٢٥‏/٠٩‏/٢٠٠٨

بألواني الطبيعية


"إذا تعبَ الشعراء قالوا:
تعبتُ يا صاحبي
أو
يا أبي ما عادت بي طاقة للعيش
أو
لم أقدر على الدنيا يا أمي
أو
يا أخي يأسي أكبر من رغبتي بالحياة
إذا تعب الشعراء..
أما أنا.. فتعبتُ
وما عادت بي طاقة للعيش
ولم أقدر على الدنيا
ويأسي أكبر من رغبتي بالحياة
ولكن دون أيةِ كلمة تستطيع أن تسند هذه الجمل المرهَقة

*********************
وما حمل ساعةً في معصمه
وما علَّق في عنقه زرداً
وما نقش على جسده وشماً
ولكنه مشى في الشوارع المزدحمة
كعلامة فارقة

*********************************
لم أخطئ
لم تخطئي
ولم يخطئ أحد
ولكن
على أحد ما في هذا العالم
أن يبدي لنا الأسف

*****************************
عندما لم تلتمعْ العيون
ولم تهتز الشفاه
عندما لم يدق القلب بعنف
ولم ترتبك الكف وهي تلمس الكف
عندما دخلتِ إلى منزلي
ولم أفكر بإغلاق الباب خلفك
أيقنت أن كل شئ قد انتهى الآن
*******************************
وأنتَ معي
لست أكثر من شخص يحبني
أحبكَ
وأنت تغفو على صدر غيري
أحنو عليك وأنت بين ساعدي سواي
أغفو في أعماقكَ
وعندما تمد شفتيكَ لفم غريب
أظهرُ
فيحمرُّ وجهكَ
وترتعد شفتاكْ
وتعود مجرد شخص يحبني
أحبكَ وأنت تحكي قصتك للغرباء
وأحميك عندما تعبر الشوارع
من اللصوص والسيارات
ومن الكف التي تمسكُ كفَّكَ

********************************
هذا أنا
في المقهى
جالساً على هذا الكرسي وذاك
هذا أنا
أشرب القهوة هنا
وهنا أرتشف العصير
وهناك
أعبر بخفة خلف الزجاج

***************************
إلى ناصر نعساني
لا تأخذنا هكذا
امنحنا فرصة أخيرة
كي نحقق وعودنا التي رميناها جزافاً للزوجات
كي نعود إلى المنزل
محملين بالخضار والحليب
امنحنا فرصة أخيرة
لدفع الإيجار

فرصة أخيرة
كي نقنع أطفالنا
أننا ذاهبون
دونما عودة

***************************
أنت وهؤلاء الناس
من بيده يأخذ بيدك
ومن بيده يكسر يدكْ
من تبكي على كتفه
ومن تبصق على وجهه
وأنت وهؤلاء الناس

من يشدك بقوة إليه
ومن يطردك ببرود من حياته
من يرمي بثقل آلامه عليك
ومن يعانقك
وأنت وهؤلاء الناس

من يقبّلك
وهو في قرارته يشتمك
ومن يخمشك ويشد شعرك ويصفعك
وهو في قرارته يقبلك ويعانقك
من يكسرك
وهو في أعماقه
بالعناق يكسّرك
وأنت وهؤلاء الناس

******************************
منذ أن هربَتْ صورتي
من إطار العائلة
وابنتي تعلمت أن تكتب اسمي واسم أمها وأختها واسمها
وعندما كانت تلتفتُ
كنتُ أشطبُ اسمي
فلا تبكي ولا تصرخ
وتعود في زيارتها التالية
وهي تحمل صفحتها البيضاء.. البريئة والمشرقة

******************************
في صورة بالأبيض و الأسود
كنت أرتطم بهم
ولا أسمع صراخهم
في صورة بالأبيض والأسود
شتموني بوقار
وانتقدوا مشيتي
اتفقوا جميعا
الأبيض منهم والأسود.. عليّ
في صورة بالأبيض والأسود
كنت أمشي إلى خارج الإطار
بألواني الطبيعية

***********************
سأغلق النوافذ جيداً
ولن أفتح الأبواب
سأرتق شقوق الجدران
لأنني أخاف
أن يدخل الهواء الذي تتنفسون منه إلي

*************************
أنا التلميذ الذي مثل أدوار الشر
على مسرح المدرسة
ورأيتكم
وعشت معكم
وتعلمت القذارة منكم
وفنون الخسّة
أنا التلميذ الذي خرج من شوارعكم
منحطاً وسافلاً
أبحث عن جدران
أختبئ خلفها
وأبوابٍ أقفلها على نفسي
كي أعود مجرد تلميذ يمثل أدوار الشر على مسرح المدرسة

***************
يقولون عني: وغد وسافل
وهناك من يقول: فتى منطلق كالفراشة
ومضى بي العمر
ولم أعد فتىً منطلقاً كالفراشة
بينما ولأنها صفات لا عمر لها
بقيت وغداً.. وسافلاً

********************
أكتب بالقلم
لا بالأزرار
أقرأ الكتب
لا الشاشات
ما الفائدة من التقدم العلمي
وأصدقائي يموتون
عند أول محاولة مازحة للموت معهم"

١١‏/٠٩‏/٢٠٠٨

كي ألمَّ أوراقي


"لماذا
أقنعتِ من تحبين
بأنك ما أحببتني يوماً
لماذا عليّ دائماً
أن أراقب وجهه المذهول
كلما ذكرتُ قصة
فيها .. ولو قليلٌ
من الحب .. ما بيننا


**
كرسيكِ على البار
أدوِّره وأنت جالسة
وتضحكين.. وأضحك
أدوِّره الآن
وهو شاغر
بعناء أكبر
مما لو كنتِ عليه

**
تقسين ويعلو صوتكِ
تتأخرين في القدوم
وأحياناً لا تأتين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
يخفُّ كلامك الجميل
وتقل ابتسامتكِ
وتفكرين بالمضي
بل إنكِ الآن تمضين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
دون أن تنتبهي أنه يتفتت الآن

**
لأنكِ خنتِ سيدكِ
أمام حارسكِ
أضحى داخلك وحيداً
مثل ثقب في إبرة مرمية

**
لا تمضِ بسرعة يا صديقي
ولا تخَف إن زلَّ لسانكَ
بكلمة حب عنها
لا تمض أبداً
فأنا أحبكَ كثيراً
وأنت تتحدث بلهفة عن مزاياها
التي نسيتَ أنني حدَّثتك مراراً عنها

**
كيف تستطيع أيها الحقير
أن تقف خاشعاً
بجانب امرأة لا تحبها
في كنيسة قديمة
يوم الأحد

**
بالقبلة تبدأ الكراهية
بأغنية قديمة نعرفها
بشارع مشينا فيه معاً
بشجرة عليها أسمانا
بسرير رديء فيه رائحتنا
تبدأ الكراهية
كالحقيقة.. مخيفة وساطعة

**
امنحيني بعض الوقت
إذا كنتِ ستمضين
بعض الوقت
كي ألمّ أوراقي كلها من حياتكِ
كي أعرف الفرق بين ألم الخيبة وألم الحب
بعض الوقت
لأتذكر أصدقائي الذين نسيتهم وأنا معكِ
أو لأردَّ على رسالة منسية على طاولتي
لأعرف إذا كنتُ سأبقى وحيداً حقاً
وفي أي مكان
بعض الوقت
كي أعرف الوقت الذي أحببتكِ فيه
والذي كرهتكِ فيه
والذي بلا مشاعر
بعض الوقت
كي تكون النهاية حاسمة
لا يخالطها الألم عند ارتياد مكانٍ كنا فيه معاً
ذات يوم
أوعند اللقاء بصديق مشترك
عند صورةٍ لوجهكِ على كتفي
أو قطعة من زينتكِ منسية في حقيبتي
واخرجي بعدها من حياتي
كما دخلتها
بعناد وإصرار
ولكن امنحيني بعض الوقت
لأجد مشجباً واحداً
أعلّق عليه ثيابي آخر الليل
دون أن أشمَّ فيه رائحة ثيابكِ

**

وحيثما تمضين
سأكون خلفكِ
حارسكِ
بقية الحب التي تحمي نقاط ضعفكِ
**
ها هي معكَ الآن
وأنتَ تخاف أن أكرهَك
ولكن كيف؟!..
لقد فزتُ بالراحة
وأورثتكَ الألم

**

أيها الصديق الذي كنت أحكي له
عن التي أحب
وكان يبكي مراراً وهو يستمع
أيها الصديق الذي كان يرفع معي كأس من أحب
وكنت أحدّثه وفي صدري ألم لا يطاق
أيها الصديق الذي بعد كل هذا
أحبَّ من كنتُ أحب
أيها الصديق الذي يأتي اليوم
ويحدثني عنها
وفي صدره ألم لا يطاق

**
كنتِ سرية
فلم ينتبهوا إلى آلامي
وأنت تمضين إلى سواي
****
أفتقدكِ"

٠٤‏/٠٩‏/٢٠٠٨

يدي التي لا تلمسكِ


"لا يوجد أيّ مكان
يليق بما سأقوله لكِ
غيرنا أمكنة كثيرة

ولكني لم أستطع أن أفعل شيئاً
ولم تستطع يدي الراجفة أن تلمسكِ

**

أحبكَ
ولكن لا أستطيع أن أراك
أحبكَ
ولكني لا أريد أن تزعل أمي
أنت تعرف.. إنها أمي
أحبكَ.. أحبكَ
ولكن أرجوك لا تكلمني هاتفياً

**
كانت جنبَكْ، وكنت أنا بجنب واحد تاني، كنت معانقها والظاهر أنك كتير كنت عم تحبها..
ما حكيت معَك شي، بس أنت كل الوقت كنت عم تبهدل اللي قاعد جنبي، وأنا كنت عم ارد عليك، وكنت تقل لي (لا تدافعي عنه)
ليش أنا كنت عم ادافع عنّه؟!..
يا مجنون أنا كنت عم ادافع عن حالي..
وغير هيك.. كنت عم ادافع عنّك..

**
في بارٍ لا يشبه أيامنا
التقينا.. وتحدثنا كثيراً
بحماس.. كما لو أننا نلتقي لأول مرة
في ذات البار
بعد زمن
التقينا
لم نحيّ بعضنا البعض
ولم نتبادل النظرات أو نتحدث
كما لو أننا نلتقي لأول مرة

**
كلهم بيقولوا (أنك بتحبني بس أنا ما بحبك)، وأنا ماني مضطرة أشرح لهم، أغبياء..
بيكفيني أنك وحدك بتعرف أديش بحبّك.

**

ربما لأنك تشبهين فتى أزعر
يقف مستنداً إلى جدار
ويدخن بوقاحة
أترككِ وأتذكر
كيف كنتُ فتى أزعر
يقف مستنداً إلى جدار
ويدخن بوقاحة
ولكن.. منذ زمن بعيد

**

كل ما بيرنّ التليفون
بقول: هادا أنتِ
برفع السماعة، طبعاً مو أنتِ
رح كسّر هالتليفون
أساساً.. شو شغلته
إذا ما كان صوتِكْ هوّه اللي عم يصلني منّه

**

كلما بيرن التليفون
بقول: هادا أنت.. رح أسمع صوتَك
برفع السماعة.. طبعاً مو أنت
برتاح كتير وبقول لحالي:
كمان هالمخابرة مرقت على خير

**

عم تهربي مني
ليش أنا ما عم أهرب منِّك
مفكرة إذا كنت عم اتلفن لك كل يوم، وكل يوم عم اقلّك بدي اشوفِك وانتِ عم تتهربي بكون ما عم أهرب منك أنا كمان؟!
بعرف منيح أنِك بتحبيني كتير مع أنك قلتِ لي ما بطيقَك، ومرة سكّرتِ التليفون بوجهي، بس فكرِك إذا شفتك شو رح يصير؟
رح احسّ أني عم أهرب منّك متل ما عم تهربي مني، شي طبيعي الناس تهرب من شي كتير كتير مو طبيعي.
**
بحبَّكْ
**
دائماً هناك من يقتلني
ودائماً للأسف
لا يكون أنتِ"

رخصوا الغوالي


"يحدث أنك تحب أن تكون من مقتني الأشياء الفريدة التي يتمنى كل الناس اقتناءها، كالموبايل أول ما نزل، فتهرع لتشتري هذا الغالي، لأنو كان حقه ستين ألف يا عزيزي، وما أدراك ما الستين ألف عند جماعة راتب المعلم مربي الأجيال عندهم تلاتماية دولار، المهم أنك بتركض بإيديك ورجليك لتشتري موبايل متل موبايل رفيقك اللي ما ركض لأنه الموبايل اللي جابه ركيض، موبايل من ماركة كارل لويس،

هو بيركض لعنده، وبيصير عندك موبايل، وبتصير عضو بنادي الموبايليين، وبتصير بتقعد بالقهوة معهم وكل واحد منكم عم يطق حنك مع واحد قلت له أنو ما فيك تشوفه، واللي هلأ عم تشوفه بيكون عم يطق حنك مع واحد كان قايله أنو مو قدران يشوفه، وأنتو اللي قررتوا تشوفوا بعضكم قعدتوا تحكوا كل واحد من موبايله مع حدا ما كان حابب يشوفه، بس مشان يشوفوك أنو عندك موبايل، عندك تلك السلعة التي لا يستطيع تلات أرباع القاعدين حواليك يجيبوا منه، وبتصير شايف حالك بالموبايل، وبتصير كل ما بتشوف وحدة أو واحد بالشارع بتعطيه رقم موبايلك، وبتنمغص وقت اللي بيطلبوا رفقاتك يستعملوه، بس بتخدمهم شوي، ومن ثم بتطلِّع قوانين لاستخدامه، وبتصير بتذلهم فيه، بحاجتهم لتلمسه، لاستخدامه، للحديث عبر نسماته الفضائية، وبتصير المعلم بقوة الموبايل، وبتصير بتحبه للموبايل، بتعشقه للموبايل، بتعبد سماه للموبايل، وبالحقيقة فكرة حلوة، يعني ليش لما تشتري موبايل؟!.. لكن بتروح الأيام وبتجي الأيام، وبيصير الموبايل بعشرين ألف، وبيصيروا كم واحد من اللي حواليك اللي حرابيق شوي عندهم موبايل، وبتصير مو البطل الأوحد عالطاولة، وبتصير متعلق بالموبايل بس مو كتير حابُّه، لكن ما فيك بلاه لسه، وبيصير اللي عم يحمل موبايل عدوك مين ما كان، إلا جماعة الستين اللي من نفس طبقتك المشتهاة ومن نفس مودك الرفيع المستوى، لكن لما بيجيك الكف التالت يا غالي وبينزل سعر الموبايل كتير، العمى رخصوا الغوالي، رخص كتير، صار من هب ودب حامله وحاضنه ومنيمه بحضنه بتنبهت، بتندهش، بتنصدم، بتتبلكم، وبتحس كل واحد حامل موبايل سارقه منك، بتنظر بكراهية لكل مين حامل موبايل، كأنو قاتل لك قتيل وخاينك مع عزيز، عزيز قوم ذل ارحموه، لا تلوموه، لا تعاتبوه، لا تتشاجروا معه، لا تؤنبوه، لا تحاولوا أن تصلحوا من وضعه وتصلحوه، فقط اتركوه، هيك بترحموه.
لكن اهتدِ بالرحمن يا رجل، يمكن لو موبايلك اشتريته بلحظة وأنت مع اللي بيحبها قلبك الكبير، يعني قالت لك تعا نشتري موبايلين متل بعض، وأنت لحالك اشتريت، وهي لحالها اشترت، أو هي أهدتك واحد، أوربحته بمفاجأة يانصيبية، أو اشتغلت كذا شغلة مشان تلم حقه، فما رح يرخص وحياتك، رح يضل غالي، رح يضل موبايلك المميز بأنو هدية من أحلى بنت بالعالم، رح يضل موبايلك أجى نتيجة شغلك لكذا ومذا ونذا وشذا ورشا ومها قلبي يحبها سمراء لعبتي تفهم همزتي، إنها قوتي، قطعتي، التي لي قصة معها، ولها قصة معي، إنها غالية، ولن ترخص أبداً حتى لو رخصوا الغوالي."

٠٣‏/٠٩‏/٢٠٠٨

وات إز زيس ميسي


"هل تعرفون ميسي، هو ذاته لاعب الفوتبول الأرجنتيني الانتماء والكتلوني الهوى، هو جرو صغيرٌ مشاكس وفنان وموهوب يلعب بين الكلاب الضخمة الشرسة، بل ويفلت منها ويتلاعب بها فلا يتم إيقافه إلا بالخروج السافر على القانون، حتى إن مارادونا أسطورة الأرجنتين الفريدة من نوعها والتي لا يجوز المساس بها اعترف بموهبة ميسي وأشاد بها وتواضع أمامها، نعم مارادونا اللي ما بينخ لبيليه نخ لميسي،

ويمكن عم يتمنى يكون ميسي صهره بدل اللاعب الأرجنتيني الهداف أغويرو، يعني لو كان ميسي صهره كان مارادونا بيزور ميسي كل يوم عالبيت ووراه الصحافة لتصور كيف ميسي عم يبوس إيد عمه، وهيك بيضل هو الملك الرمز وبيصير ميسي كمان رمز بس تحت جناحات عمه، له كان حتى مارادونا بيحبه، وبيتمناه لبنته، أو بالأحرى لنفسه العميقة، لأنو بيصير كلما حط ميسي كول رح يقول المعلق العربي بالتحديد : هدف لميسي صهر مارادونا، مارادونا الأسطورة، مارادونا الملك، مارادونا الساحر، مارادونا المثال، وبينسى ميسي وكول ميسي وإبداعات ميسي وفنيات ميسي ومهارات ميسي وقوة ميسي ودأب ميسي وذكاء ميسي وجنون ميسي وعبقرية ميسي، بينساها ببساطة، بيتجاهلها، لانو بنحب الماضي أكتر، لأنو بنموت بالماضي، لأنو بنعبد الماضي، لأنو بنتجاهل المستقبل، بنطنشه، بنطنش رموزه القادمة، وفجأة لما بياخدوا مكانهم بنقول ولي ليش ما شفناهم، ليش ما حكينا بالخير عنهم، يالله خلينا نطبل مع المطبلين، ونشبك إيدينا بإيدين الدبّيكة، وننفخ مع المزمرين، لأنو بصراحة ما خرج نعبِّر عن إعجابنا هلأ والآن وبعد فوات الأوان من خانة الفهمانين والأحرار والمنصفين، لا .. خانتنا هي خانة الدبيكة والاتباع والمرددين والهتّافين والصناجين والمزمرين والطبالين، ليست خانة المتلذذين بالفن، المتذوقين للإبداع، المحترمين للموهبة، عشاق الطيور الحرة الفريدة النادرة، وعشاق الحياة، لا لا مكان لنا سيكون حتى لو أبدينا الإعجاب، بل لا يحق لنا الإعجاب، فمن نحنُ حتى نبدي الإعجاب، نحن سنتعجب فقط، شغلتنا نتعجب، عملتنا نتعجب، ألله خلقنا لنصفِّر هديك التصفيرة المتعجبة تبع اللي انعقد لسانه من كتر التعجب، لك حتى التصفيرة مو عجيبة، متعجبة، لأنو الإعجاب يا حبيبي بده ذوق وتذوق، وهدول بدهم خبرة وتعلم، والإعجاب بده حب ولطافة، وهدول بدهم حدا معايش وشايف، وهدول بدهم واحد حقاني وعادل، بقى مين بيطلع له يحب ميسي، غير اللي شاف ميسي، واستطعم حركاته وفوتاته وشوطاته، وحس بطفولته وبراءته وتواضعه واندفاعه وإخلاصه لبرشلونة وللأرجنتين ليس كفعل توازني، بل كفعل إنساني أصلي عميق إلى درجة أن ميسي نفسه لن يلمسه
إلى الضحكة الطفولية عندما خطف كرة من زميله ديكو وسجلها ضاحكاً فضحكتْ الملايين، إلى اللحظة التي أصيب بها فخلع حذائه وخرج وهو يعرج باكياً فبكت الملايين.

إلى روح ميسي الطاهرة الموارة بالحياة هذه الإشارات!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!."

٠٢‏/٠٩‏/٢٠٠٨

البحث عن بطل


"وكان أن سمعنا أن القدس محتلة، فقلنا بالله تالله لن ننام حتى نحررها، وقررنا إعداد العدة للتحرير، فجمعنا الفلوس اللازمة لحربنا القادمة ضد العدو اللي ما يتسماش، ثم جمعنا المقاتلين من فنيين وممثلين ومخرج وقررنا إنتاج مسلسل ضخم نحرر فيه القدس ونزيح هذا الهم عن قلوب شعوبنا التعبانة والعيفانة التنكة، ما حدا جاب سيرة البنزين الله وكيلكم، المهم مالكم بهالحديث وخلينا بحديثنا،

صارت أمورنا تمام، وأخدنا موافقة من الرقابة والإعلام، وقالوا لنا أنو ما عندهم مانع نحرر القدس، وصفي عنا يا شباب نجيب البطل، لأنو بلا بطل ما بيصير تبرير للتحرير، وبعد ما قعدنا واجتمعنا على عادة العربان في حب الاجتماع وعشقه إلى حد الذوبان اخترنا البطل، واتصلنا بجمال سليمان وقلناله يا أستاذ بدنا اياك تحرر القدس مقابل هداك المبلغ المجقوم، بالإضافة لوضع اسمك في مقدمة الأسماء المساهمة في التحرير، فقال لنا بأنه لا يفهم في الصحافة ولا يريد أن يعمل رئيس تحرير لأنو الزلمة شغلته ممثل، قلنا له فهمتنا غلط يا ابن الحلال، بدنا اياك تمثِّل دور البطل في مسلسل تحرير القدس، وهو مسلسل فريد من نوعه، وما صار منه أبداً من ستين سنة، فقال لنا معتذراً بلباقته المعهودة، أنو لا تآخذونا يا شباب، يعني كان بودي، ليش مين ما بيتمنى يحرر القدس من أيدي الأعداء، بس العين بصيرة والإيد قصيرة، لأني محكوم هلأ بأجواء العربان، وعم أشرب الدم من الفنجان، غير أني بعد الضهر عم أشتغل مع الشوام بأهل الراية، ويا ريتكم حكيتم معي من زمان كنا نسقناها وظبطناها، إذا بدكم انتظروني لبعد رمضان، ولكننا لم ننتظر وهرعنا إلى سلوم حداد وقلناله يا أخي يا أبا أمير ما لنا غيرك تحررلنا القدس، فقال لنا بأسى أنو مو فاضي لأنو علقان مع الحوت بسام كوسا وما فيه يترك الشباب لحالهم لأنو الحوت مو قليل، قمنا حكينا مع الحوت فضحك البسام كوسا وقال أنو هلأ موده شرير ومو فاضي لفعل الخير، فاتصلنا بالياخور باسم فابتسم وقال أنو مو بس مو فاضي، بل بالعكس وقته مليان، بين مصر والشام، وأنو يا ريتنا حكينا معه قبل، كان بطريقه من الشام لمصر حرر القدس عن طريق البر، حملنا درب طريقنا ورحنا لعند عبد المنعم عمايري قلنا لحالنا هادا فلسطيني ورح تدب فيه الحمية فقال أنو وقته مو ملكه هلأ، وقته هلأ كله لخيال وأشعار طويل العمر، ومو فاضي للصراع من أجل القدس لأنو فايت هلأ بالصراع على الرمال، ومنه اتجهنا لباسل خياط فأجاب بنفس الإجابات، وكذلك فعل قصي خولي اللي فايت السبع فوتات ومو فاضي يحك راسه، حملنا حالنا ورحنا على تركيا، قلنا مالنا غير يحيى، قام اعتذر لأنو عم يعمل شغلة جديدة مع لميس مكونة من ألفين حلقة كرمال عيون العربان، ورحنا لعند مهند، قام طلع نفس الشي،رجعنا خائبين ومرينا بطريقنا على مكسيم خليل، قام كمان اعتذر لأنو عم بينام بغرفة الدوبلاج تبع مهند، قعدنا وصفنَّا.. وقررنا تأجيل التحرير إلى رمضان القادم. فإلى القادمات من الأيام، يا محلا الانتظار."

٠١‏/٠٩‏/٢٠٠٨

كلمة مكونة من أربع كلمات


"فجأة تنفرد بنفسك للحظة بعد الركضة والركيض على مدى شهر أو شهرين أو ثلاثة، وتأخذ شفّة من الجمايكا بدون كحول تبعكْ.. وتتفعَّل الأحزان عندك، أوه.. أنت حزين ولكنك لم تكن منتبهاً إلى ذلك، كنت تمرح وتعمل وتخترع وتفشل وتمشي وتجلس وتأكل وتشرب وتحب وتعشق، دون أن تنتبه إلى ذلك الشعور المختبئ في أعماقك السحيقة، خائفاً من الظهور في لحظات غضبك فتسحقه، نعم يمكنك في بعض الأحيان أن تسحق حزنك، تخنقه، تقتله دون شفقة، ثم ترمي به إلى أعمق أعماقك حيث سلة محذوفاتك.

ويتغيَّر المزاج، يدخل صديق لك على الخط، ترفع الموبايل كله، لأنو لو كان تليفون أرضي كنت رفعت السماعة بس، وتتحدث وتدخل في عوالم المواعيد والتواعد مع رفاق شعر ورفاق عمل ورفاق مسرح ورفاق صحافة ورفاق ثقافة ورفاق جملة ورفاق مفرَّق ورفاق سوء ورفاق سوق.. وسوق هالأحزان سوقها معك، وين ما رحت خذها معك، وين ما قعدت خذها معك، ولا تنس أن تأخذ معك الجرن مشان تحط فيه الحزن، كما يقول أسلافك، فلا مكان للحزن مع كل هؤلاء الرفاق، لا أحد سيشم زفراتك في الشعر، لا أحد سيستمع لآهاتك في العمل، لا أحد سيشاهد دمعاتك في المسرح، لا أحد سيقرأ عبراتك في الجرائد، لا أحد سيحمل معك، لا بالجملة، ولا بالمفرق، ما حدا رح يحمل معك تنتوفة حزن، بل وإذا دهدرت لك شي دهدورة حزن على الأرض بدون علمكْ.. فممكن كتير يدعس عليها رفيق السوق وهو وعم يودّعَكْ، لا مكان لأن يخرج فيه حزنك إلى ساعة الشمس إلى ساعة التنفس إلا إذا كنتَ وحدَكْ.
ويأتيكَ أحدٌ ما، فتبتسم، وتقول لحزنك هامساً أن يختفي، تقول له ذلك برفق، هيا.. كلها لحظات وأعود وحدي وأخرجكْ، ثم يأتي أحدٌ آخر فتدفع حزنك برفق إلى الأعمق أكثر، فيفهم عليك أنو الوضع برة تأزم، وأنو طلعته عن قريب صارت شبه مستحيلة، فيعود أدراجه بخجل، ويتلمس جدران أعماقك وهو يزحط، يتسند بأكواعه وأصابعه وأظافره بأي شيء يصادفه من ذكريات قديمة مرحة غابرة، ينفض الغبار عنها، يحفر في طبقات الأيام والانشغالات والالتزامات حتى يصل إلى لحظة فرح، يمسكها بيده الرقيقة، للحزن يد واحدة فقط، وينفخ عليها بأنفاسه الحارة المقهورة، ويتاملها بفرح، حزنٌ حيٌّ يتأمل فرحاً راحلاً منذ ردحٍ من الزمن.
وها أنتَ الآن وحدك، فتخرج المشاعر متراكضة متزاحمة إلى بوابة الخروج حيث الحرية والهواء والأضواء، تتزاحم على الباب، فيختلط القهر بالغضب، والكآبة بالغم، والإحباط بالملل، واليأس بالتعب، والسيول بالحمم، والشلالات الهادرة بالأمواج المتلاطمة، والبكاء بالشهيق، والنحيب بالزفير، والملامة بالعتب، واليا حيف باليا حسافة، واليا ليلي بالياعيني، والذل بالرجاء، والمكابرة بالكبرياء، والفصحى بالعامية، والنحو بالإعراب، وهمومك بهموم غيركْ. حزن بكل اللغات.

حزن حزن حزن حزن.... كلمة مكونة من أربع كلمات."