٢٧‏/١٢‏/٢٠٠٧

الوحدات... مسبِّبات الفرح


"خرج العاشق الغرّ من منزله بعد أن استعار موبايل والدته ولطش منه 1200 وحدة دفعة واحدة، بعد ابتكار ميزة تشحيد الوحدات التي اخترعتها شركات الموبايل عندنا، وهي ميزة تحث على التكافل الاجتماعي، والتشارك بالأفراح والأتراح، ولم تفوت شركات الموبايل فرصة الإعلان عن معرفتها بقيمة هذه الميزة التي ابتكرتها فأعلنت وبكل ثقة أن قمة الفرح عند المواطن السوري هي حصوله على الوحدات التي بواسطتها يتواصل مع بقية المواطنين الفرحين مثله أو الحزانى لعدم حصولهم على مسبب السعادة الأول «الوحدات»، لذلك ولأن قلب الشركات كبير فقد نبهت المواطن الفرحان إلى أنه لا يجوز أن يتمطعز على تخته ويتحدث عبر موبايله فرحاناً وجاره جالس يتأمل موبايله الأعزل من الوحدات حزيناً، وسبحان الله فإن الموبايل الخالي من الوحدات لا يرن أبداً!!..
وصل العاشق الغرّ إلى مقصف الجامعة وجلس مع أصدقائه ووضع موبايله على الطاولة بفخر واعتزاز، وكانت المعشوقة التي أعطاها رقمه منذ أسبوع جالسة معهم إلى الطاولة، وكان كلما سأله أحدهم إذا كان هناك وحدات في موبايله ناوله الجهاز بثقة وكرم قائلاً وهو ينظر إلى المعشوقة نظرة ذات معنى «أحكي ع كيفك معي 1200 وحدة»، ويبدأ الأصدقاء باستعارة الموبايل متحدثين منه تارة ولاطشين منه بضع مئات من الوحدات على أساس أنو ما راح يأثروا عليه، وفي هذه الأثناء تكون السيدة الوالدة قد استلمت رسالة من الشركة مفادها أنه تمَّ تحويل كل وحداتها إلى ابنها الحبيب العاشق الغر، وبالطبع فستصاب الأم بالجلطة بسبب الفرح الشديد لأنها استطاعت أن تهدي طفلها كمية كبيرة من مسببات الفرح وسيتم نقلها إلى أقرب مشفى حكومي طبعاً، وهناك ستعالج بشكل طبيعي ذاتي دون أي تدخل من الأطباء أو الممرضين لأنهم يتمتعون بمسببات الفرح طيلة الدوام وهم يتحدثون على الموبايل، وبعد أن تشفى الأم ذاتياً تقسم أعظم الأيمان أنها ستضع الموبايل من الآن فصاعداً في «عبّها» أسوة بالنقود.
يعود العاشق الغّر إلى المنزل وبعد أن يأكل البهدلات ويأخذ منه والده موبايله محاولاً استرجاع الوحدات المنهوبة ولكنه يفاجأ كما يفاجأ العاشق الغر بأن أصدقاءه نهبوا وحداته التي نهبها من السيدة الوالدة، ويدخل إلى غرفته وهو يمسح ريق والده يلي زي العسل من على وجهه، ويرن موبايله رنة وحيدة فيفتحه ليجد أن المعشوقة قد نخت وعملت له ميسد كول، وسرعان ما يستخدم العاشق الغر ميزة «حاكيني» مستعيناً بالشركة ولكن أصدقاءه لا يحاكونه على الرغم من الواسطة الثقيلة التي استخدمها ألا وهي الشركة أو «الجاهة»، وينتظر العاشق وينتظر إلى أن تصله نجدة سريعة من صديق مخلص ويحاكيه فيطلب منه أن يشحده بعض الوحدات كي يتحدث مع محبوبته بعد أن يشرح له كل التفاصيل، فيقول له الصديق المخلص أن يختصر في الحديث معها لأنه سيرسل له فقط عشر وحدات وهي يادوب تكفي لكلمة واحدة، ويفكر العاشق بعد حصوله على الوحدات العشرة بالكلمة التي يجب أن يقولها لمحبوبته ويصل إلى الكلمة المطلوبة بسهولة وهي «بحبك»..
أرأيتم لماذا أصبحت كلمة «بحبك» منتشرة ورخيصة إلى هذه الدرجة!!.."