٢٧‏/١٢‏/٢٠٠٨

انتبهوا.. سمير طحان


"على اعتبار أن مكتبتي معرضة للغزوات الثقافية من قبل أصدقائي على الدوام فإن ما يتبقى دائماً منها هو تلك الكتب الكاسدة التي لم يقبل أحد حتى بسرقتها، لم يتنازل أحد وطلب استعارتها، باستثناء كتاب واحد ضخم طلب مني العديد استعارته ولكني لسبب غامض كنت أرفض، هو كتاب ( مجمع العمرين) للشاعر والكاتب السوري الحلبي سمير طحان، كان هناك وعد لنفسي بقراءة هذا الكتاب في يوم من الأيام،

كان الفضول ينتابني لأعرف مالذي يكتبه هذا الرجل المبعَد بقدرة قادر عن الأوساط الثقافية، ما حدا بيجيب سيرته.. لا بحق ولا بباطل، ويعني وإذا أجت سيرته بتنقضى مع اللي عم يحكوا بكلمتين تلاتة، أو بحديث قصير عن حادثة بتر يديه وفقدانه للبصر بسبب انفجار لغم كان يركبه على الجبهة في يوم من أيام 1970وخلص.. بس .. انتهى الموضوع، ولم يكن لدي ما أضيفه حقاً سوى إحترامي الشديد لقوة ضربات قلب هذا الرجل، بل إنني كنتُ في بداية الثمانينات في حالة جفاء تجاهه بسبب طنطنة الإعلام بالحديث عن سيدة أحبت هذا الرجل الأديب المحتاج إلى رعاية خاصة بسبب وضعه الجسدي الخاص، بل ووجد الإعلام في زواجها منه قمة التضحية، المهم مالكم بالطويلة فإن المخلوقة ما طلعت ملاك، وطلعت كل مقالات الصحفيين عنها علاك بعلاك، فلقد شفطت كل ما يملك سمير من بيت في حلب وشاليه عالبحر والأهم من ذلك أخذت معها مخطوطات لسمير نتمنى أن تعيدها ومسامحة بالبيت والشاليه يا أختي، اختفت..واختفى اسم سمير طحان أيضاً بعد أن كان نجماً أدبياً نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، بقيتُ اسمع أغانيه التي يلحنها سمير كويفاتي وتغنيها ميادة بسيليس، وكنت قد قرأت تجاربه الشعرية الخاصة، وبعض الحكايات الشعبية الحلبية التي كان يحررها، لكن وقبل كم يوم أحسستُ بحاجة إلى قراءة كتاب ما، مو شعر ولا قصة ولا رواية ولا فلسفة ولا صحافة حتى..ما بعرف شو بدي أقرا، أمسكتُ بكتاب مجمع العمرين على مضض بغاية تصفحه، وفتنا بالحيط يا شباب وما طلعنا منه ألا وأنا وخالص من الكتاب، 670 صفحة بالتمام والكمال من التمتع بفن الكتابة.. نص مفتوح على كل الإحتمالات.. رواية حديثة تماماً.. سيرة موضوعية كما سماها.. وهذه عكس السيرة الذاتية، وفي الرواية كل ما شاهد سمير وأحس، كل ما تعلَّم وعلَّم، مكتبة في كتاب كما قال ناقد فرنسي عنه، فيه الشعر..فيه القصة..فيه السيناريو السينمائي واللقطة التلفزيونية والوقفة الفوتوغرافية والألوان التشكيلية، فيه الحداثة إلى أبعد مراميها..والتراث إلى أعمق أغواره..وتتعلم وتتعرف على بلدك سوريا كما لم تتعرف عليها من قبل، وتتمتع بالتراث الشفوي الحلبي أيما متعة، فسمير ليس كاتباً روائياً عظيماً فحسب، وليس من كتّاب السيرة رفيعي المستوى كبروست أو أنطون دو سانت أكزوبري فقط، بل هو باحث إجتماعي وعالم شعبي شاءت له الظروف أن يبقى حياً فشكر الله على هذه النعمة بالكتابة، كتابته فعل شكر عميق للحياة التي يعيشها، لا فعل تذمر وشكوى، فعل إرتقاء إجتماعي بنَّاء لا فعل إنتقامي هدّام، في كل صفحة هناك درر شفوية شعبية مصاغة بمهارة شديدة وحساسية خاصة، واللغة.. لا تحدث..شيء يشبه السحر لروعتها وسلاستها وغناها وعراقتها وجدتها وحداثتها، ولن أحدثكم أكثر عن هذا الكتاب الصادر عن دار كنعان بدمشق، لكنني سأحدث أولي الأمر في حلب عاصمة للثقافة الإسلامية، وفي دمشق عاصمة للثقافة العربية، لماذا لم تنتبهوا إلى كنوز سمير طحان؟!! وأسأل من جديد هل هناك من أمل في مؤسسة لحفظ التراث ونشره اسمها سمير طحان؟!!! قولوا انشالله!!"

٢٥‏/١٢‏/٢٠٠٨

أدونيا والجمهور والمعهد السينمائي


"والجمهور العربي يا حبيبي من المحيط إلى الخليج، وحسب إحصائيات ودوريات وكبسات واستفتاءات شركة ما بعرف شو اسمها اختار باب الحارة 3، كأفضل عمل!!!!!، إي والله بدها تعجب، بس شو بدك هيك بده الجمهور، عايز كده، أنت أخو مراقه شي؟! الجماعة طاير عقلهم بباب الحارة، رغم اغتيال أبي عصام، كما قالت الفنانة صاحبة الجمهور الكبير سلمى المصري، وهي تقدم الجائزة لابن عمها العكيد الرائد هشام .. سامر المصري، والذي أهدى الجائزة إلى روح أبي عصام المتجلية على هيئة عباس النوري في الحفل، وصفق الجمهور،

ثم انتظر مسلسل التشويق في توزيع الجوائز، فكان صعباً علينا أن نتوقع الفائز لقوة المنافسة بين المرشحين، حتى فاز بجائزة أحسن ديكور الفنان التشكيلي هجار عيسى عن لمساته السحرية على سحارة الحصرم الشامي، فقلبها إلى كريستال، وشكر هجار شيخ المخرج هيثم حقي على اختياره لتصميم مناظر هذا العمل، الذي كتبه الكاتب المقاتل فؤاد حميرة، وأخرجه المخرج الجلف سيف سبيعي، ودوكره الفنان العصبي هجار، فكمل النقل بجائزة الزعرور الذهبي لأحسن ديكور، وصعد نزار واوية ووالده أحمد ابراهيم أحمد المعروف بأبي القاسم لاستلام جائزة أحسن تصوير وإضاءة، وأقول والده لأنهما ظهرا كذلك لأقوياء النظر وللابسي الكزالك، فظهر الفخر والاعتزاز بالولد على محيّا أبي القاسم، وهو يرى نزار حاملاً الجائزة كما لوأنه يحمل كأس العالم بكرة القدم، وظهر الأدب على هيئة الفتى نزار، عندما قال كلمته باختصار شديد (شكراً)، تاركاً المجال للوالد كي يطنب في التفصيلات .. فكانا في قمة التآلف والإنسجام ، الاحترام، هذا غير أنو أبو القاسم حب يطنبر نزار شوي وينفخه عالمسرح مشان يشتغل معه بمسلسله القادم .. حاكم مبروك .. الوالد .. أبو القاسم ما غيره .. صار مخرج، وزلغط المهرجان من ركن الدين إلى السبع بحرات، وكسرنا ورا أبي القاسم سبع جرات، مشان ما يرجع عالإضاءة بحياته، ويعيش عيشة المخرجين المريحة، ويترك كار الكهربجية الهفتان، على اعتبار أنو فاز بالذهب وختم الكار، ويا كريم ويا جبار على أفضل نص، واستلمه عن الكاتب فادي قوشقجي الزير سلوم حداد عن مسلسل ليس سراباً، وكانت المنافسة قوية من أسمهان وزهرة النرجس وأولاد القيمرية، وكانت صعبة التوقعات بهاللحظات، تماماً متل ما صعبت لاختيار أفضل إخراج، وكان بالميزان بوب الملقب برامي حنا، وبيبو الملقب بالمثنى الصبح، بس اللجنة اختارت برشا برشا التونسي المكنّى بشوقي الماجري عن مسلسل أسمهان، فكان ما كان من أمر شوقي الذي شكر سورية، لأنها تعاملت معه كسوري، بل وفضلته لجائزة أحسن إخراج، فكان الكريم مكرَّماً، وضجت الصاله بالعواطف والوطنيات، ثم توقفت القلوب للحظات لنتعرف على أفضل عمل متكامل، وتنافست خلال دقيقتين المسلسلات، ففتنا بالحيط لتقارب المستويات، وفاز بيبو من جديد عن مسلسله المفضل على قلوب عائلتي الصغيرة (ليس سراباً)، وصفقتُ من كل قلبي لبيبو، وقلتُ هاردلاك لبوب، وتذكرتُ كم أن هذا الشاب كافح في هذه الحياة، وكيف درس الإخراج في أكاديمية هيثم حقي الحرة، وتابع الماجستير عند حاتم علي كمسؤول ملابس، وبعدها كسكريبت، ثم تدرج في المناصب فأصبح مساعداً للإخراج، وظبطت أموره فأصبح مخرجاً منفذاً، ثم دارت به الأيام فصار مخرجاً مساعداً، يعني فهمان، وبعد أن صار عوده قاسياً ولحمه مراً دخل إلى السوق كمخرج ونال الإعجاب والتقدير، وفاز عمله بالجائزة الكبرى، ويا حسرتي على شبابنا الموهوب اللي ما كان يفتحوا لهم معهد سينمائي تلفزيوني بهالبلد.. وهيثم حقي موجود!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!"

٢٣‏/١٢‏/٢٠٠٨

أدونيا .. المودّة المستحيلة


"بدا في هذه الدورة، أنَّ تعبيرات النجوم المتخاصمين الودية تجاه بعضهم البعض لم تكن شكلية، فالجوُّ العام الذي شكَّلته هذه الجائزة سواء بالتنظيم أم بالتقديم، فرض احترام الآخر.. بل وربما بثَّ طاقة المودة المستحيلة، فأنت تعرف أنَّ فلان ما بيحاكي فلان لو طبقت السما على الأرض، لكنك تجده في أدونيا، وهو دايس على بساطها الأحمر ودوداً لطيفاً ومحترفاً.. ودخلنا يا معلم عالفورسيزنز حيث الاحتفال،

وبلشت طقطقة الصور للنجوم والمقابلات على الأبواب، وجلسنا على الطاولات بعد أن أخذنا كرتاً عليه رقم طاولتنا، فوجدنا بتم القاعة بنات ظريفات لطيفات قُمْنَ بتوصيلنا إلى أماكننا بدون ما يشغِّلن العداد، وقام هذا العام الفنان أيمن رضا بتقديم الحفل الذي كان لي أن كتبت له تقديماته، وكنت قد سألت أيمن عن الموضوع الذي يفضِّل أن نحكي فيه هذا العام بعد أن حكينا مع باسم ياخور العام الماضي عن سيرياوود والبيوت الشهيرة التي يتمُّ التصوير فيها من بيت أبو شاهر لبيت أبو سعيد فأجابني أيمن فوراً بأنه يحب أن يحكي عن الكومبارس، وبدأ وبدأت بالكتابة معه: دايماً بيقولوا لي شو بحب أحكي بنهاية اللقاء، يعني بس ينتهي اللقاء بيقولوا لي شو بحب أحكي، يعني بيسمحوا لي طول اللقاء أحكي الأشياء اللي ما بحب أحكيها، وبنهاية اللقاء بيسألوني شو بتحب تحكي أستاذ.
وقال كمان: بالمناسبة بينادوني أستاذ.. بس ببداية كل لقاء بيسألوني ليش مالك دارس معهد أستاذ؟!.. بروح برد: والله تالله ومحمد رسول اللهِ أني دارس معهد وخريج ومعي ليسانس متلي متل زميلي بنفس السؤال الأستاذ المجاهد أندريه سكاف.. بس مشكلتنا أنا وأندريه أنو شكلنا هيك.. شعبي.. بلدي.. ما في هيئة نجومية.. يعني كومبارس. وبعد ذلك تحدث أيمن عن الكومبارس. الكومبارس السوري الذي حدثتكم عنه من يومين، وعن أم سمير وأكاديميتها للثروة البشرية. ثم قدم الفنانين الذين سيقدمون الجوائز، فقال عن قيس الشيخ نجيب: خاص بس مو معقد، هادي بس جواته في بركان، حليوة بس فهمان، نجم بس طبيعي، محبوب بس في بإيده كتاب. وقال عن كاريس بشار: بس تبعت لها شركة الإنتاج نص لتقراه مشان تشارك فيه بيتعاوذوا بالشيطان، لأنها بتقرا كل شاردة وواردة، وما بتوافق على حيالله، وإذا وافقت بتقعد بتناقش بالشخصية عن جد، وبتعل له قلبه للمخرج قبل التصوير، بس بالتصوير غزالة. جائزة أفضل نص تقدمها لكم الفنانة المحبوبة كاريس بشار. وقال عن لورا أبو أسعد: فنانة ألها الفضل بإدخال الدب التركي لكرم الدراما العربية.. هي اللي جابت نور ويحيى ومهند ولميس ونطقتهم بالعربي، من المفروض تكون عم بتقدم جائزة بمهرجان أنطاليا بتركيا مو هون نظراً للخدمات الجليلة اللي قدمتها للدراما التركية، بس على اعتبار أنو الدم بيحن فإنَّ جائزة أفضل ممثل دور تاني ستقدِّمها لكم الفنانة المميزة لورا أبو أسعد. ولم ينته الحفل ولنا فيه كلام، لكن اليوم أخدنا أيمن رضا ..أبو همام."

٢٢‏/١٢‏/٢٠٠٨

الغش الحلال


"لا أعرفُ وقتاً أصبح فيه الغش حلالاً أكثر من وقتنا هذا، فهو لم يعد منتشراً بشكل كبير فحسب، لا .. لقد أضحى قانوناً يعزف عليه كل الذين بطَّخوا في منافسات الحياة ليخلصوا حالهم حتى ولو على حساب إسقاط المنافس في حفرة أو جورة أو بئر عميق، وفي كرة القدم بدا لفريق ريال مدريد الملكي أنَّ الحل هو قتل ميسي الموهوب، فكان ذلك لهم عبر ممارسة ضربه على عينك

يا حكم حتى يكره ميسي الكرة، كرَّهوه الطابة وهو الذي سرُّهُ أنه يحب الطابة، وغشوا الحكم، وغشوا جمهورهم، وغشوا أنفسهم، لكنهم في النهاية خسروا، وفي الثانية الأخيرة عاد ميسي إلى معشوقته وأحرز الهدف الثاني عليهم وليخسأ الخاسئون، روح.....لكن كيف أصبح الخطأ مشروعاً في كرة القدم، لأن الخطأ مشروع في الحياة، لكن تعمد الخطأ هو الممنوع، هو الغش، هو الحرام، فكيف أصبح الغش في هذه الأيام حلالاً، الحكام يطردون المخطئين بعد تكرار الخطأ وتنبيههم ثم إنذارهم، ويطردون الغشاشين بالتأكيد فوراً، لكن تعال والقطه، تعال واقتنع أنو الزلمة مو غلطان طبيعي من تبع النوايا الحسنة، هذا إذا لم نتحدث عن حالات التواطؤ عندما يكون الحكم بحد ذاته غشاشاً من أجل حفنة من الدولارات،
والكل بات يمرِّق الغش والغشاشين مع أن الطرد هو نصيبهم من جنة الألعاب، لا مكان للمخادع في أية لعبة من الألعاب التي نعرفها في الحياة، لكن دائماً ترى المخادعين يلعبون واسم الله عليهم، بل ويشار إليهم بالبنان إذا كان عندهم شي صاحب بيشتغل بالصحافة والإعلام، وبالطبع ستراهم يمشون مختالين متباهين خبباً في أروقة أوساطهم مرموقين محسودين من قبل أمثالهم من الغشاشين الذين مالهم بالطيب نصيب حالياً، لكن الأيام جاية.. في أمل، فلكل مجتهد نصيب.. حتى لو غشاً، وحلال عالشاطر.. حتى لو حراماً، ويعتقد المخادعون أنهم أذكياء، وأنهم محترفون، وأن حفرهم التي حفروها لأشقائهم لن يقعوا فيها، وذلك لأنهم بلا مبادئ، لا يصدقون الكلام المبين، ولا يسمعون قول الأولين، لا يحترمون أهاليهم الذين ربوهم فظهروا أمام الناس بلا تربية، ولا يقيمون اعتباراً للناس وللمجتمعات التي يعيشون فيها فيظهرون بمظهر عديمي الأخلاق الوقحين غير المبالين، ولمَ لا.. فهذا وقتهم، وهذه أيامهم كما يقولون، ويا فرعون مين فرعَنك؟!.. فرعَنَك أبو ملعون، والغش حرام، حتى لو ركبوا له ستوبات من ورا، وأضواء من قدَّامْ، والغشاش مبهدَل وبشع، حتى لو زينوه وكشكشوه وشلبنوه وسشوروه وعالراس حطوه، بيضل بعيرعنكم بعير، حتى لو ركَّبوه على الحمير، ومشّوه عالحصير، ومسّكوه الأمور، وقالوا له يا قمّور، لأنو وقت الجد لن ينفع البعير كل هذا المكياج المخادع، وستظهر للناس تلك الحردبة التي يقولون لها سنام، فإذا استطاع إخفاءها ما عليك سوى برمي كومة شعير أمامه وستراه كيف سيطخّي ويأكل ويأكل ويأكل حتى تظهر حردبته للعيان وتصرخ: ولك بس يا فجعان.. فضحتنا. لا.. لا يمكن للغش أن يصير حلالاً حتى لو كان سلاح العاجزين غير الموهوبين التافهين..لأنه ببساطة..حرام."

١٩‏/١٢‏/٢٠٠٨

على وجه صديقتك



ولا تطلب ورقة
اكتبْ على كفّكَ
على وجه صديقتكَ
على الجدارْ
.
على بنطال امرأة بجانبكَ
اكتب على أي شيء
كأنما الصينيون لم يخترعوا الورقْ
لم تعد هناك فائدة
ترجى من هذا القلب
فهو لم يعد يشعر بالحزن
ولا بالفرح
لم يعد يدق بقوة
من أجل حب مفاجئ
ولم يعد يخمد وينطفئ
عند كل خيبة
لا فائدة ترجى من هذا القلب
سوى أنه يضخُّ الدماء
إلى هذا الجسد البائس
الذي لا يريد أن يعيش

أكتبُ شيئاً ما
عن امرأة قابلتُها البارحة
أكتبُ وقد فرحتُ لأنني نسيتكِ
أكتبُ وأنا أتجاهلُ
أن هذا القلم اللعين
لن يكتب عن سواكِ
بين خيوط المطر
وأمام الرياح الباردة
سأظل أتذكر
وبندم لا يوصف
أنكِ خرجتِ من المنزل
بثياب خفيفة جداً
أحبكَ
ولكن لا أستطيع أن أراك
أحبكَ
ولكني لا أريد أن تزعل أمي
أنت تعرف.. إنها أمي
أحبكَ.. أحبكَ
ولكن أرجوك لا تكلمني هاتفياً
كل الطيور التي أحببتُها
هوَتْ
وكان صوت ارتطامها بالأرض يقتلني
إلهي.. لا تجعلني طيراً
لا تجعلني من يعلو عن الأرض
وهو يعرف بأنه يوماً ما.. سيقعْ
كنت بحاجة لأسألَكْ عن هاد الشي اللي كتير بيشبهكْ
وبعد ما رحتْ وتركتني وحدي.. شفتُه
كتير بيشبهك.. روحه متل روحك
مشان هيك حسيته ميّت متلك
وخفت أني أضل عم حبّه وبعدين ما أشوفه قدامي
كتير هلأ بحاجة لألَكْ وبحاجة لألُه
بحاجة لألُه لأنو بيشبهكْ
وبحاجة لألَكْ مشان تخلّصني منّه

إنني نادم
دائماً
كل يوم
كلما تذكرتُ البارحة
على كل الأحجار
سأرى حروف اسمكِ
وعلى كل الوجوه
سأرى ملامحكِ
بعدكِ
سأحب الجدران والأشجار وإشارات المرور
بعدكِ
سأحب أي شيء
لا يخفقُ له قلبٌ
وساعة يشاءُ
يتوقف عن الخفقانْ

تحت شجرة الورد
سأدمي أصابعي
وأنا أقطف الورد لكِ
تحت شجرة الورد
سألمُّ باقة كبيرة
وأرميها أمام باب بيتكِ.. الخالي
تحت سقف واطئ
كنا ثلاثة
أنتِ وهو .. وأنا
كان يتمسك بي أن أبقى
وكنتُ أعرف أنكِ تريدين مني المضي
كنتُ أعرف بأنكِ تحبينه
وكان يعرف بأن حبي لكِ
أرسخ من صخور عاشت مئات السنين
نظر إلي وقال: بأنه لا يحبكِ
ولا يريدكِ
كنت تبكين
وكنت أتفتتُ
مثل صخور تئن تحت المطارق
منذ مئات السنين

١٨‏/١٢‏/٢٠٠٨

قنادر اليأس.. أحذية الإحباط



الصحفي الشاب الشهير منتظر الزيدي في السجن، وهو يعاني، يعاني من آلام مبرحة بعد الاعتداءات الجسدية التي مارسها حراس العراق الجدد على جسده، فهناك كسور.. وهناك ضربات على العين، وضربات على الراس، لا نعرف ما الذي تعطَّل من جسده وما الذي بقي على حاله، بينما تعقد الندوات لشرح ماهية الانتصار، وفي نهاية الأمر يصبح كل شي عالعين والراس بمعية القندرة تبع منتظر، بل وأصبحت كل القنادر على العين والراس بسببها، لكن شو مشان الشاب منتظر؟!.. شو مشان المئتي مليون فيلسوف في شؤون القنادر، شو مشان الندوات التي تُعقَد حول القندرة، شو مشان تحويل هذا الفعل اليائس المُحبط إلى انتصار، وهل نظلم الفتى إذا قلنا إنه فعل فعله هذا في حالة يأس وإحباط وتشاؤم ندر أن تجتمع في إنسان عبر التاريخ إلا الإنسان العربي الآن؟!.. ألا يشبه ما فعله الشاعر الراحل خليل حاوي عند حصار بيروت عام 1982 وسط صمت عربي مهين فانتحر احتجاجاً وياساً وإحباطاً، فكان احتجاجاً نبيلاً مهيباً حزيناً، لكنه كان تتويجاً للحظات مريرة من اليأس والإحباط، أولا يشبه ذلك لاعب الكرة المخلص الذي يرى فريقه غير مبال بالهزيمة الكبيرة، ويرى في نفس الوقت أنه لا يستطيع أن يقلب النتيجة وحده، فراح سالخ الحكم قتلة من كعب الدست قبل انتهاء المباراة كنوع من أنواع فشة الخلق له ولجماهير فريقه المهللة والفرحة والسعيدة، مع أنَّ النتيجة بقيت على حالها كما قلنا في مقالنا الأول عن حادثة القندرة 100 صفر لصالح بوش، أم أنه لا يشبه مسرح فشة الخلق أو التنفيس في أحواله النظيفة والراقية عندما يخرج الجمهور سعيداً بالانتصار على الحكومة لكن على المسرح، تحت الأضواء الزاهية والفلاشات اللمّاعة، أما في الظلام فكل ما كان بقي على ما كان، لا الحكومة تغيَّرت، ولا الشعب غيَّر شي، كل شيء على ما هو تمام، والقتلى هم هم في العراق وفلسطين، وهذه نظرية من نظرياتنا العجيبة، أن نخاف من التغيير، نخاف من التطوير، نرضى بالنصيب، ونرتاح للحبيب، حتى لو كان النصيب حرباً دائرة منذ عدة أعوام، فما في خيالنا دائماً هو أنَّ القادم أعظم، وألله ينجينا من الآت على قولة مارسيل خليفة. الصحفي منتظر أحبَّ أن يفشّ خلق بلاد العرب أوطاني بطريقته الخاصة، ولقد فعلها، فش لي خلقي، ريَّحني، وقلتُ في نفسي إنك بتستاهل يا بوش، لكنني قلتُ في نفسي أيضاً ترى ما هي درجة اليأس التي وصلتَ إليها يا منتظر حتى فعلتَ هذا وأنت تعرف أنهم سيكسرون لك يديك وأصابعك، وسينتقمون لمعلمهم الذي عينهم من قدميك، وسيعذبونك ويشتمونك، ويهينوك وما أنت بمُهان، وقلتُ في نفسي أيضاً ترى ما الذي تقوله بينك وبين نفسك وأنت ترى المنافقين من المثقفين العرب وهو يترنَّمون من الطرب، ماذا ستقول في نفسك لأنك لن تستطيع يا منتظر أن تقولها في العلن وأنت تراهم يعقدون الندوات عن حذائك، بينما بصوت راجف وعينين واسعتين واثقتين كان شقيقك الصغير ينتظرك، يخاف عليك، يحبك، يفتخر بك بجد، لكنه لا يريد شيئاً سوى أن يعيدوك إليه، لم يقلها.. فلقد منعه كبرياؤه من ذلك، عرف أنَّ القدر جعلك الشخص المنتظر لفش خلق كل هالأمة المُرهَقة المُتعَبة اليائسة المُحبطة، لكنه لم يعرف أنهم بدل أن يخافوا عليك مثله سيعقدون الدبكات ويقيمون الاحتفالات ليسجِّلوا في دفاترهم.. دفاتر المثقفين التافهين السخفاء، الانتصار.. ويا عيني على هيك انتصار.. نعم..عرف شقيقك أنَّ كل هذا قدر.. وسلَّم أمره للقدر. يا لبؤس المثقفين العرب وهم يتشاجرون كي يفوزوا بمنصب الناطق الرسمي باسم حذائك!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.