مصحِّحه اللغوي، وبطريقنا أخذنا برأي المصحِّحين اللغويين،

وكلهم قالوا مبارك، وبعد ذلك حكوا الذي فيه النصيب، ومشيَ الحال على ما أعتقد مع أنَّ الحملة على الهواء مباشرة، لأننا يا حبيبي نسبق المستقبل وبنساويه بلحظة قبسة من قبسات الماضي، فلا تقل لي حكي فاضي، ولا تأتي لي بسيرة أبو علاك صاحبك الذي لا أعرف لماذا تعطيه القيمة وتجده يحلُّ ويربط إلى هذه الدرجة؟، لا يا معلم، نحنا أعطينا كلَّ ذي حق حقه، وأرضينا حالنا بحالنا ومنيّتهم على حالهم إن شاء لله هم والمليون دولار تبعُهم، وقريضةُ تقرضهم هم وجائزة نوبل التي يفاخرون بها.
طيِّب يا حبيبي يا أيها الوطنجي طالما أنك لا تعترف بهم ولا بجائزتهم.. فلماذا تأخذها منهم؟! اعمل جائزة باسمك.. باسم ابن خلدون.. باسم ابن رشد.. باسم حكيم المرزوقي. قبلانين.. لماذا تسميها باسم نوبل؟.. لماذااااا؟!!... دوَّختني بهذه العملة.. أنا لا أفهم عليك؟!!
ولن تفهم بحياتك.. يا كاره البلد والناس .. يا سارق البهجة..الناس عندنا لم تسمع بجائزة عليها القيمة من جوائزنا.. لذلك أخدنا نوبل بذاتها..طالما ببلاش وببلاش.. رايح ورايح..يعني إذا بدك تسرق اسرق جمل.. فهمتْ يا جمل؟!!!!
وأعدتُ ترتيب الجُمَل، وقلتُ إنَّ جائزة غونكور تسعيرتها 50 يورو لا أكثر ولا أقل، لكن ما يبيعه الكتاب الذي يحصل على غونكور يتم الحديث بشأنه بلغة الملايين، يورو.. مو تركي مركي بناني بحذف اللام من أوله دون سبب، بينما لم تفلح جائزة عربية من صنف الملايين التي هتكتَ عرض نوبل فيها بأن تفرض نفسها سوى على الشاشات، فمن شاعر المليون درهم، إلى أمير الشعراء القاعد بحضن طويل العمر وهو ينتف بأذن وروح قصير العمر من أمثالي وأمثال بني شعبي، إلى جائزة عويس التاسع عشر التي أضحت كمكافأة نهاية الخدمة التي تقدِّمها الشركات لموظفيها عندما يخرِّفون، إلى جائزة الرقة الدولية التي هي عبارة عن تنكة جبنة وقطرميز مخلل، إلى جائزة أفضل قصيد في مدح طويل العمر من أخمص أظفره الذي ينكشه الآن بنكاشة الغليون أو البايب لا ضيع لك يا حبيبي تعباً، كل جوائزنا يقدمها شخصٌ مطمطعزٌ على تخته، بينما يقدِّمون هم جوائزهم من وراء المكاتب والمكتبات والكتب والترجمات والتحاليل والنقاشات والخناقات والقتالات والثقة والحياد والموضوعية، فهل عرفت إلى ما تحتاج يا عزيزي كي توزع جائزة نوبل أو غونكور أو بوكر الذائعات الصيت، وهل عرفت لماذا هي ذائعة الصيت مع أنها لا تظهر في التلفزيونات التي أصبحت عبدة لجوائزكم وموائدكم وذوقكم الذي ما فيه جنسُ الذوق.
مع احترامي طبعاً لكل مبدعينا، لكن المسألة أولاً لكي نقدر أن نحكي بأمرها تتطلَّب قليلاً من الذوق. وابقوا معنا."

جائزة حكيم مرزوقي الدولية


"أقول أنني قررتُ أن أمنح جائزة.. أنا العبد الفقير الذي مثله بالفقر مثل تلفزيون الدنيا الذي أعطى جائزة نوبل إلى أحبابه الشعراء دون أن يدفع الفرنك السوري، هكذا وهيك!! يعني كمَثَلٍ فات ميشو الشام قوله قي برنامجه المههههههأضوم كتييييركح كح كح أحم أحم دستور يا جماعة ومن بعد إذنكم ولا تؤاخذونا فلقد قررنا وفي هذا الموعد من كل عام أوان الكرم يحتضِرُ أن نمنح جائزة حكيم مرزوقي وهو اسم نحن اخترعناه وليس أجنبياً استعرناه أو لطشناه، ولماذا سميناها باسم المرزوقي فهذا لأنه جامع .

المواصفات من مجاميعه، فهو تونسي_ فرنسي _سوري مشترك، محقق معادلة التراث والمعاصرة، فإذا دقيته بالتراث العربي سلخك محاضرة مطولة عن ابن صبنخلة وأبو الخشمعيد وأخو المحلوشة، وأخو المحلوشة هذا هو مزيج من الثقافة الفرنسية التي يقولون عنها ( الفرنكوفونية) والثقافة العربية التي يقول عنها المتفرنجون . ولقد قررنا أن نسلم كل عام جائزة حكيم مرزوقي إلى أسوأ كاتب هذا العام، وأردأ شاعر هذا العام، وأفكح صحفي هذا العام، وأحوَل مصور هذا العام، وأغلظ مذيع كوميدي هذا العام وكل عام بالإجماع مااااع ماااااع وهذا الأخير سيحمل حقيبة المرزوقي طيلة فترة تسلمه الجوائز من الفائزين وسيضحك على كل النكات تبع المرزوقي حتى لو ما فهمها, وسيقوم السيد حكيم مرزوقي بتسلّم الجوائز من الفائزين، فالكاتب السيئ ستكون جائزته قراءة مقالات حكيم مرزوقي في صفحة مقالات وآراء بالأبيض والأسود في جريدة 'بلدنا' وسيقوم بالتحليل البنّاء في حضرة المرزوقي على أنغام قنينة نبيذ يدفع ثمنها الكاتب الفائز طبعاً، ولا بأس بقليل من الفروماج الفرنسي والفروج السوري لتطرية الجلسة الأدبية، عسى ولعل يتعلم هذا الكاتب شيئاً فيكمل المشوار الأدبي، أو يعرف أن الله حق ويترك كار الكتابة المعتّ لناسه المعتّين، أما أسوأ مخرج مسرحي فستكون جائزته هي حضور مسرحيات المرزوقي كلها في أسبوع واحد سنسميه احتفالية حكيم مرزوقي أسوة باحتفالية أدونيس التي دقت فيها الطبول والمزامير لمدة أسبوع بلياليها لا أبالك يسأمِ حتى حفظ جميع المسحراتية اسم أدونيس، ومن السهل إقامة احتفالية حية ومباشرة لمسرحيات المرزوقي كونها كلها تتألف من بطل واحد أو بطلين.. باستثناء الأخيرة التي طبشها وجلب فيها ثلاث بطلات، وطبعاً عقودهن معه بالشيك المشقوق حصراً، الكل موقِّع على سواد، وسيجلس المخرج الفائز مع المرزوقي بعد كل عرض ويطنب ويسهب في مدحه نصاً وإخراجاً، ومن ثم يُخرجه على اعتباره مخرجاً إلى المطعم ليتحاورا على أنغام المُدام وطيب الكلام وبعيد عن البجم والعوام، أما أردأ شاعر فسيحفظ عشرة آلاف بيت للمرزوقي حتى لو ما عنده عشرة آلاف ويردد منها في كل أمسية كاستشهاد، ويضعها أمام كل قصيدة له منشورة كتصدير، لكي يبقى ضميره الشعري صاحياً ويفرِّق لحظات الحق بين الشعر والشعير، وسنركب جميعاً على البعير، وسنعود إلى بيوتنا مسرورين، بعد توصيل المرزوقي بالتكسي الأصفر حصراً، فمن برأيكم هم الفائز ون بجائزة حكيم مرزوقي هذا العام، يا عوام يا تمام يا أحلى ناس حتى لو لم تعلق على رقابهم الأجراس.
ملاحظة: على كل فائز من كافة القطاعات تذكير الأمانة العامة لدمشق عاصمة ثقافية الفائزة بجائزة لجنة التحكيم المرزوقية الخاصة بوجود كاتب ومخرج مسرحي سوري تونسي شغال على الوجهين دبل فاس اسمه حكيم مرزوقي في ربوعنا"
..

١٠‏/١٠‏/٢٠٠٨

مبروك.. صرنا نعطي نوبل


"بعد منح جائزة نوبل للآداب للكاتب الفرنسي لوكليزيو، وهو غير عربي ولا من أصول جزائرية أو مغاربية، ها هي قناة دنيا الفضائية تحتجُّ وتتساءل، لماذا ننتظر نوبل لتمنحنا الاعتراف؟، ثم تبادر القناة وتمنح جائزة نوبل الشعبية دون استفتاء أيِّ شعب في الموضوع لمحمود درويش وأدونيس، والغريب أنَّ قناة دنيا لم تستطع إيجاد تسمية أخرى للجائزة فتركت اسمها على حاله كي لا يلتبس الأمر على القراء، يعني أنو الجماعة طنشوا لجنة نوبل ولم يعترفوا باختيارها ووزَّعوا الجائزة العالمية على درويش
وأدونيس معاً، ومع أنَّ محمود درويش رحل عن دنيانا إلا أنَّ قناة دنيا لم تعترف بأمر الله حتى، وذلك لأنَّ نوبل لا تمنح إلا إلى الأحياء، أما في منحها للجائزة مناصفة مع أدونيس فذلك كي لا يزعل كونه مرشحاً أحياناً لها دون أن يفوز بها، وتأتي هذه الحملة الإعلامية المراهقة كنوع من الضحك على القراء والمتابعين ودغدغة عواطف شعبنا المسكين المشغول بالتفكير في أمور أخرى مثل إقناع الشوفيرية بتشغيل العداد وعدم خورفة الراكب، وإقناع الجار بأداء تحية الصباح لجاره دون وجل، وإقناع ست الحسن بالجلوس مع أولادها قليلاً عوضاً عن رميهم أمام التلفزيون لساعات وساعات، وإقناع سيد الرجّالة بتأمل نفسه على المرآة قبل أن يعتقد أنَّ كلَّ من قالت له مرحباً عشقانته وميتة بدباديبه، وغيرها من الأمور التافهة التي لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى الهمِّ والاهتمام بنوبل، لكن طالما أرادت القناة منح نوبل فلماذا لم تخترع جائزة خاصة بها؟، لماذا سرقت الجائزة من أصحابها ووزَّعتها على كيفها؟، لكن قائلاً سيقول أيضاً إنَّ اللجنة تسرَّعت في توزيعها للجائزة، فطالما أنها وزِّعت لدرويش وأدونيس لإرضاء العرب فإنَّ العرب لن يرضوا، لأنَّ السودانيين بدهم يزعلوا علشان ما أعطوها للطيب صالح، كما أنَّ المغاربة رح يزعلوا لأنهم ما أعطوها للطاهر بن جلون، والتوانسة رح يزعلوا مشان المسعدي، بينما سيطالب الليبيون بإعطائها إلى القذافي وإبراهيم الكوني، في حين سيوزِّعها المصريون على عشرة كتَّاب دفعة واحدة من مصر أم قناة الدنيا بالإضافة إلى ناديي الأهلي والزمالك الحردانين على طول، وسيزعل اليمنيون لأنَّ عبد العزيز المقالح لم يفز بها، كما أنَّ لبنان الشقيق سيزعل بكل طوائفه ويوزِّعها بالعدل على كاتب من كل طائفة، في حين سيتدمَّر العراقيون ويعقدون اجتماعاً لكل الأدباء، وسينتهي الاجتماع بتفجير القاعة ومقتل معظم المجتمعين، وستُعطى الجائزة للكاتب الذي بقي على قيد الحياة، ومن المؤكد أنَّ الأردنيين سيحتجُّون ويمنحونها لكاتب أردني تمَّ التأكد من أنه ليس فلسطيني الأصل، بينما سيطالب السوريون بمنحها لحنا مينة فتردُّ عليهم قناة الدنيا أنو عطيناها لأدونيس وهو سوري أيضاً، فيردُّ الشعب: فكّرناه لبناني لا تواخذونا، وسيزعل السعوديون لأنهم ما لهم بالطيب نصيب وسيمنحونها لمحمد عبده..وطاش ما طاش، ورح يزعل البحرينيون ويوزِّعوها على قاسم حداد من بحر وأمين صالح من البحر التاني، لذلك بلاها هالتوزيعة وخلينا على خيارات لجنة نوبل لأنو إرضاء العرب غاية لا تُدرَك. وللحديث بقية فابقوا معنا."

٠٩‏/١٠‏/٢٠٠٨

دون رياحٍ تهبُّ


"يمضي الأصدقاء
واحداً تلو الآخر
وفي أيام متقاربة
يأخذ منك الموت
قليلاً من الدموع..
..
قليلاً من الدموع والحسرات والأسى
يأخذ منكَ
إطراقة حزينة
مفتعلة أو أصيلة
يأخذ منكَ
حديثاً طويلاً من الذكريات
مع من مات
وكؤوساً مطروقة ببعضها البعض
يأخذ منك الموت
بعض الوقت
للحزن والبكاء والكلام
ويعطيك الإشارة
لوجود من مضى في حياتك ..
في يوم من الأيام.
**
معكِ كم أنا موحشٌ
وكم أنا موحش دونكِ
فليحبكِ الجميع إذن وخذيني وحدي، وافتحي الباب عليّ وحدي، فليحسدني رجالُ الأرض ويعجزوا عنكِ كي أقول:
ها هي المرأة تطلّ على خرابي
وتطلُّ علي الوحدة والعزلة والألم وحارسي والجدار والطواويس والسرير والكراسي وشجرتا النارنج والباب فأتكسَّر، ولكني وحدي، وحدي من يستحق الموت لأجلكِ، لأنني صاحب سوادكِ ووسادكِ، إذا قمتُ عنكِ غسلتُ عيني حتى البياض ووقعتُ فيكِ، في شركٍ تحته الدم والقلق، أنا دليل الرب إلى الضجر والوحشة أراقب جسدكِ..
أفوز باللذة وأموتُ غماً
أخافكِ، كما يخاف البشر من الخطيئةِ
معكِ كم أنا مريضٌ
وكم أنا ميت دونكِ
بحثتُ
ولم أجدكِ
من ذات الطرقات
مررتِ
وكانت آثار خطواتي
تتألم تحت قدميكِ
ليش لما بقعد مع غيرِك بصير بحكي شي بيضحّك وبسب ع ناس كتير وبحكي بالمسرح والشعر والسينما ، بس معك بحس أنو ما عم أقدر أحكي عن كل هـ الأشيا، بحسّ حالي قاعد مع حالي وساعتها إذا حكيت بحكي عن شي كئيب، وإذا ما حكيت بتقري على وجهي الحزن والكآبة، أنا هيك بكون مع حالي، وأنتِ ما بحسِّكْ غير حالي.
بتعرفي؟!.. وقت اللي بكون قاعد مع الناس وعم أضحك وأحكي و فجأة بتدخلي أنتِ.. بكتئب.. بحس أنو في حدا بيعرفني منيح.. بيعرف حقيقتي، مشان هيك بكتئب.. بخاف أطلع قدامه كذاب.
**
هبت رياحي
فأغتنمها الآخرون
وبقيتُ وحيداً
دون سقف
وسط الثلوج
دون رياح تهب..
**
في تلك الأروقة
دائماً
كان بيني وبينك نقطة بيضاء أيها الليل
تعال
دون مصابيحكَ
دون شموع
تعال أيها الليل
بكل سوادك
دون بصيص أمل
**
أردد مع يدكِ وهي ترتبُ الأقراط في الأذنين، مع يدكِ وهي تطلي الأظافر وتسرّح الشعر فأشهق من زينتكِ وهي تودي بي قرطاً قرطاً وخاتماً خاتماً إلى الوحشة، زينتكِ المتأنية وهي تفرط عند اللمسة الأولى والقبلة. هل كان علي دائماً أن أخرِّب زينتكِ هكذا؟!..
أحبك، أقع فيك ولا أخرج إلا بمعصية وبعض أيد تجرني، قلت دائماً نتبادل الأوراق وأكثرنا يباساً يحترق، أحبك"

الهوب هوب الجوي


"تعلن شركة الطيران الخاصة هوب هوب السما عن خدماتها التالية:
1ـ خدمة كسر السّفرة: وتتضمن الجلوس في المطار بانتظار الطائرة المتأخرة عن موعدها لمدة 12 ساعة بالتمام والكمال، يتمتع فيها المسافر بالمناظر الخلابة من المغادرين والقادمين، وهي فرصة للاحتكاك بالمواطنين والسياح والمغتربين، كما أنها الفرصة الكبرى لمشاهدة بعض المواطنين الذين وصلت معهم إلى أنوفهم فتتمتع عزيزي المسافر بمشهد مغادرتهم حسب بطاقتهم التي من نوع one way ticket أو الروحة بلا رجعة،

ولكن هذا لا يعني غياب المرح، فيمكنك أيضاً مشاهدة العائدين وعلى وجوههم صدمة الحضارة وكذلك مشاهدة السواح وهم يتأملون صالة المطار ويقولون: (واوووو).. أو هم يغادرون قائلين: (تشاوووو)، ويمكنك عزيزي المهاجر أو المسافر أو المغادر أو الحاجّ أو الهاجّ أو الطافش أو نسرين أو ياسمين أو ليلى أو جاسم أن تتمتع بالجلوس بالكافتيريا تبع المطار كي تراقب الأجواء من موقع عاجي، فإننا نمنحك خدمة الانتظار البنَّاء، لأنك وبعد كل هذه الشوفات ستراجع نفسك، وتفكر هل أن هذه السفرة ضرورية لك، فإذا لم تجد جدوى منها وتكتشف أنك كنت متسرعاً وستمضي وتعود تيتي تيتي متل ما رحتِ جيتي فلا داعي لكل هذه المصاريف ولكل هذه الروحة من أساسها، وهذه الخدمة نسميها بمصطلحاتنا الجوية (كسر سَفرة).
2 ـ خدمة العودة المباغتة: وتتضمن هذه الخدمة مباغتة الحبايب بالعودة إلى المنزل بعد 13 ساعة بشكل غير متوقع، وستشاهد بعينيك صدق دموع الحبايب من كذبها، وسترى بعينيك أمك وهي تتعشى ع الـ24 بعد أن اعتقدت من شدة ما انهالت دموعها أنها لن تضع اللقمة في فمها إلا بعد أربعين يوماً من غيابك، وهذا ما كان يقلقك ويوترك، مما سيجعلك تسافر في اليوم التالي وأنت مرتاح نفسياً من ناحية أمك يا عين أمك، بالإضافة إلى أنك ستشاهد أشقاءك وهم يلعبون الطرنيب وكأنك لم تفارقهم اليوم، وهذا سيريحك في المهجر ويجعلك تتخذ قرار عدم إرسال الحوالات المادية لهم بقلب بارد.
3 ـ خدمة الطلاق السريع: وتتضمن تزويدك برقم ترسل له حال وصولك إلى المنزل رسالة (بدي طلِّق) فسينزرع عندك ولو بنصاص الليالي كاتب العدل وأنت تمسك زوجتك بالجرم المشهود وهي.. تضرب الأولاد!!..
4 ـ خدمة السفر من جديد: وتتضمن عودتك إلى المطار في اليوم التالي في موعد جديد ونهار جديد وأمل جديد.
5 ـ خدمة تعلُّم الصبر: وهي خدمة تعلمكَ الصبر والانتظار لـ12 ساعة أخرى، يتمّ بعد ذلك نقلك مع باقي المسافرين على متن باصاتنا إلى فندق سبعاوي النجوم قريب من المطار للإقامة والسباحة والنوم لليلة واحدة مجاناً على حسابنا طبعاً.
6 ـ خدمة الشوق للسفر: ونقدمها لك أثناء نقلك من الفندق إلى المطار في موعد جديد آخر.
7 ـ خدمة الجلوس على المقعد: وهي أفضل خدماتنا، وبالتالي فقد تركناها للأخير، وستجد كم هو ممتع ولذيذ الجلوس على مقعد الطائرة بعد أن فقدت هذا الشعور على متن طائرات الشركات الأخرى.
8 ـ ملاحظة: عندما نقول طائراتنا، فإننا نقصد طائرة واحدة فقط لا غير يتكون منها أسطولنا الجوي، ولكنها تفعل فعل 100 طائرة.
9 ـ خدمة الهوب هوب السماوي: وهي خدمة تتفرد بها طائراتنا.. يعني طائرتنا.. فهي تغير مسارها وتتوقف في الجو إذا وصلتها رسالة مكتوب فيها (هوب هوب)، فتترك الطائرة كل مواعيدها وتأتي لخدمتك وتوصيل مجموعتك إلى المكان الذي تريد. وبسبب هذه الخدمة، اخترعنا باقي الخدمات أعلاه، وهوب هوب.. وجهك لقدام.. ورافقتكم السلامة.. ومحروسة.. وعين الحسود فيها عود.. هوب هوب الله معك."

٠٧‏/١٠‏/٢٠٠٨

عواطف إلكترونية


"لم يساهم الأنترنت برأيي 'المفشكل' الذي لا سند له ولا إثبات بانفتاح المجتمع العربي على بعضه البعض، بل العكس هو الصحيح، وأقول بل وأنا واعٍ للرأي الآخر الذي سيقول لي أن أسكت وأبلع رأيي وأقعد قدام الكمبيوتر ليلاً نهاراً لأمارس حياتي الإفتراضية التي ارتأى معظم الشباب العربي أنها حالة تطور وتقلط، فترى الولد جالساً أمام اللاب توب من الصبح يعني الساعة 'تلاتة الضهر' عنده إلى نصاص الليالي يعني 'سبعة الصبح' عنده وهو يتحدث مع صديقه الذي لا يعرفه، فيقول لي الرأي الآخر أنه

يتعرف عليه، وممكن يسأله وياخذ الجواب منه، فأقول أن معرفة الإنسان تكون بما تعرفه أنت بنفسك عنه، وليست بما يحب هو أن تعرف، يعني ممكن يقول عن نفسه أنه شخص مهم، وأنت عليك أن تقبل، وممكن يقلك أنه طيب، وأنت عليك أن تقبل، وممكن يقدم نفسه على أساس أنه بنت، ويضع لك صورة له خارقة الجمال كأنثى، ثم يأتي ويسألك، وأنت تحب أن يسألك أحد، ولمَ لا، فبالأجوبة ستحقق أحلامك بنفسك، وتخترع لنفسك ما لم تستطع أن تفعل 10 %منه في حياتك الواقعية من اللحظة التي توقظك فيها أمك كي تتناول طعام الغداء على الأقل مع العائلة، لكنك تفضل النوم وتستيقظ وأبوك في سابع قيلولة وبجانبه أمك، وأخواتك أحدهم يكتب وظايفه والباقي يلعب، وأنت مع قهوتك الصباحية امام الكمبيوتر تسعى، تفتح الماسنجر، وتدخل في أحاديث مع ناس في كندا وآخرين في الهند، تجتاز السهول والوديان، وتعبر السبع بحور، وتخترق الأجواء، وتصل إلى ما لن يصل إليه أخوك الصغير الذي يلعب بالطابة مع رفقاته ويتخانق مع الجار الشرير بسبب انشعار بللور سيارته مجرد شعر، بينما أنت تكتب الشعر، تكتب تغزلاً بعينيها اللتين اتفقتما أنت ومحدثك أو محدثتك على لونهما، فلقد أجبتها أنك تحب العيون السود، والشعر الغجري المسدول يسافر في كل الدنيا، والشفاه القانية المبتسمة عن معرفة، والقوام الممشوق اللي من نوع النخلة، ويا لهول المفاجأة، أرسلت لك صورتها فإذا بها كما تريد، وكما تحب، وكما تشاء، فتتابع إقتحام أدغالها الإلكترونية إلى ما لا نهاية، ولا تراها ولا تراك إلا في الأحلام النهارية، لأنك صرتَ كائناً ليلياً بامتياز، منعزلاً عن شمس النهار، عن النعمة الإلهية، عن الناس، وأنت تعرف أن في الناس المسرة، وتسأل فيأتيك الجواب، وتُسأل فترد بالجواب، لكن كيف يمكن لك أن تجيب بصدق على سؤال من شخص لا تعرفه، كيف يمكنك أن تبوح بآلامك لشخص لم تحدق في عيونه، كيف تحكي حقيقة أعماقك لشخص لا تعرف كيف يرتشف قهوته، كيف ينهض، كيف يجلس، كيف يتعامل مع الآخرين، كيف يبتسم وكيف يعبس؟!!!
إذاً ستكذب، أنت حر الآن فلا أحد يعرفك كي ينهرك بنظرة أو باحتجاج إذا ما كذبت، وستصبح كائناً افتراضياً شكَّلتَه من أحلامك العاجزة عن التحقق، واكتفيت من الحياة باللاب توب، وإنَّا لله وإنَّا إليه لراجعون."

٠٦‏/١٠‏/٢٠٠٨

شوط يا قمر


"ربما لا تعني لك الكثير وأنت تشاهدها، ربما تكون مكتفياً من الابتسامات بعد تعرضكَ اليومي للعشرات الكاذبات منها، ربما نسيت أن تتمتع بالابتسامة الصادقة، بل وأن ترضي حاجتك منها، فأنت لا تستطيع أن تكتفي ذاتياً وتقف أمام المرآة وتبتسم تلك الابتسامة الغبية لنفسك فتتحول من نرسيس يتأمل نفسه في المرآة بإعجاب إلى نرسيس معاكس يجعل من شبيهه في المرآة ينظر إليه بإعجاب، لا .. لا يمكنكَ أن تبتسم لنفسك، كما لا يمكنك أن تنظر إلى نفسك نظرات الإعجاب، بالمنطق وباللا !!
منطق أنت ستكون مضحكاً، مضحكاً من النوع الشرشوح المسكين الذي يحاول في كل جلسة أن ينقل رسالة شخصه الكريم من المرآة إلى الآخرين الذين لم يكونوا معه في تلك اللحظة الفريدة، فيقول إن أحدهم قال عنه بأنه عظيم، هذا الأحدهم هو شخصه في المرآة بذاته، لكنه لا يحب أن يذكر الناس بالأسماء، وأن أحدهم آخر قال بأنه رائع.. وآخر يعني هو نفسه لكن في وقفة العصر بعد العودة إلى البيت من العمل الله يجعله عمل فعلاً، وأحدهم آخروهو تبع وقفة المغرب بعد الفيقة من القيلولة المقدسة، وهذا بيجي صوته رخيم وألُه روزة وهو يقول له بيقينية تامة بأنه موهوب، روح.. أنت موهوب وحليوة ومعلم ومافي منك ..وشوط يا قمر.. شوط.. فكل تسديداتك أهداف وعوارض وقوائم، شوط يا قمر.. فكلك خطر، وكلك فهم، وكلك نظر، شوط يا قمر.. وإذا حدا ضايقك اعمل فاول لأنو ما حدا بيصفّر لك لا شرطي مرور ولا حكَم، شوط يا قمر ولا مانع أنك تبعت حدا يطلِّع الحارس من المرمى ويكرسح المدافعين عن الحمى ليخلو لك الجو وتسجل الهدف، شوط يا قمر.. فالمرمى أمامك مفتوح.. المدافعين بالمشفى، والحارس بالنظارة، والمهاجمين عم يتشمسوا بأفياء منطقتك اللي ما فيها عجقة، شوط يا قمر.. ما في حدا.. وفعلاً ما في حدا لأنو القمر طلع مو حدا وشاط لبرَّا، كده برضه يا قمر؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ألم أقل لك أنو ما بيمشي الحال تحت ظلال نظريات الاكتفاء الذاتي؟!! عليك أن تبحث عن تلك الابتسامات الصادقة التي تعطيك قوى خفية لن تدرك قيمتها إلا عندما تكتشف فجأة وفي لحظة ملهمة أنك فقدتها من حياتك، حتى أنك لم تعد تكلف نفسك الرد على الابتسامات الكاذبة إلا ابتسامة كاذبة موحدة مفتعلة بوضوح لشدة تكرارها على وجهك المحايد، فترى عيونك في مكان، وحواجبك في زمان، وخدودك في خبر كان، بينما يعلو محياك الابتسام، لقد فقدت حاسة تصدير الابتسامة الصادقة وفقدت أيضاً حاسة استيرادها، لم تعد تعطيها لأحد، ولم يعد يعطيك إياها أحد، أصبحتَ مزيفاً مع أمك وأختك وأخيك.. أصبحت مسلفَناً أمام أصدقائك، وأضحيتَ ملمَّعاً أمام نفسك، أما الأعظم وأدق رقبة فهو أنك أصبحت تجامل حتى نفسَكْ. ما بعرف شو بدي قلك... أمرنا لألله .. شوط يا قمر"

آنستي فاديا


"كنا في الصف الثامن في مدرسة اسمها القنيطرة وبجانبها مدرسة ابتدائية، اسمها جبل الشيخ، بينما كانت الأحداث تجري في حلب، والحدث كان أن امرأة جميلة دخلت إلى مدرستنا، بل كانت فائقة الجمال، بشعر مسبل أشقر، وعيون بين الزرقة والخضرة، وابتسامة عميقة خلفها ما خلفها من حيثيات لا نعرفها، ودخلت إلى صفنا، ثم قالت لنا إنها آنسة الفرنسي تبعنا،

وبُهتنا.. ثم دُهشنا..ثم انفلجنا..ثم شعرنا بما يسمونه بالحبور.. عرفناه.. تعرفنا عليه هو وشقيقه الكبير سرور وشقيقته الصغرى فرح،
وكان اسمها فاديا ملحيس. كانت آنستنا هذه أول امرأة تدخل إلى مدرستنا الإعدادية باستثناء أمهاتنا اللواتي كن يدخلن بصفتهن أولياء أمورنا مسلحات بشحاطات سريعة الشلح واللطش على ظهورنا وأقفيتنا حال تلاوة الموجِّه لتقريره الموجَّه ضدنا، فالولد عم يتأخر على الدروس، وهذه عيارها كف عالماشي على الخلقة بشكل مفاجئ، والولد عم يقلل أدب مع أساتذته، وهذه عيارها طيارة مع شدة أذن قوية يتدخل على أثرها الأستاذ ويفك الطفل الجاني ولكنه الآن بين براثن والدته مجني عليه،
أما لمّا الولد عم يهرب من المدرسة وعم يشرب سيكارات فهذه تستدعي استخدام السلاح الأبيض وأداة التعذيب الأولى الشحاطة، ونولول تحت الضربات المهينة التي نتلقاها والقتلة التي نأكلها مع مازواتها من وحول عالقة في قفا شحاطة الوالدة يحفظها ويديمها على راس كل مرضي وكل مغضوب.
المهم مالكم بالطويلة هيك كان الوضع بالمدرسة الثانوية تبعنا، ومع أن كل الطلاب كانوا مؤدبين، فإن هذا لم يكن يمنعهم من الوقوف أمام باب المدرسة لوداع الآنسة فاديا وهي تمضي تماماً كما كانوا يستقبلونها عند مجيئها أمام نفس الباب،
وكنا نؤلف حلقة حولها من طلابها التوامن كي نمنع أياً كان من الاقتراب منها، لكنهم لم يكونوا ليزعجوها، وإنما كنا نفعل ذلك لنتباهى بأننا حراسها الشخصيون، ما كانت كلمة بادي غارد معروفة وقتها، وكنا نتشاجر مع كل من تسول له نفسه أن يتفوه بتعليق متهكم أو سخيف في اعتباراتنا، وكان الشجار ينتهي بهزيمتنا الفادحة كون العدو بكالوريا بينما نحن شقفة توامن، ولكن كرامتنا كانت تشدنا إلى القتال، على الرغم من أننا بالنتيجة المخزية عارفين،
وكنا نجلس مقابل الآنسة فاديا في الصف فخورين، وكانت تقول لي نقمان.. أنت نقمان.. نقمة على المجتمع.. وتضحك ويضحك الطلاب ثم ينادونني في الفرصة بنقمان ومنهم من كان يقول لي سقمان بسبب سقمي.. فكنتُ أقول : صحتي هي العجَبُ. وبصدفة عجائبية لمحتُ معلمتي،
هرعتُ إليها بفرح وحبور وسرور ولكنها لم تتذكرني، قلتُ لها اسمي وأنني كنتُ طالبها في الصف الثامن في مدرسة القنيطرة، فتذكرت المدرسة ولم تتذكرني، قلتُ لها أنو أنا نقمة.. نقمان.. ضحكت .. ولم تتذكرني..
عدتُ أدراجي خائباً، يا إلهي .. لم أكن مميزاً وقتها إذن.. فهي لم تتذكرني..
غير أن صرخة منها باسمي استوقفتني.. بس انا بعرفك هلأ.. بقرالك بالجريدة.. كل يوم..وبعرف أنك رح تكتب عني.. لأنك إذا تفركشت بالشارع بتكتب عن فركشتك، وإذا انكسر معك كاسة وأنت وعم تشرب بتعمل منها قضية،
بس أوعك تقول أديش عمري.. أوعك..
وتعانقنا وتعاهدنا على عدم ذكر عمرها لأنها غالية علي وسعرها بسعر أمي ."

٠٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

خدمة الأمل


"تصادف في حياتك في الكثير من الأحيان واحداً من هؤلاء الذين يدقون على صدورهم ويمسكون بشواربهم أنو شغلتك عندهم، فتضع يديك ورجليك في مياه باردة طالما أن العينتين وضع يده على شواربه، وتمضي الأيام ثقيلة عليك وأنت تنتظر نتيجة جهود صاحبك، ولكن لا مجيب، الزلمة غط وسكَّر موبايله ومعاملتك اللي كان بده يمشّي لك اياها مازالت مكانها راوح،

وتراوح بينك وبين نفسك بين الانتظار قليلاً ريثما يذوب الثلج وبين أن تقطع الأمل وتباشر بنفسك في كيّ جرحك وملاحقة شغلك، وتضيع الأوقات، وتختلط ببعضها الأزمان والمشاعر، فلا تعود تعرف هل تكره هذا الشخص أم تحبه، هل تغضب منه أم ترضى عليه، وكيف لا تختلط مشاعرك هكذا وقد منحك هذا الشخص في لحظة من اللحظات الأمل؟!!.. ولم يكن ليمنحك هذا الأمل لولا أنه كان ينظر إليك بعينين صادقتين واثقتين مصممتين على مساعدتك، لولا أنه خبط بكامل كفه على صدره فسعل هديك السعلة العجيبة لدقيقة ثم قال أنو ولا يهمك عندي، فتقول في نفسك من جديد إنَّ الأمل الذي أنت في رحابه الآن لا بدَّ وأن يكون صادقاً، وإنَّ الوعد لا بدَّ أن يكون قادماً، ولكن نقزة ما في صدرك تقول لك لكن أين الرجل، ليش موبايله مسكَّر، ليكون مسافر ونسي موضوعي، ليكون قصداً مسكِّر موبايله مشان يتهرب مني، لكن ليش بده يعمل هيك، ما لو مضطر!! وتعود وتقول في نفسك بذكاء شديد إنَّ الرجل يعاني الآن في سبيل معاملتك، ولا يريد أن تشوش التليفونات على انغماسه في قضيتك، وأنو بالتالي كتَّر خيره، وبالتالي ألله يعلِّي من مقداره وشانه ومرتبته ليدوم ذخراً للوطن والمواطن اللي هو أنت الآن، وتنام وأنت تحلم بالنتيجة السعيدة، وتستيقظ من أربعتك بواسطة خدمة الكابوس المنبهة لك بأن معاملتك في خطر، وقضيتك راحت بشربة مي، وضاعت بين أدراج الدوائر وخزائنها، وتخرج راكضاً للبحث عن هذا الدقّيق والمسّيك في المقاهي .. وتنتظر قدومه ربما.. تشرب شاياً هنا وقهوة هناك، وتخرج بعدها إلى المطاعم، تلقي نظرة هنا، وتأكل لقمة هناك، وتخرج نعساناً من بعد وجبة الغداء لكنك تلغي قيلولتك وتقاوم استرخاءك وتمضي إلى البارات وتبحث، تأخذ لك شفة من هنا، وجرعة من هناك، وتخرج مترنحاً وأنت تبحث بعينيك عسى ولعل تلقطه في شارع ما خارجاً من سهرة ما، وتطلبه على الموبايل، لكنه مازال خارج التغطية، ولكنك لا تفقد الأمل بعد أن سكّرت كل البوبات والمطاعم فتأخذ وجهك إلى الملهى وتتفرج على الاستعراض الأوروبي الشرقي، وتؤنغج فتاة أجنبية وتقول لها بالإنكليزية المفشكلة : آي سيرش ماي فريند.. آيام نت زبوناً هنا كباقي الزبونات.. آيام حباب وما لي تبع هيك شغلات. فتفهم عليك وتبتسم وبعد ذلك تتخورف بالمبلغ المعهود وفوقه سكّرة منك، وتعود إلى البيت مزهزهاً وتضحك.. نعم تضحك.. فلقد عرفت المسألة أخيراً.. وأنَّ صاحبك درويش معتر.. لا بيحل ولا بيربط بدائرته.. وأنو كلمته مو مسموعة بنوب.. هذا إذا كان ألو كلمة.. وأنو الزلمة على باب ألله.. وأنو مشكلته أنو حباب وطيب وبيحب يقدّم الخدمات المجانية اللي هي عبارة عن خدمة الدق على الصدر، وخدمة مسك الشوارب، اللي بيندرجوا تحت خدمة الأمل الأسبوعي التي هي أضعف الإيمان من موظف تعبان يقدمها إلى مواطن غلبان."

٠٣‏/١٠‏/٢٠٠٨

وحيداً في المنزل


"يحدث أن يأتي العيد وأنت تنتظر الحرية، تنتظر أن يمضي أهلك إلى مسقط الرأس، إلى البلدة البعيدة، فتقول في نفسك إنك ستتذرع وتتحجج كي تبقى في المنزل وحيداً، لا .. لن تذهب معهم ولو على جثتك، وتصر على المكوث في المنزل وحيداً، وبالطبع ستقول بأنك ستستغل فترة العيد كي تدرس، وسيكون جيداً جداً أن لا ضجة
في المنزل، ولا أصوات، ولا إخوة ولا أخوات، ولا أم ولا أب، لكن أمك لن تقتنع، وستصر على ذهابك معهم ولو على جثتها أيضاً، وستتكرر كلمة الجثة كثيراً عند طرحك لموضوع بقائك وحيداً في المنزل، وسيحاول والدك أن يقنعك بالذهاب إلى البلدة والدراسة هناك، لكنك ستجعر بعدة براهين وإثباتات على أن الدراسة في البلدة غير ممكنة، لأنو ابن خالتك لن يتركك وشأنكن كما أن ابن عمك العاطل عن العمل سيدبقك، بالإضافة إلى شلة الطرنيب والتريكس من أقاربك التي ستسهرك حتى الصباح على أكل الختيار، وبلع الأربع بنات، وطرنب بالغش، وغمز شريكه، فتلين والدتك قليلاً، وتفكر أن الولد معه حق والله ولكنها لن تستسلم، وستغريك بالبلدة عندما تذكر بنات خالك الجميلات، وبنت عمك الأمورة، فيبتسم الوالد وهو يراك تفكر في هذه اللحظات، ويحس الجميع أنك ذاهب معهم لا محالة، خاصة عندما يلمحون لمعان المعاني في عيونك، لكنك ستتذكر أن بنات الخال وبنت العم ما لهم بسيرة الحب إلا في حال انتهائه بالزواج، وأنت فين والزواج فين، لساتك شلوف منتوف مالك حيلة ولا فتيلة بأمور الاستقرار إلا لبعد عشر سنوات تكون قد تخرجت فيها من الجامعة وخدمت العسكرية واشتغلت شي خمس سنين ويفضل أن تكون هذه الخمس سنين الأخيرة في الخليج حيث الدراهم والريالات والدنانير، وتصرخ فجأة أنك ستبقى ستبقى ستبقى وستدرس وتدرس وتدرس، ويوافقون على بقائك بعد أن تقرر أمك أن تترك لك كل الجلي كي تتسلى به في أوقات فراغك، ويترك لك الإخوة كل الغرف بفوضاها كي تتسلى بترتيبها في العيد، ويوصيك الوالد بأن لا تدخل أحداً إلى البيت وخاصة رفاق السوء، وتنبهك الوالدة بأنك مراقب من قبل الجيران ويا ويلك إذا ما أدخلت البنات الفلتانات إلى البيت، وتحلف وتقسم وتؤكد وتوقِّع على الوثيقة، وتنفرد بالبيت، تتصل بأصدقائك كي يزوروك لكن لا أحد، الكل مضى إلى البلدة، والذي لم يمض مو فاضي لأنو عم يزور الأقارب، تتصل بصديقاتك كي تأتي شي وحدة منهن وتدرس معك، لكن ولا وحدة وافقت، لأنهن ذكيات ويعرفن أنو أهلك مسافرين، تنزل إلى الشارع عسى ولعل تصادف شي حدا لكن لا أحد سوى الأولاد وهم يلعبون على المراجيح ويطلقون النار على بعضهم البعض من المسدسات، تدخل إلى مركز المدينة فتجده خاوياً خالياً إلا من المراهقين من جماعة سينما العيد، تجلس في المنزل، تتسلى بترتيب الغرف كلها، تتسلى بالجليات، ثم تشطف المنزل كتبرع منك، تتفرج على التلفزيون فتمل، لأنو كل المسلسلات خلصت، تحاول النوم فلا يأتيك النوم، تمضي في الصباح الماكر إلى الكراج وتصعد في الباص الحبيب، وبوجهك إلى البلدة، إلى بنات الخال والخالات والأعمام، وإلى التريكس والطرنيب والمتة، ويفرح بك الأقرباء بعد أن زعلوا لأنك بقيت في المدينة، وينظر إليك الوالد متهكماً، والإخوة والأخوات شامتين شامتات، وتنظر أمك إليك بحنان."

الموبايل من جديد


"لاشكَّ في أنَّ مشاكل الموبايل السوري أضحت شهيرة أكثر من شهيرة زوجة محمود ياسين أيام زمان عندما كانت الشامة اللي على خدها نقطة علام، وكان أن أخبرني صديقي علام المقيم في الإمارات والحائز على خط سوري لاحق الدفع أنه يدفع فواتيره بانتظام، كما أنه يواظب على دفع الاشتراك الشهري حتى لو كان خارج القطر، ولكنه في الآونة الأخيرة بدأ يلمس أنَّ هناك اشتراكاً جديداً يدفعه كلما تمتَّع بخدمة الحكي على الموبايل لأكثر من اللزوم، مع أنه ليس مثلي من المتأخرين على دفع الفواتير، وليس هارباً من الدفع ومتنصِّلاً كما تدلُّ فواتيره الكبيرة التي دفعها طيلة سبع سنوات من شرائه لهذا الخط اللاحق الدفع، فقلنا له يا عزيزي أنت مغترب ولا تعرف بأحوالنا خيراً من شركة الموبايل، فلقد مرَّ على راس هذه الشركة زبونات اللهم عافينا، شي بيحكي وبيحكي لتصير فاتورته خمسة عشر ألفاً، وبعدين بيطيلس عالدفع، وبيروح بيشتري خط مسبق الدفع، وكفى المؤمنين شر القتال، وشي بيتأخر شهرين ليدفع، وشي بيحكي عالرايحة والجاية على الموبايل مع أنو التليفون الأرضي بجنبه، وما بدها غير شوية لحلحة ورفع للسماعة لا أكثر ولا أقل، ولكي يتعلَّم أبناء الشعب آداب التعامل مع الموبايل، فقد اخترعت الشركة فكرة الدفع المسبق للموبايل اللاحق الدفع!!.. طيب يا أخي رح تجنِّني، شلون لاحق الدفع وشلون لازم ندفع قبل بشكل مسبق؟!!.. كيف.. عندك حلول لغوية لهذا التوصيف ولهذا التطبيق؟!! تصوَّر جيت بدي أحكي بالموبايل قام لقيته ما بيحكي.. مانعينه من الاتصال.. اتصلنا بالشركة لأنو مسموح الاتصال فيها فقط، قالوا لي لازم تدفع سلفة سبعة آلاف ليرة مشان تقدر تحكي، قلت لهم يا أخي بس أنا من أسبوع دفعت فاتورتي، وكل شهر بدفع على آخر مليم، وملتزم مئة في المئة بقوانين الشركة، وخاصة دفع الاشتراك الشهري الخاص بالخطوط اللاحقة الدفع، وطالما اسمه لاحق دفع، فإنَّ طلب السلفة بعد أسبوع من دفع الفاتورة كل شهر مجنِّني، لأ والأنكى من ذلك أنَّ طلب السلفة هذا يشعرني بأنَّ الشركة لا تثق فيَّ، وأنها تعتبرني هارباً لا محالة من دفع الفاتورة بعد طق الحنك مع الأحباب والأصحاب، فهل من جواب؟!!
قلتُ يمكن الجماعة بدهم يخلوك تفكر قبل ما تحكي، لأنو الحكي على الموبايل خراب ديار بخراب ديار، بعدين إذا دفعت السلفة بتخف عليك الفاتورة آخر الشهر، يعني الجماعة عم يقسطوا لك المبلغ تقسيط بدون ما تدرى، لكن صاحبي قال أنو هو بزنس مان، وأنو المصاري اللي بجيبته خير من عشرة في شركة الموبايل، وأنَّ الخط لاحق الدفع وله بهذا الخصوص رسم اشتراك، فإذا أرادوا أن يطالبوا المواطن بسلفة مسبقة الدفع فعليهم إلغاء الخطوط اللاحقة الدفع وجعل كل الخطوط مسبقة الدفع، فإذا دفعنا كاش ستخف مكالماتنا، بينما بالدين فهات رطلين، ويا هلا.. وأهلين!!"

٠١‏/١٠‏/٢٠٠٨

عيد سعيد


"فإذا جاء نصيبه للطفل الذكر عندنا يوم بيوم من أيام العيد فإن اسمه سيكون( عيد) بإذن الله، هكذا درجت عندنا العادة، وهذا ما يفسر وجود أسماء مناسباتية لدينا مثل شعبان ورمضان ورجب .. لكن ما حدا سمّى ابنه شوَّال.. نعم يا حبيبي في حدا سمّى شوال،.... مين ؟! .. شوال شو بيعني لك؟!.. شوال يعني العيد،..هاه وهي أنت قلتها بعضمة لسانك يا ذكي.. ولذلك فهناك اسم شوال.. لكن بفورم تاني.. بشكل تاني.. عيد.. يعني شوال بالتأكيد وأشهر تانية في معتقدات تانية وأعياد تانية، وعلى !!.
اعتبار أن اسمه عيد فإن اسمه الدلع بالتأكيد سيكون عيدو، مستحيل حدا يدلعه ويقل له دادي.. اللي بيقولوا دادي أصلاً ما بيسموا ابنهم عيد، بيسموه فيت، لذلك بيدلعوه وبيقولوا له بون فيت، ومنهم بيقولوا له فيتو، وهدول غير جماعة حق الفيتو اللي كلما أجت العالم لتعمل شغلة منيحة أو مو منيحة بيطلعوا لهم سنجق عرض، لكن يمكن أن يكون عيدو هذا ليس من جماعة عيد الفطر السعيد آل الشوَّالي، لأنو جماعة العيد الشوالي بيجوا بالعادة عالدنيا نحاف وممصوصين، وذلك لأنهم كانوا صايمين ببطن أمهم آخر شهر من قعدتهم المرتاحة في نعيم الرحم، وما كانوا يدوقوا نقطة المي وقطرة القمردين ولكة الزعتر ولقمة المحشي وقطعة البرغر ولحسة الآيس كريم ولهطة الدوندرمة قبل ما يضرب الطوب ويطلع أذان المغرب مرت لمة خيالة، وهناك عيد يشبه أطفاله أطفال عيد آل الشوالي، وهم أطفال عيد الفصح(العيد الكبير)، وذلك لأنهم يصومون لمدة خمسين يوماً عن الزفر، يعني بيجي الواحد مهم عضم بدون لحم، لأنو الأخ كان قاعد خمسين يوم على جنب واحد بدون لحمة، لكن جماعة عيد الأضحى بيجوا مزهزهين شوي، مو مشان الخواريف، لا.. بس وضعهم النفسي بيكون بانتظار الفرح، انو يمكن في واحد بده يجي من الحج والكل ناطرينه، ربما البعض ينتظرون خبراً مفرحاً في حصول ابن لهم على وظيفة، ربما البعض منهم بانتظار أن تقول له حبيبة قلبه رداً على كلمة قالها لها مليون مرة'وأنا كمان'بخجل شديد يليق بصمتها المديد، وربما يكون البعض بانتظار الفيزا، أو بانتظار الحوالة عالعيد، بانتظار الورود، بانتظار الردود، وفي حال من الأحوال بانتظار المولود، فيكون عيد، والعيد سعيد، لذلك هناك من لم يسموا بعيد سموا بسعيد، وسعيد هذا هو والد العيد، هكذا تقول الأسطورة الحلبية، يا أولاد العيد.. أبوكم سعيد.. لفته حمرا.. وطربوشه حديد... ثم يكملون الأهزوجة الحلبية مجاكرين أولاد الشام.. فيقولون لا فض فوهم : يا اولاد الشام.. أبوكم زعلان..فيرد أولاد الشام يا ولاد محارب.. شدوا القوالب.. لكن محارب هذا ليس هو سبب الزعل.. وإنما سبب الفخر..وهو في العيد سعيد..وما بين آل السعيد.. وآل محارب.. كنا هنا شي عم نشد القوالب.. وشي عم نهز المراجيح"