٠٥‏/٠١‏/٢٠٠٩

أسطورة أبو شاكر

ليس أبو شاكر الشهير سوى محلّ صغير للعصير، في الصالحية، هو نقطة العلام، الناس بالعشرات يقفون أمامه وكلٌّ كوبه في يمينه، الشارع مقطوع، والسيارة التي ستمر ستأخذ بعين الاعتبار الزحام الذي يسببه أبو شاكر، وهو واحد من عدة نقاط علام في دمشق، مثل دامر للبوظة، وأبي العبد للشاورما، فخر الصناعة الوطنية إذا شئت، وفي صدر الشارع هناك لوحة رُسم عليها لاعب كمال أجسام، وبقليل من الذكاء ستعرف أنك ستصبح مثله إذا واظبت على شرب الكوكتيلات والعصائر من عند عمّك أبي شاكر، وأبو شاكر وأولاده وعمّاله وأقرباؤه جميعاً عائلة واحدة متفاهمة متناغمة منسجمة، والجميع يرحبون بالضيف مين ما كان، فقط اعبر وستسمع الترحيبات الحارة، والمرحبون عادة يقفون في الشارع مع الزبائن يمارسون بالإضافة إلى الترحيب جمع الفوارغ وإعادتها إلى الدكان الصغير المترين بمتر، وإذا ركزتَ عزيزي قليلاً في الحشد الواقف المرتشف للعصير فستكتشف أنك واقف وسط حفل كوكتيل أخو أخته، حفل كوكتيل مفتوح من الصباح حتى آخر الليل، حتى أن هناك من يتواعد مع الآخر عند أبي شاكر، وفي حال مر بعض الزبائن المرموقين فإن التحية تأتي من الداخل، من عند أبي شاكر شخصياً، خاصة أنه مركب مرايا يرى فيها القادمين من بوابة الصالحية، والآتين من زواريب 29 أيار، فيصدح صوته (أهلاً بالأستاذ حكيم مرزوقي، رئيس اتحاد الكتاب العرب).. هو يعتقد حقاً أن حكيم هو رئيس الاتحاد، وليش لأ.. طالما الرجل كاتب ومعه شنطة وألو سكسوكة أيام زمان، ومن الإخوة العرب .. يعني تونسي .. ولا مجال لأن تعين شخصاً آخر في هذا المنصب مهما تناقشت مع أبي شاكر، كما أنه يعتقد أن أدهم مرشد هو نقيب الفنانين، قلنا له طيب نقيب فناني فرع السويداء على الأقل، لكنه لم يقبل، أما آخر نجم وقعت عليه عيناه فهو جلال شموط، لا يمكن أن يكون هناك نجم تلفزيوني سواه عند أبي شاكر، له مقاييسه، وعليك احترامها، فهو صاحب أكبر شعبية في عالم العصير، من حمص يأتون إليه تحديداً، يتواعدون عنده، من حلب يتصلون بي .. جماعتي .. لاعبو فريق الحرية، بنشوفك عند أبو شاكر ولك لقمان، كلنا هنيك، حتى المدربين الأجانب يعرفون أبو شاكر، وتبدأ الأسطورة، هناك من يقول أنه يصنع خلطة سحرية لا تستطيع مقاومتها، وهناك من يدَّعي أن أبو شاكر يضع مادة يدمن الشريبة عليها، وهناك من يقول حظ ونصيب، وهناك من يطلب كوكتيل فواكه ويسحب بطاقة يانصيب، عسى ولعل تنقش معه هالمرة، وإلى هنا يحلو التفسير، لكن أن يأتيك شخص من عالم الغيب، ويفتح بجانب أبي شاكر محل عصير، فهذه والله قمّة الأعاجيب، وفتح، وظبط أموره، وعلَّق لوحاته، وموزاته وبرتقالاته وتفاحاته، بل إنه جاء بالكيوي والأناناس، وأجلس أمامه بعض الحراس لينادوا عليه، قال لحاله هلأ الزبونات بتستصعب الانتظار وبتطلب من عندنا، لكن هيهات، العجقة عند أبي شاكر وصلانة للبرلمان، واللي فتح بجنبه عم بيكش بهالدبّان، لحتى ملّ بعد سنة وباع المحل، ونقى لحاله غير كار، وظل أبو شاكر بابتسامته المعهودة وأولاده اللطيفين يقدم العصير، وأنا أتساءل إلى الآن عن الفكرة التي جعلت صاحبنا الذكي يفتح بجانب أبي شاكر محل عصير؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ليست هناك تعليقات: