٠٢‏/٠١‏/٢٠٠٩

كيف ما فتلتها

"كيف ما فتلتها وأنا أجلس أمام لابِ توبي لا فُضَّ لكم توبُ لأخطَّ لكم ما تيسَّر من روزنامة المرحوم 2008 وجدتُ شبح الحرب مخيِّماً على راسي، صوت الأخبار عالٍ، وصور الدمار هي الأكثر ظهوراً وبروزاً، وتنتظر مع المنتظرين، وتقول في نفسك إنَّ الحرب الكونية قادمة ولاشك، ثم تضحك من نفسك لأنه لم يعد لك الحق في الضحك إلا من نفسك، وتفكِّر.. ألستَ تعيش الحرب الكونية الآن؟!.. وهل هناك حرب كونية أكثر من هذه الحرب الدائرة بشكل يومي كل يوم،

يومي وكل يوم إي، يومي وكل دقيقة، يومي وكل لحظة، إي رقّاصة وبترقص كمان، متل ما عم قلك، صارت الحرب شقفة من يومك، إذا ما عشتها شخصي بتعيش تداعياتها، وإذا ما عشت تداعياتها بتشوف صورها، وإذا ما شفت صورها بتسمع صوتها، لحتى تبلَّدت أحاسيسك، وصارت الحرب فايتة فيك من كلِّ جوانبك، حتى ما عاد فيك تميلُ، أين ما ملتَ بينتزع مراقك، فالحربُ صارت في طعامك، في منامك، في كلامك، في أحلامك، في مناسباتك، في أعيادك، حتى إنها دخلت في مآتمك، ما عاد حدا عنا تهنَّى بشي العمى، العيد ونزعوه، الفرح وسرقوه، العرس وخوزقوه، وصرت بدك قبل ما تبلش مناسبات الفرح تعتذر من نفسك ومن رفقاتك لأنك بعد شوي بدك تفرح، صرت بدك تعتذر من القتلى، من أمهات القتلى، من أخوات القتلى، من أبناء القتلى، صرت بدك تعتذر من الدماء، من الشهداء، من الشهود، ولك حتى بالموت ما عدنا تهنِّينا، صرنا نفتح العزا وقبل ما نترحَّم عالمرحوم نترحَّم عاللي عم بيموتوا كل يوم، حتى إنَّ المرحوم ما عاد نابه بهاليومين من الترحمات قد ربع اللي كان ينوبه بالأحوال العادية، بتدخل عالعزا وكلك وجوم، بس بتدخل على مضض لأنو مراقك منزوع، يعني بتحسَّه للعزا تبع قرايبك أو صاحبك ما له طعمة، شي منه كتير، متله متايل، ما عاد العزا عزا يا زلمة، ما عاد في أله هديك الرهجة والبهجة والهيبة، نزعوه، إي صرنا نفوت بالحديث عن غزة بنص العزا وننسى المرحوم وفضايله وجمايله، وندخل بالعراق ونطلع من العزا بدون ما نذكر محاسن المرحوم، ولك ما عاد خلُّونا نعرف نقوم بالواجب، بقى يا أخي العدو الغاشم.. مين ما كنت تكون.. عالشمال أو عاليمين، هدِّينا شوي بقى، العمى بعيونك العمى، خلِّصنا بقى، فهمنا احتلِّيت أرضنا واحتلِّيت سمانا، كمان بدك تحتل التلفزيون، شوبه العكيد.. والله شوفته عندي أحسن من شوفتك، اتركني أتفرَّج عالمسلسلات، ما عاد هنِّيتنا بشي ها أنت، بنفتح عالكوسوفي ونيرمين من هون بتطلع لي بخبر عاجل من هون، شي انفجار شي تفجير، شي إبادة شي تهجير، شي قصف شي تدمير، إي هلكتنا، فتت بفطورنا وبغدانا وعشانا، فتت بعيون أطفالنا، صرنا نتصبَّح بعمايلك، ونتمسَّى بفعايلك، ونتناقل أخبارك، ونعد ضحاياك، ونوثق أخبارك، ما بدنا شي غير أنو تخلِّينا نشوف توم وجيري بدون ما تمد راسك، يا عزيزي يا أيها العدو الغاشم المتسلبط المتفرعن مين فرعنك، حل عن سمانا بقى.. ....أخت هالسيران معك."

ليست هناك تعليقات: