٠٤‏/٠١‏/٢٠٠٩

فناجين بدون قارئات


"لدي وعطفاً على حديث البارحة ثلاثة فناجين محببة لم تمسسها أيدي قارئات الفنجان، وعلى اعتبار أنني من زبونات القهوة المميزين، فإن خلقتي بخلقة هالفناجين الثلاثة طول النهار تقريباً، ولأنني لستُ من هواة المقتنيات، بل حتى أنني بلا عادات تقريباً اللهم إلا إذا اعتبرنا روتين حياتنا اليومي عادات، كما أنني في المقهى لا أقول للنادل : هات قهوتي. بمعنى أنه بيعرف كيف بشربها بالعادة، لكن ما يحدث هو العكس، فسمير ومعين واسماعيل في مقهى الروضة ينزلون القهوة الوسط لي دون أن يسألوني حتى، وأنا أيام بكون شربان دولة قهوة بالبيت وجاي على بالي أشرب شاي، بس لما بتنزل قهوتي من دون طلب بحس حالي شخصية مهمة، وبشربها بالتالي بنكهة البصل، يعني وأنا وكاسر على أنفي بصلة. ياالله أديش أنا مهم، تخيلوا حتى كراسين القهوة اللي بقعد فيها من عشرين سنة بيعرفوا قهوتي، وبيعرفوا طباعي كمان، وبيعرفوا إيمتى بكون رايق وإيمتى بكون متضايق، وبيعرفوا أني ما بأركل، بس جماعة الأركيلة أصحابي، وخاصة أبو علي اللي حدثتكم عنه ذات يوم شتوي، لأنو الجمر بيدفّي، وبونات المازوت ما بتكفي، والشودير عطلان، وأجا أبو بهاء ليصلحه، الله يصلحه، قال بدُّه تبديل مضخة، كربجت، والعيلة عم تكتك من التكتكة مو من التكتيك، البرد سليماني، الدفا عفا والبرد قاتولي والشوب ما بينطاق والخريف بايخ والربيع ما عاد أله لون، لا الأوراق الصفراء تقرمش تحت قدميك وانت تمشي مشيتك الرومانسية إياها في الخريف، لأنو ما عاد في شجر على مرمى النظر، فما بالك بمرمى القدم، حيث لا مكان لتحط أجرك إلا ما تدفع، منيح ما عنا سيارة، الحمد لله، صاروا رفقاتي أصحاب السيارات محرقصين بالقعدات، والله بدي أمشي، هلأ بيصير عداد الصفّة تبعي بلاوي، والمراقب اللي حاطينه ما بيرحم، إي شرطة المرور بيطلعوا قدامهم دح، إييييه تعيش وتترحم، وين أيام الخمسة وعشرين اللي كنت تناولها لصاحب النصيب، ودايماً كانت بتصيب، إيييييييه تعيش وتترحم، وين أيام الصوبيا الحطب ودولة القهوة النحاس اللي قاعدة عليها وهي وعم تغلي على مههههههههههههههههل، كانت الحياة كلها على مههههل، لأنو كان عنا أهل، واللي ببيت أهله على مهله، بس هلأ ما عاد في وقت للأهل، صار فراقهم سهل، ولقاءهم صعب، صار الوقت كله عداد، كل لحظة عم بتمرك عليك يا معلم، وكل شفة من الفنجان محسوبة عليك، وكان عندك تلات فناجين، واحد عليه صورة موزارت الموسيقي، والتاني عليه صورة صاحبه بيتهوفن، والتالت عليه كتابات بالأجنبي ما فهمت منها غير كلمة hope يعني أمل، ولأنو كتير حلو وطاير عقلنا كلنا فيه قمنا كسرناه لفنجان موزارت، وصفي بيتهوفن والأمل، أنا بصراحة بحب الأمل أكثر، قياسه جايي ستاندر، بينما قياس بيتهوفن جايي ملليمتر زيادة إمعاناً في التفنن، ونسيت بيتهوفن، سألت عنه بعد ما بحبشت بالمجلى وعالرف وما لقيته فقالوا لي أنه في البراد وقد حمل معه عصير ليمون حامض زاد من وليمة الفول الجمعة الماضية، يا حوينتك يا بيتهوفن تقعد بالبراد، خفت ما يزعل .. طالعته من البراد.. دلقت حامض الليمون في جوفي عالريق، حممته لبيتهوفن بالشامبو المفضل تبعه لودالين بنكهة الموسيقا، لأنو ما بيطيق الليمون، ونشفته، وصبيت فيه القهوة، بس يا خسارة ما في سكر، التفتت لادوّرعليه قام شفت فنجان الأمل ينظر إلي بلوم وحزن وعتب."

ليست هناك تعليقات: